عاشت المرجعية الدينية أمرا بين أمرين، وعملت على شقين في عملها السياسي, اعتمدت تارة على التوجيهات البعيدة، وإبداء الرأي وإيضاح الأمور التنفيذية، وتارة بالتدخل المباشر في القرارات السياسية. وخلال الأعوام العشرة الأخيرة، تكبدت المرجعية مسؤوليات عدة على عاتقها، وقد دعمت العلمية السياسية، بما يكفي لتمريرها، حتى سحبت يدها لما راءت فشل الأقطاب السياسية في إنجاحها.
الثمانية أعوام المنصرمة الأخيرة، تبنت المرجعية الدور الإرشادي فقط، وعملت من خلال منابرها على صوت المواطن في إحقاق حقوقه، وكانت تمثل أيضا، شبه المقاطعة للعملية السياسية، حتى تحولت البيانات الأخيرة لها، تحتوي على علامات فشل الحكومة الحالية، والضجر من تصرفاتها، بينما كان في السابق، باب المرجعية مفتوح لجميع السياسيين، والآن بات موصدا بوجه الكثير.
اليوم ونحن على مقربة من الانتخابات، وبداية العرس الجديد لتصحيح الخطأ، نرى تدخل المرجعية قد أصبح مباشرة جدا، حتى ابرزت سبابتها وأشارت للمخطئين، إرهاصات خطيرة وحذرة، من التدخل المباشر في تصحيح الماضي، ويعني ذلك أن المرجعية مشتاقة للتغيير الرئاسي، وإنها قد شخصت السلبيات في مضمون العملية والسياسية.
خطابات المرجعية الأخيرة، من على منابر الجمعة، تبين مدى سخطها الواضح، وعزمها على سلك الطريق الجدي للاختيار الصحيح. حتى وصل الخطاب، إلى البيان الواضح في المفردة، والمخاطبة الصريحة للناخبين، على عدم انتخاب الأشخاص نفسهم، لتشكيل الحكومة الجيدة. وأشارت إلى اختيار من تعهد لكم مسبقا، برفض التقاعد البرلماني.
هنا يأتي السؤال والخاتمة، من “تعهد لكم برفض التقاعد البرلماني؟”. ومن هو”المسؤول الفاسد على حد تعبيرها؟”. هذه المؤشرات والخطابات جميعها، تشير إلى تحويل الرئاسة الجديدة إلى الكتل الأقوى والموثوق بها. وأناطت مهمة تشكيل الحكومة الجديدة، إلى “كتلة المواطن وحلفاءهم التيار الصدري”، المنضوية تحت أقوى الكتل الشيعية في الساحة السياسية. والمنافس الأقوى للحزب الحاكم.
بات التغيير ليس حلم الناس فقط، بل مسؤوليتهم أيضا، عن طريق التصويت للأفضل والأصح، وهذا ما عملت عليه المرجعية في الآونة الأخيرة، حتى تبرأ ذمتها من الاختيار القادم.