حديث مقتضب لسماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني حيث يقول ” أتمنى أن يكون في العراق حزبان كبيران من مختلف مكونات الشعب العراقي ، ويتنافسان في الانتخابات على أساس البرامج، فالفائز يشكّل الحكومة ،ويبقى الآخر مراقباً للأوضاع كما في كثير من البلدان ”
في هذا المقطع المهم لسماحة المرجع والذي وضع فيه معالم خريطة أي عملية سياسية في البلاد من خلال تشكيل نواة لتحالفين يمثلان كل المكونات السياسية في البلاد،ويشاركان في الانتخابات على أساس هذا التمثيل ،وتقديم برامجهم للجمهور لإقناعه، والخروج من دائرة سرقة أصوات الناخبين ومحاولة إغراءهم بالمال أو تهديدهم وابتزازهم،والركون إلى الأصوات بدل التحالفات المهزوزة والضعيفة والتي تفتقر إلى أي مقومات للنجاح وتسقط في او اختبار سياسي .
أن أي انتصار لهذه الكتلة أو تلك لا يحسب إلا لتلك الجهة السياسية، وأن واقع العمل السياسي يفترض أن يكون بالصورة المتحضرة تلك ، بدل كتلة الأحزاب هذه والمنتشرة بشكل مرعب ، فباستطاعة عشرة أفراد تشكيل حزب والمشاركة بالانتخابات وتشتيت أصوات الناخبين، وتوجيه الرأي العام نحو قوائم ضعيفة تسقط في التجربة الانتخابية سريعاً .
هذه الرؤية عندما تخرج من عقلية يتحدث عنها الجهلة والسذج أنها تختص بالحلال والحرام وعليها ان لا تتدخل في العمل السياسي، علينا أن نقف عندها طويلاً فمن يريد أن يكون البلد بهذه الصورة المتطورة سياسياً وديمقراطياً ليس له غاية سوى الخروج من سياسة الأزمات التي وضع المتخلفين والجهلة مصير البلاد فيها،ويكون على حافة الانهيار في أكثر من موقف ويعرضون أمن الوطن للخطر ليأتي رجل الدين ويضع الحلول للازمات والمشاكل ويوجه الأمم المتحدة ويضع موازين القوى في المنطقة عند حافة العراق ليكون صوتاً مسموع ورأي مع كل الآراء الأخرى فلا صوت يعلو على صوت الوطن،وهذا كله بفضل صاحب هذا البيت في إحدى أزقة النجف الأشرف القديمة ليضع معالم دولة برمتها، ألا يذكرنا هذا الموقف وهذه الرؤية بعقلية وصي رسول الإنسانية الإمام علي (ع) وكيف استطاع من بناء منظومة حكومية متكاملة، وأسس لدولة قوية تهدمت عند حدودها كل المؤامرات، ولولا خبث وغدر آل أمية لكانت هذه الدولة تسمو وتزدهر إلى يومنا الحاضر.
موقف المرجعية الدينية هذا ليس غريباً ولا جيداً على تاريخها الكبير في الوقوف مع شعبها وأمتها،وعلى الحكومة العراقية إذا كانت حريصة على بناء مستقبل البلاد وحماية مواطنيه والحفاظ على مصالحه الاستماع لخطاب العقل، والاعتدال وحماية الدم الإنساني مهما كان شكله أو قوميته،لأنها كانت وما زالت تلك العقلية التي وقفت وناهضت ودعمت ، واستطاعت بتلك الحكمة ان تسجل موقفها وتضع بصماتها في سجل التاريخ .