تشكل المصانع العراقية رافعة حقيقية للاقتصاد العراقي في حال تفعيلها ووضعها في العمل فيما يرى مختصون أنها تشكل عبئا كبيرا على خزينة الدولة لأنها تستنزف رواتب عمال وموظفين معطلين عن الإنتاج بسبب تعطل تلك المعامل جراء التخريب والسرقة والإهمال, ويشير خبراء الاقتصاد والاكاديميون ان غلق المصانع أثر بشكل كبير على الوضع الاقتصادي العام للبلد, اغلب المصانع تم إيقافها بقرار سياسي، والبعض الآخر هو مدمر ومتروك
تشير الاحصائيات الصادرة عن وزارة الصناعة أن العدد الكلي للمصانع والمعامل في القطاع العام العراقي هو 288 مصنعا في كافة المحافظات، من بينها 83 متوقفة عن العمل، تتنوع بين القطاعات الدوائية والكيميائية والغذائية والنسيج وغيرها,,وفي آخر إحصائية لوزارة التخطيط صدرت عام 2018، فإن نسبة العاطلين عن العمل بلغت 14% للأشخاص النشطين اقتصادياً الذين يشكلون نسبة 56% من سكان العراق البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة، ووفقاً للمتحدث الرسمي باسم الوزارة مشيراً إلى أن نسبة الفقر في العراق بلغت 26% أي بواقع 10 ملايين فقير, ورغم أن الدولة أنفقت بحدود 120 تريليون دينار (101 مليار دولار) لتأهيل الشركات العامة للفترة من 2005 إلى 2014، وكان معظمها ممولا من الدول المانحة ووزارة المالية، فإنها أخفقت في إعداد دراسات جدوى اقتصادية وفنية فعّالة لأغلب عقود الشراكة التي أبرمتها مع الشركات الأجنبية والمحلية للنهوض بواقع المصانع العامة,كما أنها لم تحقق نهضة نوعية بتلك التعاقدات تتناسب مع النمو الاقتصادي الشامل والمستدام، بل تسببت أغلب تلك التعاقدات باستمرار خسارة الشركات العامة وعدم تحقيق أي أرباح تساعدها على النمو والتطور، حيث لا تزال تلك المصانع عاجزة عن تأمين رواتب موظفيها ويتم تغطيتها من خلال المنح التي تقدمها وزارة المالية،وبلغ عدد الشركات الخاسرة التي لم تحقق أي أرباح منذ سنة 2003 بحدود 46 شركة من أصل 67 تابعة لوزارة الصناعة، بالإضافة إلى خسارة جميع الشركات التابعة لوزارة الدفاع والمعنية بالصناعات الحربية وكذلك خسارة جميع الشركات العامة التابعة لوزارة الكهرباء83 معملاويمتلك العراق مبان صناعية ضخمة كان قد دشنها قبل أكثر من 4 عقود، من بينها معامل الفوسفات والورق والسكر والبتروكيماويات والحديد والصلب والزجاج وغيرها من المنشات الكبيرة, وفي أرجاء العراق يوجد أكثر من 288 مصنعا ومعملاً، يعاني الصمت وتوقف حكرة الإنتاج تسكنها الأشباح، العراق الذي بدأ نهضة صناعية واسعة مطلع سبعينات القرن الماضي، وشكل حضوراً في الاكتفاء من الإنتاج المحلي وقدرة على التصدير، بات من أكبر المستوردين لأغلب احتياجاته الأساسية وحتى الثانوية منها، جراء توقف اغلب مصانعه ما بعد 2003
وتتعرض المعامل الصناعية في العراق منذ فترات طويلة وعلى مر الحكومات المتعاقبة إلى اهمال كبير، فأغلب المصانع في المحافظات خارجة عن الخدمة، فضلاً عن شبهات الفساد في صفقاتها الاستثمارية وعمليات إعادة التأهيل ,وتقول وزارة الصناعة والمعادن،، إنها تملك (295) مصنعاً المتوقف منها (104) مصانع مشيرة إلى أنه “منذ استلام وزير الصناعة والمعادن خالد بتال مهام عمله تم وضع رؤية كاملة لهذه المصانع المتوقفة عن العمل وتم تشكيل لجنة لدراسة واقعها ومعالجته الوزارة تمكنت من إعادة تأهيل بعض المصانع وعودتها إلى الخدمة مثل مصنع إطارات بابل وتم افتتاحه وينتج حالياً إطارات الحمل الخفيف