أي منطقٍ عقلائي وإنساني يسمح للمذبوح بأن يقدم رقبته تحت سكين الجلاد ثم يعتذر منه لأنه تأخر أو تباطأ بذبحه ؟لماذا على المذبوح عليه أن يتقبل فلسفة الذبح برحابة الصدر وهو يُثني على ذلك وممتن لقاتله ؟ لماذا على المذبوح أن يقبل بتناثر أشلائه على الجدران الكونكريتية جراء السيارات المفخخة؟لماذا على المذبوح أن يقدم التنازلات تلو التنازلات حفاظاً على اللحمة الوطنية ؟لماذا على المذبوح السكوت دائماً وهو يجد من يقدح بشخصه يستمر في التطاول عليه ثم يصمت حفاظاً النسيج الاجتماعي لأن لا يتضرر من الخدش ؟ لماذا على المذبوح يجد جلاده وقاتله ينعم بالأمان ويغض النظر عنه حفاظاً الوضع العام ؟لماذا على المذبوح يُقتل قتلة باردة ويرمى في النهر ليصبح طعاماً للأسماك ؟لماذا على المذبوح أن يشد مئزره ويودع أهله وأمه وأبوه ليلتحق بمعسكر الحق دفاعاً عن الوطن ومقدساته ؟لماذا على المذبوح أن يقدم ضريبة فاتورة الدم التي لا تنتهي لمن لا يستحق؟لماذا على المذبوح المطالبة منه دائماً بالتضحية والصبر والإيثار,والانكى من هذا أن ينتقي كلماته بأحسن الانتقاء ؟لماذا على المذبوح أن يقف على الساتر ومعه سلاحه وهناك من يقضي ليالٍ حمراء كلها فجور وغناء يأتي بعد الانتهاء ثم يتقلد أوسمة النصر؟ لماذا على المذبوح أن لا يجد مستقبله ثم يرضى بذلك ؟
لماذا على المذبوح أحلامه تتلاشى وأمنياته تذهب سدى وعليه الانتظار وهو يرى عمره يُخطف منه دون تحقيق شيء ؟ من قال أن المذبوح قدره هو الموت المجاني ؟ الموت ليس عيباً أو نقصاً وإنما على المرء أن يقدم نفسه في سبيل قضية تستوجب الموت منه فيها الحياة الأفضل له ولأهله ولأسرته ولمجتمعه الذي يعيش فيه,كل هذه التضحيات وهنالك من لا يزال غير راض ٍعن أداء والمذبوح وفنائه ,ماذا يريدون بعد كل هذا ؟ماتوا أهله وأحبته وأصدقائه في وسط هذا الزحام من الفوضى وعليه القبول و إلا سيعاقب وهل هناك عقوبة أشد بعد هذه العقوبة ؟ الباري لا يقبل أن يكون الناس عبيد خانعين وخاضعين بل أرادهم أحرار مرفوعين الرأس وأقوياء ليسوا ضعفاء ,أراد لهم العزة والكرامة فموت ٍ بعز خيرُ من الحياة بذل,على المذبوح القبول أن يسكن ببيوت من الصفيح وأن يعيش أقسى مراحل الزهد والتعفف ,وأن لا يسأل ما لسبب والحكمة من وراء كل ذلك ,عليه التنفيذ ولا يناقش ,لأجل من ؟أشباه وأنصاف رجال تسلقوا في غفلة من الزمن وأصبحوا رجالات مناصب وسلطة قادوا المذبوح لعقر دار الذابح ,أمام الملاْ ينددون بالجرائم والفضائح ,ووراء الكواليس تحت الطاولة أيادي متشابكة مع بعضها تقيم العزائم والولائم وتجمعها العلاقات الاقتصادية والشركات الاستثمارية ,فوق ما كان يُطيق / لّلوه قتَّلوهُ حمَّلوهُ ,ما علينا أن قضى الشعب جميعاً / أفسلنا في أمان .