أضربوا الرأي ببعضه يتولد لكم الصواب | ألامام علي
عندما كتبنا عن مراهقي الكتابة : لم نعني بها المرحلة العمرية للفتى , وأنما نعني بالمراهقة : الحالة السلوكية التي تمتاز بالخفة وعدم التوازن فتوقع صاحبها في مشاكل مع محيطه , وهي حالة سلبية أهتمت بها الدراسات التربوية والنفسية لمعرفة أسبابها وتجنب سلبياتها , وأذا كانت المراهقة تكثر في مرحلة عمرية معينة هي ” الفتوة ” فأنها قد تمتد الى مراحل عمرية متقدمة مثل ألاربعينيات والخمسينيات من العمر ولذلك يقال عن صاحبها بأنه مراهق ؟
ومن أراد ألاستعانة بحديث : أتركه سبعا , وأدبه سبعا , وصادقه سبعا , لم يعطي الحديث حقه من حيث المعنى والفهم , حيث لم يكن الترك مطلقا للآطفال في هذه المرحلة العمرية كما تنص النظرية التربوية القرأنية ” يا أيها الذين أمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات …” – 58- النور- وهذا ألاستئذان يدل على ممارسة ألاسلوب التربوي للطفل وهذا مايشير الى عدم تحقق مطلق الترك , وأنما يراد بالترك هنا عدم ممارسة الشدة التي تصل الى عقوبة لامبرر لها كما يفعل بعض أولياء أمور ألاطفال , ثم أن مرحلة الطفولة مشمولة بالقرأن الكريم بأستثناءات تجعل من بعض أصحاب هذه المرحلة العمرية أهلا للمسؤولية ” يايحيى خذ الكتاب بقوة ” ” وأتيناه الحكم صبيا ” ولهذه الظاهرة بحث ليس هنا محله .
ثم أن التأديب في السبعة الثانية : وهي المرحلة العمرية المعرضة للمراهقة , أنما جاءت لتجاوز سلوك المراهقة الذي يتعرض له البعض عندما لايحظى برعاية تربوية تؤدي الى توازن الهرمونات بحضور المدركات العقلية .
أما مصطلح المنغولية فمثلما وقع ألاشتباه في فهم مصطلح المراهقة وقع كذلك مع مصطلح المنغولية : وهي تغير جيني وراثي عرف بمظهر خاص وبمستوى من أنخفاض المدركات العقلية مما يحتاج صاحبها الى الرعاية وعدم تركه يواجه مصاعب الحياة لوحده في كل مراحل عمره لقصور واضح وهي غير مرحلة الطفولة التي تحتاج الى رعاية ألاسرة أو من يقوم مقامها .
وبعد تصحيح هذين المصطلحين يبدو جليا صحة ما أشرنا اليه حول مراهقي الكتابة التي أستعرضنا منها حالات كثيرة ولكن واحدا من أصحاب تلك الحالات أستهواه الرد فخانته أدوات الكتابة وكشف عن عصبية مزاجية لاتنفع صاحبها في حقول الكتابة وأن ألف كتابا , فالعورة التي كشفها على نفسه عندما قال عن المعارضة السورية مبررا لها بأعتراف الدول الديمقراطية بها ؟
وسيكون حديث الديمقراطية وتطبيقاتها في منطقتنا ليس لصالح الدول التي تدعي تأسيسها أو حمايتها ورعايتها ومنها أمريكا وفرنسا وبريطانيا التي أختزلت جهودها الديمقراطية والحقوق بأمن أسرائيل ومصالحها النفطية , والكاتب الذي لايعرف هذه الحقيقة يكتب على نفسه جنوح المراهقة التي تجعله في صفوف ألامية الفكرية .
فالدول التي تصر على دعم الجماعات المسلحة التي مارست كل أنواع القتل بما فيه الذبح بالمنشار الكهربائي تجعل من مقولتها الديمقراطية شعارا بلا معنى , والدول التي تمنع المعارضة المرتبطة بها من الحوار أنما تستفرغ الديمقراطية من أهم مقوماتها والدول التي يحلو لها أختزال ألارهاب بجبهة النصرة الوهابية التكفيرية أنما تريد خداع الرأي العام الدولي كما خدعته في العراق عندما أشرفت على صناعة ألارهاب بشكل علني .