والإطارات الزراعية، كذلك معمل اسمنت القائم تم تأهيله وافتتاحه أن الوزارة ذهبت في اتجاه الشراكة مع القطاع الخاص لتكون هناك مصانع حديثة وجديدة وبتكنولوجيا متطورةيشار إلى أن الدولة العراقية أنفقت بحدود 120 تريليون دينار (101 مليار دولار) لتأهيل الشركات العامة للفترة من 2005 إلى 2014، وكان معظمها ممولاً من الدول المانحة ووزارة المالية، فإنها أخفقت في إعداد دراسات جدوى اقتصادية وفنية فعّالة لأغلب عقود الشراكة التي أبرمتها مع الشركات الأجنبية والمحلية للنهوض بواقع المصانع العامة
ودعا باحثون اقتصاديون إلى إنشاء مدن صناعية متكاملة وفق دراسة من قبل وزارة الصناعة للمعوقات التي يعانيها أصحاب المصانع، مشدداً على ضرورة أن يتم تقسيم المناطق الصناعية كمدن صناعية ملوثة وأخرى غير ملوثة.وقالوا ان المصانع الغذائية هي سيدة المشاريع وكذلك الصناعات الإنشائية مثل صناعة الأسمنت، التي حققنا الاكتفاء الذاتي منها لا سيما في ظل البناء والإعمار في البلد الذي يسير على قدم وساق”. ويمتلك العراق حاليا عدة مدن الصناعية موزعة بين محافظات البصرة، ذي قار، الأنبار، نينوى، النجف وكربلاء، وقد حظيت هذه المبادرة باهتمام معظم دول الجوار، خاصة إيران وتركيا والأردن والسعودية وسوريا، واخذ مسؤولو هذه الدول بتوقيع الاتفاقيات والتفاهمات مع الحكومة العراقية، بشأن هذه المدن الصناعية ومدى مساهمتها في تسويق سلعهم إلى السوق العراقية، ويأتي هذا الاهتمام نتيجة لامتلاك العراق لمجموعة من المقومات، كالموقع الجغرافي والموارد الاقتصادية وراس المال البشري والسوق الواسعة
خبراء الاقتصاد يؤكدون أهمية المدن الصناعية بعدها عامل مهم لتطوير القطاع الصناعي, كما انها تساعد على إقامة المصانع والاستثمارات في البلاد لكونها توفر للمستثمر المحلي والاجنبي البنية التحتية والخدمات اللازمة لإقامة مشروعه الصناعي, اضافه الى انها تخفف من نسبة البطالة في المجتمع. كما تحتل المدن الصناعية مكانة كبرى ضمن اهتمامات السياسات الاقتصادية الراهنة, ومن أجل تطوير وتعزيز هذه المدن، تتبنى العديد من الدول استراتيجيات عديدة , نظرا للاهتمام الكبير الذي حظيت به هذه الأخيرة من طرف دول العالم، بعدِّها أحسن أداة لتعزيز القدرات الإنتاجية والتنافسية للقطاع الصناعي، إضافة إلى قدرتها على تفعيل الترابط والتشابك الاقتصادي للدول والحد من مخاطر المنافسة مع المنتجات المستوردة، خاصة مع التحرر المستمر للأسواق. لذلك يهدف البحث الى دراسة واقع المدن الصناعية في العراق وكيفية الاستفادة من التجربة السعودية في انشاء واقامة المدن الصناعية. وعن طريق هذا البحث جرى التوصل الى أنه بالرغم من كون السعودية بلد ريعي, الا إنها نجحت في تطوير قطاعها الصناعي وتخليصه من الحالة الريعية جزئياَ عن طريق انشاء واقامة المدن الصناعية والتي اشتملت على صناعات متعددة ومختلفة ، وهناك عدة استراتيجيات مستخلصة من هذه التجربة يمكن الاخذ بها من قبل الجهات المسؤولة عن إقامة المدن الصناعية في العراق, والتي ستتمكن عن طريقها من انشاء مدن صناعية عراقية متطورة. وكذلك يمكن تنويع القاعدة الاقتصادية وذلك عن طريق العمل على رفع نسبة اسهام القطاعات غير النفطية في الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي في العراق والعمل على زيادة اسهام القطاع الخاص في عملية التنمية وفي توفير الفرص الوظيفية وتقليل الاعتماد على العائدات النفطية.
