المرجعية الدينية لدى اتباع اهل البيت (ع) موقع مهم ومتميز في نفوسهم ، بل في نفوس المسلمين عامة ، اذ كانت الخلف والأداة التي تعصم المومنين من الوقوع في الخطأ والانحراف، ومسيرتها الطويلة في الاجتهاد واستنباط الأحكام الشرعية حتى الوصول الى الإحاطة الواسعة والتي يعبر عنها بالاعلمية ، ناهيك عن السيرة النقية من زهد وورع وعدالة وتقوى ، لذا يعتقد اتباع اهل البيت (ع) ان المرجع الديني هو حلقة الوصل بين الامام المعصوم والمؤمنين ، كما ان مهام المرجع الديني الاعلى للطائفة لا يمكن ان تقف عند الاجتهاد والإفتاء والتدريس ، والعبادات والمعاملات وغيرها من المسائل الابتلائيه ، بل يتعدى ذلك الى الرعاية والاهتمام بمصالح المجتمع عموماً ، والدفاع عن حقوقهم ، واتخاذ المواقف الحاسمة عند الضرورة تجاه القضايا المهمة والمصيرية. من هنا برزت القيادة والكفاءة والحكمة في ادارة المرجعية الدينية والتصدي للقضايا المصيرية ، والتي تمس البلاد ومصالح الشعب العليا ، وعلى طول التاريخ كانت فتوى واحدة قادرة على ان تلغي اتفاقية التبغ التي أبرمتها الحكومة آنذاك ، وغيرها من فتاوى استطاعت من الوقوف بوجه الأفكار الضالة المنحرفة ، الامر الذي جعل الماسكين بزمام الحكم والسلطة يخافون مثل هذه المواقف ، فالقرارات والبيانات المصيرية والتي قضت على الكثير من المخططات الهادفة الى التغيير في الخارطة السياسية للبلاد ، ورغم عمليات الترغيب والترهيب التي مورست ضد المرجعية الدينية ، الا انها ظلت متمسكة ومتماسكة بقوة موقفها ، الامر الذي جعل محاولة استمالتها او تحييدها أمراً صعباً للغاية ، واستعصى على اصحاب السلطة من تسخيرها خدمة لمصالحهم الحزبية والفئوية الضيقة . المرجعية الدينية وبعد احداث ٢٠٠٣ وتعرض العراق هجمات التكفير الداعشي، انبرت لإصدار فتوى الجهاد الكفائي وايقاف زحف هذه العصابات التي كانت تهدد العاصمة بغدا ، كما جاءت لردع ذيول الارهاب التكفيري الجديد في المنطقة، بعد احتلالهم محافظة الموصل والانبار وصلاح الدين ،حيث تقدمت المرجعية الدينية بأبنائها ورجالات الحوزة وابناء الحشد الشعبي كافة للتصدي الشجاع لهذه الزمرة و مساندة القوى الامنية في هذا المضمار، مشددين على وحدة العراق وسيادة أرضه وحفظ العتبات المقدسة من كل خطر غاشم. وبعد عام من مشروع مواجهة خطر التكفير الداعشي، ارتأت المرجعية الدينية ان تجفف منابع الارهاب وحواضنه السياسية المتعددة والمنتشرة في موسسات الدولة كافة عبر اطلاق حزمة الإصلاحات ومواجهة الفساد، فيما عدت بيانات المرجعية الدينية عبر منبر صلاة الجمعة أن الارهاب والفساد وجهان لعملة واحدة ولا بد من مقاومتهما ومواصلة مشروع الاصلاح ، وبناء دولة العدل والمساواة .