15 أكتوبر، 2024 11:16 ص
Search
Close this search box.

المرجعية تضع خطوط حمراء على موازنة 2015 الاتحادية

المرجعية تضع خطوط حمراء على موازنة 2015 الاتحادية

تناول سماحة السيد احمد الصافي في خطبة الجمعة بكربلاء المقدسة أمس ( 16/ 1/ 2015 ) موضوع الموازنة الاتحادية وما يكتنف إعدادها بشكلها الحالي من تفاصيل وثغرات وأهداف , مشيرا الى الحل الأساسي الذي يمكن ولوجه لمعالجة مشكلة العراق الاقتصادية يجب ان يكون من خلال تشجيع الانتاج المحلي وتفعيل المؤسسات الإنتاجية في العراق , من منشآت الصناعة والزراعة والخدمات الحكومية والأهلية المعطلة والمتوقفة عن العمل ، هذا التفعيل الذي من شأنه رفع الضائقة المالية عن البلد وتوفير فرص العمل للعاطلين , ويزيد من قيمة الدخل الاجمالي للعراقيين ويحافظ على رصيد البلد من العملات الأجنبية التي أخذت تتناقص بسبب انخفاض اسعار النفط وهدر الاموال بالاستيراد وبما يعزز الأمن الوطني .

لقد طالب بعض السياسيين بتشجيع ودعم الانتاج المحلي طيلة السنوات العشر الماضية , ولكنها كانت مجرد أقوال وكلام وأحاديث لم تجد تطبيقا على ارض الواقع ، وبَقى العراق يستورد كل شيء والإنتاج المحلي يتدهور يوما بعد آخر ، ومن هنا نستطيع فهم دعوة المرجعية الدينية العليا بضرورة إيقاف مسلسل الإغراق الاستيرادي والتحول الحقيقي نحو سياسة دعم الانتاج المحلي , وبالتأكيد فان هناك الكثير من الجهات المؤيدة لتوجيهات المرجعية الدينية بهذا الخصوص , وفي مقدمتهم العاطلون عن العمل والمنتجون في المجالات الزراعية والصناعية والخدمية ومسؤولي وموظفي المنشآت الإنتاجية الحكومية والمختلطة , والمخلصون لهذا البلد من مسؤولين وسياسيين ومختصين ومواطنين عاديين ، وهؤلاء يشكلون كتلة بشرية كبيرة جدا .

اما الكتلة التي تقف ضد سياسة دعم الانتاج المحلي , فتضم كل المنتفعين من الجهات الخارجية والداخلية التي تريد إلحاق الضرر بهذا البلد , ومنهم الفاسدون والذين يستغلون الاستيراد لتهريب الأموال ومهربوا العملات الصعبة وأصحاب المصالح الخارجية , فضلا عن الدول التي تصدر السلع للعراق فقد وجدت بلدنا أسواقا واعدة لها , مما ادى الى توفير ملايين الوظائف لمواطنيها وعززت موازين مدفوعاتها وطورت اقتصادياتها ب (رؤوس ) العراقيين , فضلا عن بعض المؤسسات الإعلامية التي تمول او تدعم من هذه الجهات والتي تناولت خطبة السيد الصافي من دون التركيز على دعوته لتشجيع الانتاج المحلي .

وبالمقارنة بين الكتلتين ، فان الكتلة الثانية المضادة للإنتاج المحلي , هي المستفيدة من ضعف الانتاج المحلي فهي غالبا ما تكون لها مساعي للتأثير على اصحاب القرار الفعلي في العراق ، وان الكتلة الاولى التي تضم الملايين من العاطلين عن العمل والفلاحين والصناعيين وموظفي المنشآت الحكومية الإنتاجية , لا تستطيع لوحدها تغيير هذا الوضع وليس لديها القدرة على مواجهة مصيرها المظلم بسبب ضعف امكاناتها امام خصمها الذي يملك السطوة والمال والإعلان وقلة الضمير ، ولكن هل حان الوقت لتغيير موازين القوى بين الكتلتين ؟ , سيما وان المرجعية العليا قالت كلمتها ووضعت اليد على الجرح , ويفترض ان يكون دخول المرجعية عاملا لتسريع تغيير المعادلة لصالح الانتاج المحلي .

فالمرجعية لا تستطيع الوقوف متفرجة على تدمير الاقتصاد العراقي وقطع أرزاق الملايين ورهن مصير العراق بيد الدول المصدرة ، وهي قادرة على إيقاف الجهات المضادة لمستقبل العراق عند حدها , حتى لو اضطرت لتحريم استخدام السلع المستورة التي تنتج محليا كما عملته سابقا بالنسبة للتنباك ( او كما عمله غاندي تجاه الصناعة البريطانية ) ، نأمل من الحكومة ان تستجيب لدعوة المرجعية وان تعمل على تشجيع الانتاج المحلي العراقي ، وان العمل بهذا التوجه الوطني والشرعي يستدعي الاعتماد على الكفاءات الوطنية المختصة في وضع الاهداف ومسارات التطبيق , صحيح ان هذا العمل صعب ويحتاج الى قرارات شجاعة , ولكن هذه الصعوبات تستحق التضحيات امام مستقبل العراق والاستجابة لدعوات المرجعية التي تعكس تطلعات الشعب العراقي وآماله بالعيش الكريم والتمتع بما انعم الله علينا من خيرات.

أحدث المقالات

أحدث المقالات