الموضوع ليس حساسا للحد الذي يظنه بعض القراء الآن عندما تقع عيونهم على العنوان ، والكلام عنه -اجتماعيا و دينيا- صار من الضرورات المسكوت عنها خطأ ، أما حساب رد فعل المستر.جلات من النساء او “المتحررات” فهذا لا يعنيني قدر ما يعنيني في مقالي هذا فك الالتباس الذي صنعه الترويج الحديث بين عوالم المراة ان “الشرف ليس بعفة الجسد” وما الى ذلك ، وقدر مايعنيني دعم المحصنات والثناء على الانثويات وتحية الملتزمات وفي الوقت نفسه نبذ المتحللات وإيقاف هذا المد الدّوني الذي يريد ان يسحب مجتمعاتنا الى ماوصلت اليه نظيراتها الغربية المنحلة ،
المراة انسان وتتملكها المشاعر البشرية نفسها ولكن باختلافات معروفة مع شريكها الرجل ويديرها نفس العقل بتفاوت ملموس مع هذا الشريك ، ولذا فقد ترتكب الاخطاء نفسها وتنزلق مثل انزلاقاته في جوانب حياتية كثيرة ولا غرو ، ولكن الجانب الذي يعالجه المقال هو جانب الشرف الذي ظل مرتبطا -فيما يخص المراة- بجسدها وعفتها عن ملامسة الرجال المحرّمين وإغرائهم دون النظر الى ما تنجزه او تقدمه او تتقنه، وفيما يخص الرجل “بكلمته ونزاهته” دون النظر الى مايقدم عليه من تصرفات جسدية مخلّة باتجاه النساء وإن كثرت !
استمر الحال على هذين المفهومين لقرون طويلة الى ان ظهرت -لأسباب كثيرة ومتنوعة- حركات منتصف القرن الماضي في بلدان اوربية وغربية تنادي بوقف ربط شرف المرأة بجسدها وان لا يشكل انتهاكها ذلك عارا على عائلتها او عليها فينتقص من قيمتها في المجتمع ، ومعلوم ان اوربا هي من كانت تحجر المراة التي يغيب عنها زوجها في مكان وتضع عليها رقابة مشددة خوفا من انحرافها او انجرارها الى مايخدش شرفها وكرامته ، بل ووصل الامر في بعض العصور والبلدان الى صناعة اقفاص حديدية للاجزاء الحساسة من جسدها يغلق عليها باقفال ياخذها الزوج معه عند السفر ، وهذا كان اعلى مراتب الإنحطاط والنظرة الدونية للمراة قد وصلت اليه عبر الازمنة وحول الاماكن ، يضاف اليه طبعا -للمتتبع- ما أصّله مروّجو نظرية التطور في بداياتها -وهذا حدث في اوربا ايضا- عندما وضعوا المراة بايلوجيا بمرتبة تحت الرجل وفوق الحيوان فأعطوها حرية التعري مقابل ذلك ، في الوقت الذي كان الشرق والإسلام والعرب يعاملون المراة بالتكريم وحفظ الكرامة وكفالة العيش ولكن مع ستر حرمات الجسد ،
ولكن الانتقالة التي حصلت بدايات القرن العشرين كانت وكانها ردة فعل معاكسة اطاحت بكل ذلك للحد الذي عكسته فصار تصرف المراة الحر بجسدها علامة التحضر كما يُفعل بمجتمعاتنا الشرقية منذ عقدين تمهيدا لجذبها الى نتيجة مشابهة ، ورغم ان مجتمعاتنا بدات بالتجاوب -نسبيا- وفي كثير من جوانبها كالملبس شبه المتعري والاختلاط وبعض السماحات الا ان الطريق الى رفع مفهوم الشرف عن جسد المرأة مازال طويلا وانما بدأ يتقاصر والمهمة بدات تسهل في العقد الاخير وبمساعدة العولمة والنت والمنظمات المموَّلة لهذا الغرض ، وكذلك تسخير الحكام العرب والمسلمين للخدمة في هذا الاتجاه . وقد قفزت الحالة باتجاه الانحراف قفزات كبيرة على يد اشخاص مثل ابن زايد وابن سلمان وبعض حكام العراق ومصر بما يضمن تدريجيا ان يصار الى فك الارتباط بين كرامة الرجل وشرف زوجته وابنته واخته وابنة عمه ، والمتعلق بدوره بعفّة جسدها عن الرجال المحرمين ،
