23 ديسمبر، 2024 8:27 ص

المرجعية الدينية منصب الهي ….. لا تلوثوه بنجاستكم ؟!

المرجعية الدينية منصب الهي ….. لا تلوثوه بنجاستكم ؟!

كثيرة هي الأديان التي نزلت الى الارض عبر أنبياء كانت غايتهم هداية الناس الى الطريق السوي ، فمنهم من استطاع بناء مجتمع انساني الى حد ما ، ومنهم من حاربته أمته ، وهكذا توارثت هذه الامة عدائها لانبيائها ورسلها ، ونبي الامة وهاديها المصطفى محمد (ص) ليس بعيداً عن بغض قومه له وعداء عُبَّاد الأصنام له ، حتى اتهموه بأبشع الاتهامات ، وما ذنبه سوى انه يريده هدايتهم الى الحق والعدل والمساواة .
المرجعية الدينية توارثت هذه الظاهرة حتى اصبح العداء لهذا المنصب امر يتصف به كل من لا يعتقد به او من هم محسوبين على المتدينين ، فبدأت الاقلام والعقول الفاسدة تنال منها ، ليس الا كونها تقرا الواقع الداخلي للبلاد ليس من منظار المراهقين او الذي لا يعلم وقت صلاة الصبح متى ، بل من منظار نظرتها المستمدة من توفيق الله ورؤيتها للأحداث ، وأصبحت ظاهرة السب والشتم والانتقاص منها وابعادها عن جمهورها هي من أولويات اصحاب الكراسي المزخرفة والذين اصبح دأبهم ايجاد الفرقة بين المرجعية الدينية ومحبيها واتباعها، وهنا لابد لي من ومضات تضع النقاط على الحروف لهذا المنصب الالهي والتي هي :-
١) ان منصب المرجعية الدينية هو منصب الهي لا يمكن باي حال من الاحوال ادعاء شخص انه مرجع الا بتوفر شروط مهمة البعض منها موجود في كتب الفقه والاصول والقسم الاخر هو اختيار وتوفيق رب العزة ، كونه منصب يمثل نيابة صاحب الامر (عج) ، فلا يصح عرفاً ولا شرعاً ان يكون الوكيل فاسد للأمام المعصوم ، هذا ان كنا نعتقد بالإمام المعصوم فعلاً !! ، وهذا الشي متفق عليه عند جميع العلماء ومراجع التشيع ومنذ ولادة المدرسة الصادقية في النجف الأشرف .
٢) المرجعية الدينية منصب أبوي ينظر الى الجميع بعين واحدة ، دون النظر بعين قاصرة الى مكون دون مكون اخر ، ومن يقف عند هذا المنصب ينظر الى الجميع كونهم بنفس المستوى ، وهذا ما جعل المرجعية الدينية العليا محترمة ومقبولة عند المكونات الاخرى ، بل هي محل تقدير واحترام عند الدول الإقليمية والدولية لمواقفها المتوازنة من مجمل الوضع الداخلي والخارجي .
٣) المرجعية الدينية العليا ذات الألف عام من التاريخ الطويل والمملوء بالمواقف البطولية والشجاعة من جميع الحكام الذين حكموا العراق منذ تاسيسه ، فكانت تعطي المواقف بما يتسق ومصالح الدين العليا ، دون ان تنظر الى مصلحة مذهبية او فئوية ضيقة ، واستطاعت من كسب احترام وتقدير حتى الخصوم والمعاديين لها ، لهذه المواقف والتي اتسمت جميعها بالوسطية والاعتدال ، والمواقف كثيرة ومعروفة وآخرها معاصرة حفيد العباسيين ومؤسس حزب البعث الفاشي والذي كان سلاحه الحديد والنار والتعذيب للعلماء ومراجع الدين ، دون وازع ديني او اخلاقي او انساني ،ووقفت واستطاعت من حماية التشيع وحوزته ، ومحبيها واتباعها ،وخير مثال في ذلك السيد الامام الخوئي (رض ) والسيد الامام السيستاني (دام حفظه ) ، وكيف كانوا جبالا صماء لم يهتزوا امام ماكنة البعث الاجرامية .
٤) المرجعية الدينية العليا ليست محل طلب للأهواء او الرغبات او الميول الحزبية والتي اغلبها فاسد ، بل هي ذلك المنصب الذي يسمو فوق الجميع ، وينظر الى الجميع بعين واحدة ، ويعطي الموقف بما يحفظ الدين واتباعه ، دون النظر الى مصلحة هذا الحزب او ذاك التيار ، بل هو موقف ورأي فيه التأمل والتفكر والتدبر .
٥) المرجعية الدينية تراقب الأحداث السياسية في البلاد ، وكانت تقف عند كل موقف ومنعطف يحتاج الى بيان رأي ، وكانت تعطي موقفها الصريح من اي اجراء تقوم الحكومة العراقية حتى اصبح منبر الجمعة من الصحن الحسيني  الطاهر هو لسان حالها والناطق الرسمي باسمها ، وفيه اعلان لبيانها من جميع المواقف التي تحتاج الى رأي واضح وصريح .
٦) المرجعية الدينية لم تقف موقف المتفرج يوماً من القضايا ، والذي يتابع بدقة مواقفها عبر مواقعها على الأنترنت اى عبر وكلائها ومعتمديها ، يجد ان المرجعية لها رأي في كل الأحداث والتي تحتاج موقف ، والتي استطاعت هذه المواقف قلب الطاولة عدة مرات بوجه المتآمرين سواء في زمن الاحتلال او الان ، وكيف انها استطاعت من إنقاذ البلاد اكثر من مرة من منزلق الحرب الأهلية ، ومن ينظر بوعي الى مواقفها يجد انها كانت كانت مصداً لكل المؤمرات التي كانت تحاك ضد العراق وشعبه .
ان من يحاول زج المرجعية الدينية العليا بصراعاته وحقده ، ومحاولة تعويض غضبه على الحكومة عليه ان يعيد التفكير ، لان المرجعية الدينية لم تكن يوما ظلاً او خيمة للفاسد والسارق ، بل هي نأت بنسفها عن هذه البيئة النتنة والتي لم تخرج لنا سوى الفاسدين والمنحرفين ، وما خطاب المرجعية الدينية عبر منبر الجمعة الا مصداق لوقوفها امام اهل الضلال الذين يحاولون زجها في صراعاتهم السياسية التي خربت البلاد ، وسرقت خيراته حتى امتلئت بنوك الخارج باموال سياسي الصدفة ، وذهبت ثلث أراضيه بيد الارهاب الداعشي .
كما ان المجتمع العراقي يتحمل مسؤولية كبيرة تجاه المرجعية ، وعليه ان ينظر الى مراجعه بعين انها أبوية للجميع ، وتنظر الى مصلحة الدين والوطن ، ولا تنظر الى مصالح هذا او ذاك ، او تنصر هذا وتحارب ذاك ، لهذا هي مرجعية تحفظ الجميع وللجميع ، لهذا كله فان اي فكر اسود يحاول تضليل الجمهور او الاساءة الى تاريخ مضرج بالدماء للمرجعية الدينية فمصيره الخذلان ومزبلة التاريخ ، فأين صدام وبعثه واين المرجعية ، واين الحكومات التي حاربت المرجعية على طول التاريخ ، لهذا ستبقى المرجعية الدينية الصخرة التي تتكسر عليها جميع المؤمرات الخبيثة ، والأقلام السوداء المأجورة ، لان نصر المرجعية هو نصر للأمام المعصوم (ارواحنا لتراب مقدمه الفداء ) .