نعتقد وجود توجه حكومي حقيقي نحو محاولة إعادة تشغيل مكائن المصانع في العراق، ووصفت الحديث عن عودة الصناعة الوطنية في العراق إلى عهودها السابقة ما قبل 2003، حديث يتقاذفه التشكيك والجدل رغم الخطط الحكومية, ورغم الخطط والمحاولات التي قامت بها الحكومات المتعاقبة على البلاد ما بعد الاحتلال، للعودة بالصناعة العراقية إلى سابق عهدها، إلا أنها لم تستطع من تحريك ماكنات الإنتاج للعمل مرة أخرى ما عدا استثناءات لا تشكل أكثر من 2% من المجموع العام,وكان مجلس الوزراء قد أقر توصيات المجلس الوزاري للاقتصاد لسنة 2023، خلال الجلسة الاعتيادية .التوصيات تهدف، وفق بيان لمكتب رئيس مجلس الوزراء، إلى تنشيط واقع القطاع الخاص، “مع الأخذ بعين الاهتمام رأي الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء, ابرزها شطب مبالغ رسوم المهنة ورسوم إجازة البناء المتحققة بذمة المشروعات الصناعة.مبالغ الغرامات المتحققة بذمة الشركات التجارية الخاصة الناتجة عن تطبيق المادة (217) من قانون الشركات رقم (21) لسنة 1997 المعدل., مبالغ الغرامات المترتبة بذمة المكلفين الناتجة عن تطبيق المادة (30) من قانون ضريبة العقار رقم (126) لسنة 1959، والمادة (56) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982، والمادة (8) من قانون ضريبة العرصات رقم (26) لسنة 1962، شريطة تنفيذ المكلف التزاماته المشار اليها آنفًا خلال مدة (3) أشهر عمل بدءًا من تأريخ إصدار هذا القرار. تخفيض وزارة النفط أسعار الوقود والطاقة للمشروعات الصناعية والمعامل والمصانع الإنتاجية والمخازن المبردة والمجمدة للفلاحين.وتأليف نافذة واحدة في وزارة الصناعة والمعادن تضم ممثلين عن وزارات (المالية/ دائرة عقارات الدولة، والإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، والصناعة والمعادن/ دائرة التنمية الصناعية وأمانة بغداد) لا تقل درجتهم عن مدير عام، إضافة إلى ممثل عن اتحاد الصناعات العراقي، يخولون صلاحية الوزير المختص أو رئيس الجهة غير المرتبطة بوزارة المحددة قانونًا كلما كان ذلك ممكنا، تتولى تسهيل إجراءات تخصيص الأراضي للمشروعات الصناعية. منح المشروعات الصناعية القائمة الحاصلة على إجازة استثمار صناعي على وفق القانون رقم (20) لسنة 1998 التي ترغب بتطوير خطوطها الإنتاجية قروضًا ميسرة بضمانة المصنع نفسه – كما لعب العامل السياسي دوراً مهماً في تهديم الصناعة العراقية نتيجة عدم وجود جدية من قبل القوى السياسية المهيمنة على مؤسسات الدولة في توحيد الجهود والاتفاق على النهوض بواقع الصناعة العراقية، وحل الإشكالات التي تحول دون التقدم الصناعي للبلد , ونذكر بتأثير الدول المستفيدة من انهيار الصناعة