23 ديسمبر، 2024 3:17 م

المرأة التركمانية في موقع القرار

المرأة التركمانية في موقع القرار

ان المرأة منذ فجر الانسانية بدأت قيادية وفي موقع القرار ، أو ليست أمنا الجميلة حواء أول امرأة قيادية في التاريخ الانساني ؟ أليست هي التي (قادت) آدم الى الثمرة وأسست مجتمعاً بشرياً فوق هذا الكون الأرضي ؟
ومن بعد حواء بدهور جاءت هاجر المرأة الجارية التي اتخذت قراراً بالهجرة عن مصر حفاظاً على حياتها وحياة ولدها اسماعيل ، وبلقيس التي رأى فيها القرآن الكريم مثال المرأة القوية التي استطاعت بفضل عقلها الرشيد أن تقود مجتمعها وان تحكم قومها مع انهم (اولو قوة وبأس عظيم) والمرأة الحصيفة التي لم تستقل برأيها عندما آتاها كتاب سليمان ، وانما جمعت قومها وشاورتهم في الأمر وحاولت أن تتفهم ما أشاروا عليها به .
والمرأة التركمانية المجاهدة بالدم والولد والزوج والأخ ، أليست امرأة في موقع القيادة والقرار ، ولا سيما اننا نعيش في هذا العصر ظاهرة المرأة العراقية المميزة جهاداً وموقفاً وعطاء ، والتي لم تقف من مجازر النظام السابق ومجازر الارهابيين موقفاً سلبياً مستسلمة للنواح والعويل ، بل واجهت ظلم وتعسف الطغاة وصلفهم بروح عالية من الصمود والنضال والتضحية والتفاؤل أيضاً وبذلك قلبت الموازين في عواطف الأنثى وحولت الجزع إلى قوة عارمة تجابه أجهزة قمع الديكتاتور وجبروته ، والمرأة الواعية مصلحة لأسرتها وبيتها ووطنها ، أليست امرأة قيادية وفي موقع القرار صغر أم كبر ؟ ونحن نقول دائماً إن الأسرة أساس المجتمع .
لو أننا قرأنا تاريخ الأمة التركية ما قبل الاسلام وبعده لرأينا ان المرأة شاركت بإبداع في قيادة مجتمعها وتطوره ، ليس من خلال عملها الانتاجي فحسب بل من خلال مساهماتها في صنع القرار ومشاركتها الدفاعية عن العقيدة والوطن ، فالمرأة التركية قبل الاسلام أسهمت في الحياة العسكرية للقبيلة بالقتال اذا دعت الضرورة أو بالتحريض عليه وكانت عنصراً أساسياً في تغيير سياسة السادة والزعماء على الوجهة التي تراها مناسبة. لقد ارتقى الى حد ما واقع المرأة العراقية خلال العقود الأخيرة من القرن الماضي بعد ان زج النظام السابق الرجال في السجون والمعتقلات وأحتلت النساء مواقع الرجال وهذه الحالة تؤكد على انسانية المرأة وقدرتها التي تتيح لها العمل في المجال العام اسوة بالرجال ، ومع كل تلك الانجازات والعطاءات ما يزال التغيير في الحقوق السياسية للمرأة في المرحلة الديمقراطية الحالية طفيفاً ومقتصراً على عدد قليل من النساء تختاره الأحزاب والحركات السياسية التي هي في أساسها سلطة ذكورية ، وهذا يدل على ان الرجل هو الذي يعطي وهو الذي يمنع ان معظم الدساتير وخصوصاً الدستور العراقي الذي كتب بعد سقوط النظام تكفل للمرأة جميع الفرص التي تتيح لها المساهمة الفعالة والكاملة في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية ولا يحق لأحد ان يمنع المرأة القيام بهذا الواجب تحت ستار (المرأة سترها بيتها) فالمجتمع لا يقوم إلا برجل وامرأة .
فلولا زنوبيا لما زهت تدمر مع انها موجودة قبلها بزمن طويل ، ولولا موضوعية بلقيس ووعيها لما استطاعت أن تحمي مملكتها وشعبها من سليمان وجنده ، وهذا كله يؤكد على ان المرأة تستطيع أن تبتعد عن أهواء عواطفها في لحظة القرار وان تكون في موقع المسؤولية وتقود المجتمع كما هي الحالة في العراق بعد زوال الديكتاتورية وخصوصاً في أغلب المجتمعات التركمانية .