مرت الأمة العربية بانتكاسات رهيبة وهزائم مخزية وتعاقب على قيادة دولها الصالحين والطالحين كلهم فشلوا بتحقيق الحلم العربي، ونشبت حروب وعقدت اتفاقيات سلام ولم تحقن الدماء ولم تحفظ الكرامة والسيادة العربية، لكن رغم كل تلك النكبات بقي شئ واحد لم تخسره العروبة وهو الفكر والمعتقد الذي استقر عميقاً في نفوس وعقول المفكرين والمثقفين فهو أساس الانطلاق نحو التحرر من القيود الاستعمارية لأنه يبقي الشخصية العربية عربية تنادي بما تعتقد وتطالب بحقوقها ولا تخجل من انتمائها، وقد آن الأوان ليرفع هذا الفكر وتوضع مكانه اهتمامات أخرى تندرج تحت مصطلح الحداثة (ويا ليتها فعلاً حداثة)، فكل تلك التضحيات وسيل الدماء وجهود العلماء والمفكرين والكم الهائل من الموروث الفكري العربي والإسلامي اليوم نلقي به وراء ظهورنا، وأنغمس شبابنا بسماع الأغاني وصاروا معجبين بالمطربين ومولعين بمشاهير الممثلين ولاعبي كرة القدم، وهذا تبديل للهدف المرجو تحقيقه إذ صرنا نسمي تلك الاهتمامات بأنها تطور وحضارة ونطلق عليها تسميات رنانة، ونتهم من خالفها بالجهل والتخلف، حتى أمسى شباب العرب تحت قيادة مشاهير الشاشة.. فهل سيحقق قادة اليوم ما فشل به قادة الأمس؟، فاليوم إذا أردنا الدفاع عن أوطاننا سنجعل قائد الميمنة اللاعب (فلان) وقائد الميسرة الممثل (علان) أما في القلب ستكون المطربة (علانة) التي ستزلزل الأرض تحت أقدام الأعداء بتمايع صوتها الفتان، إذاً فليحذر الاستعمار فأن المد العربي قادم بقيادات جديدة لم يشهد لها العالم مثيل ولم ترد طلاسمها في قواميس الثورات، فهنيئاً لامتنا وشبابها بهذه القيادة.