الكثيرات ممن وهبهن الله الجمال وحسن الطلعة ، يبحث عن الشهرة ، وبخاصة في مقتبل العمر، عندما تسنح للبعض منهم فرصة الظهور على مسرح الأحداث، مذيعة أو مقدمة برامج، أو فنانة أو صحفية أو شاعرة ، أو في شتى صنوف الابداع الانساني، ولكن القاعة تنقلب رأسا على عقب ، ما ان تدخل بعض تلك الجميلات في القفص الذهبي، وتترك بعضهم عالم الشهرة الى غير رجعة!
ولكن البعض من تلك الجميلات ، يبقين ينهلن من مباهج الشهرة، حتى بعد الزواج، ويصر ( البعض ) منهن على بقائهن في مواقع الصدارة ضمن مواقع العمل المفضلة لهن، لكي لايتركن الشهرة أو يحافظن عليها، حتى لايتركها الزمن عرضة لما لاتتمناه لها الايام أو ترتضي أن تكون فريسة الزمن الأغبر الذي قد يوقعها فيه ان تركت ميادين الشهرة والنجاح، واتخذت من البيت ، ملاذا آمنا، علها تجد فيه بعض راحتها، ولكن كل الدلائل تشير الى ان من انغمست في ميادين الشهرة والابداع لايمكنها ان تنزوي بعيدا لتجلس في البيت وتتحول الى ( ربة بيت ) ، قد تصاب بالجنون أو بالكآبة ومختلف الأمراض النفسية التي تصيب الجميلات، لهذا فأن الاعتكاف هو قتل للمرأة ولطموحها ووأد لسعادتها ولبقاء حلمها، وهو هدر لطاقتها وربما تجد البعض من الجميلات ان ترك ميادين الشهرة هو قتل لكرامتها وازدراء بمكانتها، وبخاصة ان بعض الرجال لايسمحون لزوجاتهم ان يمارسن الشهرة او يلجن ميادينها، لأن الكثير من الرجال يغارون كثيرا على زوجاتهم ، ولا يرتضون لهن او يصبحن ميادينا لفضول آخرين، أو لايقاف أية محاولة لاقامة علاقات ربما كانت قديمة ، وتريد البعض مسايرة طموحاتها في ان تحافظ على بقية ما تراه انه يشكل جزءا مكملا لشخصيتها، لأنها في انقطاعها عن هذا ( البعض ) يعد انقطاعا عن عالمها الذي تحلم ان تبقى متوهجة فيه، تضيء دروب الابداع الى حيث الجمال الانساني الساحر الآخاذ.
ما قادني الى كتابة هذا المقال هو انزواء البعض ممن كن قد ولجن عالم الشهرة وصار لهن جمهورا ومتابعين ، وكانت شموسا تضيء دروب الإبداع ،والوهج الإنساني وسحره الجميل ، واذا بالاقدار تلقي بهم في مهاوي النسيان ، وقد تحولن الى أناس عاديين ، لاحول لهن ولا قوة ، وقد وقعت ( البعض ) منهن ضحايا غيرة الرجل، ورفضه لأن تعمل زوجته خارج المنزل، أو ان مهنتها التي تجلب لها الابداع والشهرة عليها ان تودعها مكرهة، ورغما عنها، وليس للكثيرات منهن بد ، سوى الرضوخ لإرادة الرجل ، صاحب ( ألامر بالمعروف والنهي عن المنكر) ، وانطلاقا من المقولة الشهيرة ( الرجال قوامون على النساء ) أي ان الرجل بإمكانه ان يضطهد المرأة ويرغمها على الاعتكاف في بيتها، ولا يسمح حتى لبنات الجيران بمحادثتها أو اقامة علاقة معها حتى من النوع البسيط ، كون بعض الرجال يرفض اية علاقات من هذا النوع حتى وان كانت بسيطة!
وتختفي الكثير من الجميلات في العراق، البلد الذي تكثر فيه هذه الظاهرة ، وتليه ربما بعض دول الخليج، رغم ان الاخيرة وقفت فيه المرأة بكل صلابة لتعلن بقائها في عالم الشهرة، وميادين الظهور ، وهي ترفض ان تتحول الى ( حيوان أليف ) في مطبخ البيت اللعين، وهي ربما تسكب العبرات ، وتعيش البعض منهن في أقسى درجات الأسى والحرمان واللوعة ، لان البعض راح يتحكم بمقدراتهن، ويضع حدا لظهورهن ، بل ويردع هذا الحضور بكل اشكاله، حتى ولو بين المقربين من المعارف والاصدقاء!!
ويقول علماء النفس ان أكثر ما يقلق المرأة ويشكل قتلا لتطلعاتها ان تحرمها من ( الشهرة ) أو من ( الظهور ) في ( عالم الاضواء ) وتعد هذا السلوك، وأدا لها وقمعا لحريتها وانتهاكا لكرامتها، لكن ( البعض ) منهن يرضخن لإرادة الرجال في ان يفرضوا عليهن سطوتهم، لابقائهن في قبو ( البيوت ) يطبخن وينفخن، هذا إن كن يطبخن أصلا ، واذا لم تتعلم (الكنس والطبخ وغسل الملابس والصحون ) ، فقد تلقى ( لعنة الرجال ) وقد يكون مصيرها، في أسوأ حال، لكن ( البعض ) منهن يرفض الخنوع لشروط كهذه ويفضلن البقاء بلا رجل على ان يحرمهم هذا الرجل من أن يلجن ميادين الشهرة والإبداع، وبخاصة في الوسط الثقافي ، حيث تحتل نساء كثيرات مكانة مرموقة في سلم الإبداع، واذا بالزمان وقد شمر ( البعض ) منهن في مواقع ركون، خلف أسوار العزلة ، وقد تمزقت أحلامها، وذهبت تلك الآمال العريضة الجميلة الى غير رجعةّ!!