23 ديسمبر، 2024 2:12 م

المدرسة المستنصرية تاريخ عريق

المدرسة المستنصرية تاريخ عريق

تعتبر المدرسة المستنصرية واحدة من أشهر المدارس التي شيدت في العصر العباسي , وكان هذا اسمها منذ البدء . أي منذ إنشائها وقد شيدت في عصر الخلفاء العباسيين والبالغ عددهم سبعة وثلاثون خليفة . وقد بناها الخليفة المستنصر بالله . والذي بدء بتشيدها سنة 625-640 بعد الميلاد (1227- 1242)بعد الهجرة . وتقع في منطقة اسمها شارع النهر قرب جسر الشهداء إلى الجانب الشرقي من ضفة نهر دجلة . وقد أنعم بنائها في عام 631بعد الميلاد و(1224) بعد الهجرة .  وأن المدرسة المستنصرية كانت مدرسة أسلامية في العلوم العربية مثل الطب بكل أنواعها كالجراحة العامة , وكسور العظام . وكانت بالإضافة إلى ذلك تدرس القران الكريم وأيضا تدرس مواضيع أخرى متعلقة بالدين والشريعة والفقه الإسلامي والفريضة والفيلولوجيا أي (علم الفقه ) وكذلك علم القانون وفلسفة التشريع . وكانتا تدرس بكل دقة وموضوعية    ,  ولقد كان أجمل ما يميز المدرسة ويعطيها خصوصية دونا على البقية هو النظام الخاص الذي وضعة الخليفة المستنصر بالله فكانت أبواب المدرسة مفتوحة لذلك كان الإقبال كبير جدا عليها وذلك لشهرتها في التعليم .. وكانت لها مكانتها العلمية  في البلاد ولأنها تحتوي على نخبة كبيرة من العلماء والفلاسفة من ذوي الخبرات والاختصاص . والذين كانت أسمائهم لامعة لن ينساها التاريخ . وكان عددهم في المدرسة لا يقل عن 120 فيلسوف وعالم يتمتعون بسمعة طيبة تسبق خبراتهم التعليمية وبنيت المدرسة ألمستنصريه على شكل بناء متكامل ففي وسطها ساحة أمامية وهي منطقة مفتوحة وتحتوي على حدائق مزروعة بأجمل أنواع الزهور والنباتات . وكذلك توجد ساحة تكون أرضيتها صلبة ومبلطة يستطيعون الطلاب التنزه فيها بين الحدائق وكانت مساحتها كبيرة جدا . أما الغرف الموجودة ليست غرف للتدريس فقط . بل كانت تحتوي على قاعات عدة للتدريسيين وأروقه عديدة تربط الغرف المتعددة مع بعضها وعدد صفوفها أكثر من 80 صف وفيها مطبخ ومشفى ومكتبة . والى الجانب الأيمن من المدرسة جامع كبير بمنارة مميزة لإقامة الصلاة في أوقاتها . وكانت أمام الصفوف من الجانب الأيسر عند دخولك من باب المدرسة الساعة المائية الأثرية وهي تتكون من بازين من ذهب وعندما تمر ساعة من الوقت تسقط من فم الباز بندقة ذهبية لكن هذا الشيء الأثري سرق عند الاحتلال الأمريكي . ولقد كانت هذه المدرسة أشبه بمدينة صغيرة لأهل العلم والمعرفة . وتعتبر مكان مميز لكل من يريد أن يطلب العلم في ذلك العصر . أما أحجار الصفوف الموجودة في هذه المدرسة كانت مساحتها كبيرة وكل غرفة منها تحتوي على ما لايقل عن أربع نوافذ لغرض التهوية وكانت هذه النوافذ قريبة من الأرضية بحيث يستطيع الطلاب أن ينظروا من خلالها إلى الباحة المكللة بالحدائق والزهور وهذه الغرف أو الصفوف مشيدة من طابوق خاص . فكل غرفة عالم بحد ذاته مفصول عن ما يجاوره من الغرف . وأن بناء هذه المدرسة لم يكن مجرد بناء عادي وأنما بنيت من أرقى واغرب الزخارف الهندسية في ذلك الوقت فكان ابهض وأثمن الارابيك وهو نقش يثير التأمل للناظر لعدة ساعات بدون ملل , وتبعث في النفس راحة وتعطي مجال للناظر للتفكر والتأمل . وأن الشيء الجميل في المكان هو وجود عاكسات الضوء في صفوف المدرسة والتي لها القابلية على امتصاص أشعة الشمس وإدخالها على شكل خيوط رقيقة