ولان الواقع المجرّب هو ان المرأة التي تفقد عفة جسدها- وبالخصوص بصورة معلنة ولأكثر من رجل – فانها لا تلبث ان تفقد توازنها وتبدأ بالشعور السلبي ولو بعد حين ، وهذا يؤثر لاحقا على استقرارية ادائها الأسري والاجتماعي والنفسي ايضا للحد الذي تنبذ هي نفسها قبل ان ينبذها المجتمع ، وحتى المرأة التي تتخذها الامم المتحدة اليوم مثالا للتحرر تريد تعميمه على العالم ماتت منتحرة تحت تاثير المخدرات والكحول بعد ان سلمت جسدها للرذيلة باسم الحرية الجسدية ،
والقرآن الكريم ربط شرف المرأة بل وحياتها بعفة جسدها ومثله السنة النبوية الشريفة ، وقد قال الله تعالى ذلك جليا على لسان السيدة مريم الطاهرة عليها السلام عندما رات من نفسها ما سوف تتهم معه بشرفها حاشاها -فقالت : “ياليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا” ، وهذا اخبار منها لجميع النساء ان عفة جسد المراة هو مقياس شرفها وكرامتها الاول وان الحياء المرتبط بشرف الجسد هو اهم من الحياة نفسها ، وكذلك تخصيص الله تعالى لآية مفصلة محكمة عن حادثة اتهام ام المؤمنين وسماها “الإفك” هو دليل بين على ان عفة المرأة وشرفها منوط بحفاظها على جسدها ولذلك شدّد الله جل شانه على تبرئة امرأة مؤمنة من ذلك من فوق سبع سموات ،
وليس كما يراد لها ان تكون سلعة تستغل باسم الحرية او التحرر او الحقوق وإيهامها ان الشرف لا قيمة له او انه لايتعلق بالجسد ! ولعلك تلاحظ -سبحان الله- وبسبب فطرته كيف ان النسوة اللاتي يتخذن عكس ذلك طريقا يذهب الله بنور وحوههن ويخرجن علينا بين الحين والآخر بتناقضات وتصرفات غير متزنة وقرارات حائرة ومحاولات الهروب من الواقع او القاء اللوم على الرجل او المجتمع الى ان ينتهين نهاية مُرّة الا من تابت وآبت وعادت الى ﴿فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ﴾
ومهما ظنت المراة ان الرجل او المجتمع بعمومه لن يحاسبها على شرفها بسبب تحضره او توهم نفسها بانه يحترمها فهي مخطئة لان المجتمع بالفطرة ينبذها ويغمزها من خلفها ،بل ان اول من يطعن بذلك هو الرجل الذي مهدت له الطريق اليها ، وقد تتبعت ذلك بنفسي ووجدت انها “المراة المتحللة” تعامل في الغرب بنفس الدونية التي في المجتمعات الشرقية مع مراعاة قوانين سنتها تلك الدول تعطيها حصانة امام الرجل نعم ، ولكن في الوقت عينه تعاملها بقسوة وبمساواة حيال العمل ولقمة العيش الكريم والالتزامات المادية تجاه النظام الاقتصادي ، ويلقى بها الى الشارع عند البلوغ دون النظر ان كانت قادرة على إعالة نفسها ام انها ستكون مصدرا جديدا للتسول عن طريق عرض الجسد ، وستعلم ايضا بالتعايش مع تلك المجتمعات “المنفتحة” على المراة ان اللواتي يضيعن شرفهن الجسدي معروفات لدى المجتمع من وجوههن رغم ان الجميع بنفس الخلاعة والحرية في الملبس فسبحان الله الذي جعل على وجه المراة العفيفة نورا سلبه من المراة الأخرى ،
فلا مجال للمراة لمقارنة وضعها الجسدي بالرجل ،
وان كان الامر “دينيا وتكليفيا” واحد متساو ولكن اجتماعيا وفيزيائيا فرقه كبير .ورغم ان ممارسة الرذيلة الجسدية -دينيا وقانونيا- يجب ان يتساوى النظر اليه وعقابه لكلا الجنسين واحد ، إلا ان المراة يجب ان تعلم ان الامر فسيولوجيا واخلاقيا وعرفيا غير ذلك تماما ولن يتغير مهما صدّقت حبائل الشيطان ومروجي تسليع المراة بحجة تحريرها ، وفي برنامج تلفزيوني غربي صارح الضيف مضيفته المذيعة وصدمها عندما تكلمت عن التساوي في حرية العلاقات الجسدية فقال : لا انا مازلت اؤمن ان النساء اللاتي يقمن علاقات خارج الزواح او مع اكثر من رجل تسمى “مومسات” ، فغضبت و ارادت ان ترد له الضربة من منظور المساواة فقالت : وماذا يسمى الرجل الذي يفعل ذلك؟ قال : صانع مومسات!