بالمتقدم برنامج يقدمه الاعلامي محمد الحمد مدير قناة افاق الفضائية وهو برنامج ربما يختلف في أداءه عن نوعية التقارير التي ينقلها المراسل الحربي من ارض المعركة بل ان طبيعة البرنامج تعيش في غور المعارك وتنتقل من مساحة ملتهبة الى مساحة اخرى محترقة وتلك مساحات جميعها تحكي لك عن حكاية الموت حتى نزوع الروح الى بارئها لانها إيصال للحقيقة من ارض الواقع الى عامة الجمهور وتتأرجح تلك المحاولات حيث مقدم البرنامج وضيفه على كفيّ عفريت تصعد بهم المرتفعات وتهوي بهم السهول تارة تأتيهم رصاصات الموت او قذائف الغدر وشظايا منشطرة كأنها جمرة مشتعلة في سماء مغبرة على حين غفلة فتشتت جمعهم لحظات الاحتماء والحذر منها.
لم يكن الحمد وهو مدير عام قناة فضائية يرغب في الانزواء داخل مكتبه في قناته ببغداد ولكن اراد ان يترك ذلك الفراش الناعم ويبتعد عن ترف النوم بهدوء الى استيقاظه على صوت القذائف وازيز الرصاص كي ينقل الحقيقة بنفسه ويضيف جهدا اعلاميا الى جهد اخوته وزملاءه من نفس القناة كالعديد من المراسلين الحربيين والمصورين حتى تكتمل الصورة بوضوح وكأنه يعمل مثل قائد كتيبة عسكرية لكنها اعلامية تتنوع في عدد المنتمين اليها على امتداد الجبهات من مراسلين ومصورين وسائقين كلهم يحملون هموم العراق للتخلص من اعتى أنظمة الارهاب في العالم وجودا على ارض الرافدين .
التقيت العديد من مديري القنوات الفضائية في العراق في سابق السنين بحكم عملي معهم فوجدت لدى الاعم منهم روح الإخلاص للوطن ولكن التطبيق من اجل ترسيخ الوطنية يختلف فيما بينهم فمنهم من يتوارى بعيدا ويكتفي بالكلام ومنهم من يحاور على الشاشات ليُظهر التصاقه بالعراق ومنهم من يحاول صناعة اجندة اعلامية ووسيلة وصول الى الجمهور ليحارب الافكار التي تهاجم مجتمعنا من خارج الحدود وكلها تصب في حب الوطن بهذا الاتجاه او ذاك ..ولكنني ما وجدته في روحية الزميل محمد الحمد حب الاندفاع الذي رسخ كل تلك الالتصاقات بالوطن ليصل الى مرحلة التضحية بالروح من اجل الحقيقة ، حينما يغور في عمق الإرهابيين وبين مفخخاتهم مع ضيف عسكري مسؤول لنقل الواقع كما هو الى المواطن وهذه شهادة يجب ان نذكرها للتاريخ لانه ينفرد بهذه الخصال العملية على ارض الواقع دونما غيره من مدراء القنوات الاخرى الذين لا نشكك اطلاقا في وطنيتهم وحبهم لمهنتهم وللعراق والخوف عليه ولكن آليه التطبيق والتنفيذ والهرولة نحو المتاعب والإقدام بخطى الموتى تختلف تماما بين شخص وآخر
وهذا ما أود الإشارة اليه تحديدا من اجل وضع النقاط على الحروف.
وفي الواقع أَجِد ان هذا التاريخ سوف يكتب عن مرحلة سوداء مرّت بالعراق وشعبه والمنطقة والعالم بأن الارهاب بكل مسمياته السوداء مرّ بأرض الرافدين ودنس ترابه وماءه وعبث في حياة الناس ودمر احلامهم وحاول تنكيل وهدم الشخصية العراقية وكسر هيبتها لكن ابطال العراق ايضا اثبتوا للتاريخ بأن كل مساعي الارهاب ومن يقف خلفها من دول وشخصيات وخونة لن يستطيعوا ذلك لان الشيمة العراقية واندفاع الغيرة في نفوس ابناء العراق تقلب المعادلات فنجد المقاتل العسكري والمواطن البسيط والمهني وكل الاطياف يندفعوا نحو الحفاظ على بلد حضارته منقوشة في عمق التاريخ آلاف من السنين وهو ما يدفعنا نحو الوثوق بأن هكذا تاريخ وهكذا ارض وحضارة لن تنجب غير الواثقين بعزة انتمائهم لهذا البلد العراق ومقدساته وشعبه وترابه فيكون مدافعا بكل انواع الدفاع ولربما واحة الاعلام تعتبر رقما قويا في آليات الدفاع عن العراق خصوصا في نقل الحقيقة الدامغة من ساحة المواجهة والتحدي خلال مراحل ازاحة سواد الحقب الارهابية وغربان السوء عن تراب العراق وهذا هو الفعل الحقيقي الذي اثبته الزميل الحمد من خلال مشاركته المقاتلين في الجبهات تحت سماء مشتعلة بنيران الحرب.