قد يعتقد البعض ان صمت المرجعية الرشيدة ضعفاً، وأن عدم تدخلها في بعض المواقف تردداً، أو خوفاً، أو لا سمح الله جهلاً، كما صرح بعض السياسين بذلك!!، إن الجهل كل الجهل يكمن في هذا الاعتقاد، الذي اثبت خطأه مراراً وتكراراً عبر موجات حقب التاريخ المتلاطمة …
المرجعية الدينية هي إمتداد مشروع سماوي تجسد في شخص الرسول(ص) وأهل بيته الكرام، فكانت نبراساً مضيئاً، لأدارة أمور الدين والدنيا، متخذةً (اي المرجعية) سبيلاً حرجاً جداً، لايفهمه الا اولو الالباب، والخُلص من الانصار العقائديين …
لجأ السياسيون بعد سقوط النظام المقبور عام 2003 وبكافة اطيافهم، من الاحزاب الاسلامية وغير الاسلامية، الى مكاتب المرجعية الدينية، في محاولة منهم لكسب الرأي العام العراقي، من خلال أظهار تواصلهم مع المرجعية، لأنهم يعلمون بأن المرجعية صاحبة الثقل الجماهيري الأكبر، وهم يعلمون أيضاً بأن المرجعية لن ترفض اي شئ فيه مصلحة البلاد والعباد …
كان السياسيون يظنون كما ظن اسلافهم من بنوا العباس، بأن المرجعية الدينية ستساهم في وصولهم الى مآربهم الدنيوية الرخيصة والدنيئة بعد أعطائها وعوداً، فان هم تمكنوا من ذلك تنصلوا عن وعودهم، ثم يعملون على ازاحة المرجعية، بل ويعملون على إسقاطها ولكن يأبى الله إلا ان يتم نوره ولو كره الكافرون …
بالفعل وصل الى دفة الحكم مَنْ كنا نظنهم أهلنا، ممن كانوا أهل دين وتقوى، وأصحاب مشروع سياسي ناضج!، والذي ضحى من أجله خيرة شباب العراق، بأنفسهم ودمائهم، وصلوا الى الحكم بفضل توجيهات المرجعية الدينية، ومحاولتها لرص الصف العراقي، حيث وجهت المرجعية الى السير وفق مبادئ العفو والتسامح من جهة، والصلح من جهة أخرى، حيث جعلت منهما مبدئين أساسيين لأقامة دولة ناجحة، تحفظ للجميع حقوقهم …
وصل حزب الدعوة الى دفة الحكم، وصعد شخص لا يعرف الشعب عنه شيئاً!!، وبالرغم من ذلك التف الشعب المتفائل! حول حكومته الجديدة، التي ظن انها تمتلك مشروعاً ورؤيا سياسية تعمل على إخراجه من واقعه المزري !!، لكن ما حصل هو العكس، حيث تفرد هذا الحاكم بالسلطة، وجير حلفه لصالحه بعد أن أبعد قادته الاصليين، وقرب البعثيين السابقين، واعطاهم اهم المناصب الادارية والتنفيذية، ثم جير مجلس الوزراء والجيش والقضاء!! وأعاد البلاد الى ما كانت عليه من فساد مالي وإداري، مما أدى الى ظهور أزمات متتابعة، أوصلت البلاد الى شفا حفرة من نار…
أمتنعت المرجعية الدينية عن مقابلة السياسيين، وعدَّت ذلك استنكاراً لهم، ولعملهم السياسي الفاشل، ثم بدأت بارسال رسائل هامة للشعب، والقوى السياسية الشريفة، عن طريق وكلائها من خلال خطب الجمعة، وبعض البيانات المكتوبة، فظن الجهلة أنهم استطاعوا تحجيم دور المرجعية، فتحركوا بخطتهم الثانية والتي كانت مكشوفة، ألا وهي اسقاط المرجعية الدينية! …
لم يكن يعلم هؤلاء بان المرجعية الدينية، أشرف وأنظف منهم ومن عملهم، فلم يكن يشغلها الا مصلحة الوطن والمواطن، ولذلك فالمرجعية أرادت ان تحافظ على المشروع الديمقراطي الذي جاهدت من اجله، فأنتظرت موعد الانتخابات البرلمانية لأحداث التغيير …
بالفعل، فبالرغم من التزوير والتلاعب، والحصول على اكثر من 100 مقعد في البرلمان، لم يستطع الاخر المقاومة، وسقط امام مشروع المرجعية الرشيدة، حيث التف الشعب والقوى السياسية الشريفة تحت خيمة الوطن، وعمودها الشامخ (المرجعية الدينية) وتحقق التغيير، والذي لازال الأخر لا يريد الأعتراف به، ولو أنه إعترف به ظاهراً، ولازال يحاول جاهداً إفشال العملية السياسية، ولكني أعده بأنه سيتلقى هذه المرة الصفعة الموجعة، ألا وهي تشكيل الحكومة، وتحويله وجلاوزته الى المحاكمة العادلة …
حفظ الله علمائنا الربانيين، وجيشنا العراقي الباسل، من ابناء الحشد الشعبي، الذين لبوا نداء الوطن، وهبوا للجهاد في سبيل انقاذه، وخلاصه ممن اراد السوء به وبأهله