19 ديسمبر، 2024 12:39 ص

المرجعية الدينية….. تقف مع من ؟! 

المرجعية الدينية….. تقف مع من ؟! 

ربما ليس جديداً موقف المرجعية الدينية في النجف الأشرف ، ووقوفها على مسافة واحدة من جميع الكتل السياسية والمكونات ، بعد ان تمكنت بحكمتها المعهودة من وضع أسس سليمة لبناء الدولة المدنية في البلاد ، وجل المواطن مشاركاً حقيقياً في صنع القرار السياسي لمستقبله ، كما لم يعد خافي الدور الفريد الذي قامت به المرجعية الدينية في درء خطر الفتنة الطائفية في البلاد ، وحقنت دماء الأبرياء من جميع الطوائف ، والوقوف بوجه خطر داعش ، بعد تهديدها مدن العراق ، وسقوط ثلثه بيديهم ، وبعد فشل جميع المكونات السياسية الحاكمة في حماية وصيانة البلاد ، وحفظ أمن المواطن العراقي ، ولكن الجديد في الرؤية هو ان المرجعية الدينية وقفت وتقف موقفاً حازماً حاسماً من الجميع ، دون اي مجاملة مع تلك الجهة أو هذه ، أو ربما تحاول الإيحاء انها تقف مع هذا الطرف أو تلك ، وهذا الامر ما نحاول الوقوف عنده ، وقراءة وتحليل أسباب جعل المرجعية تقف هذا الموقف من الكتل السياسية ، وهنا لا بد من طرح تساؤل مهم ؛ ما هي فلسفة المسافة الواحدة من الجميع ؟!
المرجعية الدينية وعبر تاريخها الطويل ، والذي يمتد الى اكثر من الف عام ، كانت واضحة المواقف ، ولَم تكن تجامل أحداً ، ولا تحابي احد على حساب احد ، ولكنها في نفس الوقت تُشخِّص الحالة ، وتعطي الموقف المطلوب دون اي تردد ، وهذا ما لمسناه من المرجعية الدينية العليا في النجف ، والتي تعاطت مع المواقف بتلك الحكمة المعهودة ، إذ انها أعلنت الموقف الحازم ، ورفضت اللقاء باي سياسي عراقي ، واعلنت سياسية ” غلق الأبواب ” امام الجميع ، ليعلم الشعب العراقي ، ان هذه النخبة السياسية التي حكمته ، لم تكن امينة معه ، وأنها ترفع اليد عن اي فاسد مهما كان قربه أو بعده عن المرجعية الدينية ، وهذا الامر اصبح مكشوفاً للجميع ، من ان الحكومات المتعاقبة على حكم العراق بعد سقوط النظام ، والتي هدرت اكثر ٨٨٠ مليار دولار ميزانيات العراق ، وذهب أكثرها في جيوب الفاسدين ، لهذا وعبر منبر الجمعة في الصحن الحسيني المطهر ، كان الموقف معلناً كل أسبوع ، من ان المرجعية لا تقف مع احد ، وأنها ترى الجميع بنفس الرؤية ، وينفس المنظار ، وهذا الشي بحد ذاته سلبي للأحزاب والتيارات الاسلامية ، والتي رفعت واعلنت رايتها انها مع المرجعية الدينية العليا ، وفِي نفس الوقت تقف بوجه اي توجيه فيه صلاح البلاد ، ومصلحة الشعب المرتهن . 
رفض المرجعية الدينية العليا لقاء وفد التحالف الوطني خلاف اليومين الماضيين ، أخذ يلقي بضلاله على المشهد السياسي ، خصوصاً وان الحاضرين هم من الشخصيات المهمة والبارزة على الصعيد السياسي ، وما تلاه من بيان للسيد الخفاف ممثل المرجعية والناطق الرسمي باسمها ، وتوضيح حول ملابسات رفض سماحة الامام المرجع الأعلى للطائفة الشيعية ، ما هو الا موقف صريح وحازم وحاسم ، من الأوضاع المرتبكة التي تعصف بكيانات التحالف الوطني ، من تباين المواقف من التسوية السياسية ، وغيرها من مواقف تعطي انطباع وإيحاء ، ان مواقف التحالف الوطني غير متوافقة ومتفقة على موقف تجاه الأوضاع السياسية “مابعد داعش ” ، وكيفية التعاطي مع بنود التسوية السياسية ، ودراسة توقيتها ، ومدى نجاحها في البلاد . 
اعتقد من الضروري اعادة النظر في مواقف التحالف الوطني ، وكيفية تعاطيه مع المواقف السياسية والتي فيها طابع يلامس مصالح الشعب العليا ، وخصوصاً بعد بيان السيد الخفاف ، اصبح من المهم ، ان يكون هناك رؤية واضحة لدى التحالف الوطني ، تكون متماشية مع الرؤية التي تسعى أو تريدها المرجعية الدينية ، كما ينبغي على الكتل المنضوية داخل التحالف الوطني ، وبغض النظر عن ولائها الديني أو السياسي ، ان تراعي مكانة هذه المرجعية الدينية في العراق ، وان لا تتخذ مواقف تكون بالضد من مواقفها ورؤيتها للواقع ، لان اي موقف بالضد من المرجعية سيكون مصيره الفشل ، ومكانه مزبلة التاريخ .