وقتية في الصف وكان يوجد في منتصف الباحة نافورة مياه توزع الماء بدقة على النباتات الموجودة في الساحة وتقسم هذه الساحة الى قسمين وكان يسمى في ذلك الوقت بالإيوان أي يوجد فيها إيوان شمالي وإيوان جنوبي ولقد كان الإيوان الشمالي يحتوي على الجامع الذي كانوا يؤدون فيه الصلاة . أما الإيوان الجنوبي الذي يحتوي على قاعة ضيافة وترحاب للزوار الذين كانوا يرتادون على هذه المدرسة الاثريه الثمينة بحضارتها وظل التدريس قائما في هذه الجامعة المستنصرية أربعة قرون منذ أن فتحت في سنة 621هجرية / 1223 ميلادية حتى سنة 1048هجرية /1638ميلادية وأن تخلل ذلك فترة انقطاع وكانت الأولى في أثناء الاحتلال المغولي لبغداد سنه (656هجرية / 1258ميلادية ) وتوقف الدراسة فيها قليل , ثم عاد اليها نشاطها من جديد حيث استؤنفت الدراسة في نفس ألسنه, وظلت الدراسة قائمة  بالمستنصرية بانتظام بعد سقوط بغداد نحو قرن ونصف من الزمن . وتوقفت الدراسة بها وبغيرها من مدارس بغداد بسبب تدمير ( تيمورلنك) لبغداد مرتين الأولى سنة (765هجرية / 1292ميلادية ) والاخرى في سنة 803 هجرية / 1400ميلادية ) حيث قضى تيمورلنك على مدارس بغداد ونكل بعلمانها واخد معه إلى سمرقند كثير من الأدباء والمهندسين والمعماريين , كما هجر بغداد عدد كبير من العلماء الى مصر وبلاد الشام وغيرها من البلاد الإسلامية وفقدت المستنصرية في هذه الهجمة الشرسة مكتبتها العامرة وظللت متوقفة بعد غزو تيمولنك نحو قرنين من الزمن حتى افتتحت للدراسة عام (998 هجرية / 1589ميلادية ) ولكن لم تدم طويلا فعادت وأغلقت أبوابها  عام (1048هجرية/ 1638 ميلادية ) وبعد أن استعادة دائرة الآثار العراقية ملكية المدرسة المستنصريه عام 1940 ميلادية . حيث أجريت أول صيانة للمدرسة عام 1960 ميلادية والصيانة الثانية كانت في عهد الرئيس احمد حسن بكر في عام 1973ميلادية ومرت بإصلاحات أخرى في زمن الرئيس عبد الكريم قاسم وهو الذي قام بترميم المدرسة وزرع حدائقها وجعلها بأجمل صورة وفي عهد النظام السابق قام هذا النظام بإلغاء الحدائق الموجودة والعمل على تبليطها وجعلها ساحة ذو أرض مستوية وعند دخول الاحتلال الأمريكي تعرضت هذه المدرسة الى السلب والنهب ( فرق البازان الذهبيان الأثريان وحبات البندق الذهبية أيضا ) ونهبها الناس المتخلفون الذين لا يهتمون بآثار هذا البلد العظيم ونرى اليوم هذه المدرسة في شبه تصليحات بسيطة من قبل أمانة بغداد وهيئة الآثار وقاموا بجلي طابوقها حيث اكتسبت جدرانها بالمادة السوداء من كثرة الرطوبة ولموقعها قرب النهر . فقامت أمانة بغداد بجلي هذه الجدران وظهور طابوقها الأصلي والأثري . وعندما ندخل إلى هذه نلاحظ في اعلى بابها لوح خشبي أثري يرجع عمرة إلى الآلاف السنين حيث وضع هذا المكان اللوح الخشبي في أعلى الباب الرئيسي وغلف بيت زجاجي . فنرجو من مسئولي  الدولة الحفاظ على هذ1ا المكان التراثي العظيم وترميمه لأنه يمثل تاريخ كل العراقيين الشرفاء . والاهتمام بهذا الصرح العظيم وتوفير جميع الخدمات الأزمة لهذه المدرسة من كهرباء والأجزاء التالفة والعمل على صيانتها لأنها حاليا لا يوجد فيها أي خدمات . فيجب على الدولة الاهتمام بهذا المكان واستغلاله وفتح المدرسة من جديد وإحيائها وجعل طلاب العلم يرتادون اليها وتوفير الأساتذة الأكفاء أصحاب الشهادات العليا للتدريس فيها وإعادة أمجاد هذه المدرسة من جديد والاستفادة منها .