والذين أختلطت عليهم ألاوراق فلم يعودوا يميزون بين ماقبل وما بعد الحدث لايلومون ألا أنفسهم بالمحدودية ويكتبون على مواقفهم بعدم القدرة على مواكبة متغيرات الحدث وهي في الحدث العراقي والسوري كثيرة وخصبة بألارقام والمستجدات التي تحتاج الى عقول لاتخطئ القياس ولا تبخس الناس حقهم , فالحكومات التي تورطت بالخطأ الذي جعل الجريمة جزءا من كيانها وجعلت الجيش مسخرا لخدمة مأربها حتى سقطت المؤسسة العسكرية كما في مرحلة صدام حسين , هي غير الحكومة التي تورطت بالخطأ ولكنها لم تسقط في وحول ألانحلال ألاخلاقي , وحكومة الممارسة الخاطئة في جانب هي نفس الحكومة التي وقفت مع المقاومة وظلت ممانعة رغم كل ألاغراءات التي قدمت لها من محور المخطط التوراتي , ثم أن هذه الحكومة صاحبة أخطاء الماضي أي الحكومة السورية هي من بادرت الى القبول بألاصلاح وغيرت الدستور ودعت الى الحوار والتعددية لذلك أصبح عمل الجيش السوري عملا مشروعا في مواجهة المجموعات المسلحة المدعومة من الخارج الضامن لآسرائيل دون أن يضمن شيئا من الحقوق الفلسطينية والعربية , ونحن ممن أدنا سماح النظام السوري لعبور ألارهابيين عبر أراضيه الى العبث بأمن العراق بحجة مقاومة ألاحتلال ألامريكي وقد قلنا عام 2004 أن النظام السوري سيجني على نفسه بهذا العمل كما جنت على نفسها براقش ؟
ولكن الحدث السوري اليوم دخلت فيه عوامل جديدة وأطراف منكرة شديدة الحقد على العراق والمنطقة وتحمل أجندات أجنبية واضحة الدلالة , والنظام السوري أعترف بالخطأ في طريقة التعامل مع تلك ألاطراف التي لم تكن وفية فقط وأنما كانت مارقة تحمل في مشروعها الغدر وألابادة والتخريب وهذه سورية المدمرة اليوم وهذا الشعب السوري المهجر والمحبط والذي يقف وحيدا لازال غالبيته يقف مع النظام ومع الجيش السوري , ولايمكن مقارنة الجيش السوري وأدائه في الحدث السوري مع جيش صدام حسين الذي أمره صدام بأبادة جماعية في مدن الفرات ألاوسط والجنوب ولم يعترض عليه أحد , وصدام لم يعترف بمعارضة كما أعترف بشار ألاسد بالمعارضة وطلب حوارها فمنعتها أمريكا , والذي يدعي أن التظاهر في سورية كان سلميا كله من أول يوم لايعرف شيئا , فتظاهرة درعا وجهت فوهات المسدسات من قبل المندسين الى رؤوس المتظاهرين حتى يقال أن الجيش وقوات ألامن هي من قامت بذلك بينما يعرف المراقبون المحايدون أن النظام السوري منع قوات الجيش وألامن من ألامتناع عن توجيه السلاح للمتظاهرين حتى بدأت مطالبات الناس بحمايتهم , ثم أن المعارضة المسلحة السورية والتي تضم الكثير من المرتزقة من الشيشان وألافغان والليبيين والتونسيين وألاتراك وألاردنيين والمصريين والسعوديين هي من قامت بأقتحام منازل المواطنين حيث حدثت المواجهات مما أدى الى خراب وتدمير منازل المواطنين وممتلكاتهم وهذا الخراب لم يحدث في أي منطقة أخرى والذين يتهمون الجيش السوري بذلك على طريقة قناة الجزيرة والعربية والشرقية والمستقلة ووصال لايعطي للحقيقة حقها ولايعطي للآعلام مهنيته ولا يقف عند الشبهات .
أن أختلاط ألاوراق بالحدث العراقي كما في تظاهرات الغربية وفي الحدث السوري كما في محور تركيا وقطر والسعودية التابعين لآمريكا ومعها أسرائيل ضد محور الممانعة والمقاومة يجعل من الفرز والتشخيص الصحيح صعبا بل مستحيلا على من لايمتلك البصر والبصيرة على هدي بوصلة السماء ويظهر لنا أكثر من جنبلاط والحريري وألاسير فضلا عن مايسمى بجبهة النصرة التي هي عنوان الهزيمة الحقيقية لمحور الشر , وهي كما قال ألامام علي عليه السلام : فرأيت أن أدخل في طخية عمياء يشيب فيها الصغير ويهلك فيها الكبير ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ؟
وهكذا يبقى من يرى ديمقراطية الدول التي تحارب ألارهاب في مالي وتدعمه في سورية يكشف عن كبوات وهفوات يصدق بحقها قول الشاعر :
وليس يصح في ألافهام شيئ … أذا أحتاج النهار الى دليل ؟
رئيس مركز الدراسات وألابحاث الوطنية
[email protected]