على السياسيين العراقيين، والامريكان لعبوا دورا مهما في منع استقرار المنظومة الكهربائية، مما اضطر العراق إلى استيراد الكهرباء من دول الجوار، وهذا ما أنتج استحالة تشغيل المصانع، لعدم وجود طاقة كافية لتشغيلها كما أن المتغيرات السياسية وتقلب المزاج الدولي والإقليمي المؤثر بشكل كبير في الشأن الداخلي العراقي جعل الحكومات المتعاقبة مكبلة في اتخاذ أي قرار إستراتيجي، مما أدى إلى انهيار سيطرة الدولة على كافة قطاعاتها الاقتصادية غير النفطية واعتمادها الكامل على سعر النفط
المدن الصناعية مشاريع حيوية لتعزيز اقتصاد البلد من ناحية دعم المنتج المحلي وتقليل تكاليف إنتاجه وتحسين جودته وجعله منافساً للمستورد وأيضاً تحد من الاستيراد العشوائي لأن المنتج المحلي سيكون مرغوباً أكثر، كما أن تلك الاستثمارات ستوفر الكثير من فرص العمل التي من شانها تقليل نسب العاطلين عن العمل في المحافظات ,, من هنا تشكلت هيئة المدن الصناعية بعد صدور قانون المدن الصناعية رقم 2 لسنة 2019 تلاه تفعيل دور الهيئات خلال النصف الثاني من عام 2020، ثم صدور توجيه من مجلس الإدارة متمثلاً بوزير الصناعة بحسم موضوع هذه المدن التي نفذت بموجب الموازنات الاستثمارية المخصصة للوزارة في السابق ولم تكتمل, وتمثلت في عدة مدن صناعية في الأنبار والبصرة والنجف وذي قار، والأخيرة دخلت حيز العمل بعد إكمال المرحلة الأولى التي ضمت 105 مصانع وتم توزيع 60% منها لمستفيدين من المحافظة بالتنسيق مع الدوائر القطاعية فيها عبر لجان مشتركة, وأعلنت وزارة الصناعة العراقية انه من المؤمل انشاء 12 مدينة صناعية في عموم البلاد، مشيرة إلى أن بعض هذه المدن تم إنجازه بالفعل، والباقي لا يزال قيد الإنشاء بنسب إنجاز كبيرة. والعمل لجذب الاستثمارات الخارجية نحو المدن الصناعية الجديدة، وتأمل في أن تحقق تلك الاستثمارات ازدهار الصناعات العراقية وتقليل فاتورة الاستيراد التي يصل حجمها إلى 70 مليار دولار، فالعراق يستورد كل شيء تقريباً,
وتسعى الصناعة العراقية لتعزيز حضورها في السوق المحلية من خلال تفكيك العقبات التي تكبلها بالنظر إلى رخص السلع المهربة والتي تتسرب من المنافذ الحدودية، وتقادم المصانع نتيجة الحروب المتتالية خلال العقود الماضية,, ستكون المدن الصناعية للخدمات الاقتصادية واللوجستية وستسهم في تشغيل عدد كبير من الأيدي العاملة خلال السنوات المقبلة.,, ويدرك المسؤولون مدى سوء الأوضاع المالية التي تمر بها البلاد، لذلك يحاولون الإسراع في تنفيذ استراتيجية طموحة لبناء مدن صناعية في مختلف المحافظات بهدف تعزيز الإيرادات وتوفير فرص عمل للمواطنين الغاضبين من استشراء الفساد وسوء إدارة الطبقة السياسية للأزمة الاقتصادية.