22 ديسمبر، 2024 11:38 م

المدن الصناعية لتطوير الاقتصاد الوطني ام لتكريس تخلفه

المدن الصناعية لتطوير الاقتصاد الوطني ام لتكريس تخلفه

تجتاح العراق حمى التوقيع على سلسلة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الاقتصادية مع بلدان الجوار، فقد تم الاعداد في هذا الاطار الى اتفاقيات مع المملكة العربية السعودية ستوقع خلال زيارة رئيس الوزراء الى الرياض غدا الاربعاء ، ومما تتضمن انشاء مدينة صناعية ، وكما هو معروف اتفق على انشاء مدينتين صناعيتين واحدة مع الاردن والثانية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وينتظر ابرام اتفاق مماثل مع تركيا والكويت وتجري محادثات مع سوريا للربط السككي والتشابك والتعاون الاقتصادي ، اي ان هذه المدن الصناعية ستحيط العراق مثل احاطة الاسوار بالمعصم ، وكل هذه البلدان ستحصل على امتيازات وتفضيلات وتزيد حجم التبادل السلعي الى مديات تفوق ما يفيض في الموازنة بعد تغطية الاجور والرواتب من الريع النفطي ! .

الواقع ان الحكومة تخلت عن برنامجها قبل ا ن تبدأ به وامسى شعار صنع في العراق لا يساوي قيمة الحبر الذي كتب به ، كما لم يبرر رئيس الوزراء عادل عبد المهدي او اي مسؤول في الحكومة هذا الاتجاه الاقتصادي المدمر للصناعة الوطنية .

ان النظرة الفاحصة لعمل هذه المدن واقامتها ستكون على حساب المنشآت والمعامل العراقية ، فجميع بلدان الجوار صناعتها تسبقنا باشواط واحتلت مواقع لها في الاسواق الاقليمية وتتمتع باجراءات حمائية في بلدانها وقطعت مراحل في تحديث وسائل انتاجها واكتسبت خبرة كبيرة وتمكنت من ادخال تكنولوجيا الانتاج الواسع وتنافس بعض صناعاتها السوق العالمية بقوة ، في الوقت الذي ما تزال صناعتنا تعاني من تدعيات الحصار زمن النظام السابق والفوضى بعد التغيير ولم يجر اعادة تاهيلها واغلب المنشآت متوقفة عن العمل ومديونة للدولة لتسديد اجور ورواتب منتسبيها ، والامر من ذلك حتى العاملة منها لا تحضى بالحماية الكافية او الدعم والجهات الحكومية لا تلبي حاجاتها من منتوجاتها بسبب الفساد وضعف القوانين والتلاعب بها لاجل الاستيراد الذي يمكن تحقيق مصالح شخصية منه .

المواطنون يتساءلون عن السبب في عدم انشاء هذه المدن في داخل البلاد لتاهيل المنشات الوطنية واعادتها الى الانتاج لامتصاص البطالة والتخفيف من الدعم المادي المقدم لها مادام ستصرف انتاجها في بلدنا بالدرجة الاساس وبالتالي تنشط القطاعات الاقتصادية المرتبطة بهذه الصناعات . راسمال هذه المدن سيجلب ادواته من بشر ووسائل انتاج معه ليحقق اعلى منفعة اقتصادية وليس خدمة العراق الا بكونه سوق لتصريف منتجات هذه المدن وربما محطات للاستيراد والتجمبع بدلا من التصنيع .

ان هذه البلدان وغيرها تعلن اهدافها صراحة في زيادة التبادل التجاري وتحديدا تصدير بضائعها الى العراق ووضعت ارقاما غير مسبوقة ، بل ان كلا منها لا تترك حصة او مجالا للاخرى ، فايران وضعت هدفا لبلوغ 20 مليار دولار سنويا وتركيا تطمح ايضا بزيادة حصتها من السوق العراقية والبالغة 10 مليارات دولار الان ،والسعودية عرض عليها الاستثمار في 186 مشروعا ، وتم اعفاء مئات السلع الاردنية ويباع لها النفط باقل من اسعار ” اوبك ” ، ناهيك عن مصر التي تطالب بمعاملة مماثلة ،الى جانب الصين التي تتصدر البلدان الموردة للعراق والتي لا يمكن الاستغناء عن بضائعها الرخيصة وغير ذلك من الدول .

من الواضح ان حكومة عبد المهدي لن تكفي مواردها الايفاء بالتزاماتها بموجب هذه الاتفاقات ، والتقدير الواقعي لهذه الموجة من الاتفاقيات الاقتصادية بعضها من النوع غير القابل للتنفيذ على وفق ما هو وارد فيها انها ابرمت لاسكات بعض الدول وللتغطية على تنفيذ الاتفاقيات مع من هي مؤثرة وذات النفوذ في السياسة الوطنية .