لا تمثل المرجعية الدينية الشيعية دورا دينيا فقط –رغم انه دورها الاساسي- لكن المرجعية لها افاق اوسع, من خلال نظرتها الثاقبة والحيادية للأمور.
تمتلك المرجعية الدينية في النجف الأشرف, عمقا روحيا وعقائديا كبيرا, في نفوس أتباعاها, بل عامة العراقيين, وقد انهمكت المرجعية خلال فترة ما بعد سقوط النظام البعثي, في توجيه الشعب العراقي وإرشاده, ومحاولة تعديل دفته, بما يحقق مصلحة هذا الشعب الذي عانى الأمرَّين من الحكومات الديكتاتورية.
تدخلت المرجعية, وأجبرت المحتل على أن يستجيب لمطالب الشعب, في كتابة دستور بأيادٍ عراقية, وأُقِرّت الانتخابات, وأُجْبِرَ المحتل أن يخرج من العراق ذليلا, ووقفت في حلحلة أزمات العراق الداخلية كمعركة النجف وغيرها.
كان شعار السيد السيستاني دام ظله دوما, “ليس لي أمنية إلا أن أرى العراقيين سعداء” نعم كان هذا همُّ هذا الرجل صاحب القلب الكبير, الذي يشع بساطة وتواضعا, وهو يستقل أبناءه العراقيين, ويحزن لما يصيبهم من تفجيرات ومشاكل, وتخبط حكومي لم يقوى للنهوض بواقع العراق نحو التطور والنمو.
رسالة السيد السيستاني كانت رسالة إنسانية خالصة, لم يفرق بين عراقي أو آخر, ولم يلتفت إلى المسميات, فعنده سواء, الشيعي والسني, والمسيحي والكوردي, والتركماني والشبكي, وكافة الأطياف المشكلة للون العراقي.
حينما داهم إرهاب داعش, وقضم مناطق العراق, وخصوصا المناطق المختلفة مذهبيا مع موقع المرجعية الدينية في النجف, تصدى سماحته لاحتضان المهجرين من تلك المناطق, على اختلاف توجهاتهم, ووجه دام ظله المجتمع لوجوب رعاية حرمة هؤلاء المهجرين, والنظر إليهم بعين الإخوة, وقدم المساعدات الكبيرة لهم وآواهم, وصرف عليهم من أموال الحقوق, ودعم كل ما من شأنه مساعدتهم على تجاوز محنتهم.
خلال معارك التحرير من دنس داعش بعد فتوى المرجعية, وما تقوم به قطعات الجيش والشرطة, وجموع المقاتلين من مواجهات مع تلكم العصابات, كانت عين المرجعية على المعركة, متواصلة مع المقاتلين بوصاياها, ووجوب رعاية المدنيين, وعدم تعريضهم للخطر, وقد قالت المرجعية مقولتها المشهورة “إن حفظ ارواح المدنيين اهم من مقاتلة العدو”.
الإنسانية التي تحملها المرجعية, هي دروس لكل من يبحث عن القيم السامية, والأخلاق الرفيعة, ولكل من ينظر للإنسان على انه إنسان بغض النظر عن الانتماء.