11 أبريل، 2024 11:56 م
Search
Close this search box.

المخطط الصهيوني الامريكي لتدمير الدولة السعودية

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعد اربع سنوات من اندلاعها، تغيّرت أهداف الحرب في اليمن رأسًا على عقب، كانت إعادة الرئيس الشرعيّ إلى الحُكم، والان صارت كالتالي

1- الدّفاع عن النّفس.

2- منع الحوثيين من الاستيلاء على أراضِ سعوديّة.

3- تأمين المصالح الاستراتيجيّة الحيويّة مِثل المطارات المدنيّة والعسكريّة، ومحطّات الماء والكهرباء والمُدن الرئيسيّة من هجمات الصواريخ الحوثية.

وهذا هو ما احذر منه منذ سنوات عديدة. انه توريط للسعودية في حرب تستهلكها وتجرها الى هاوية لا قرار لها. كثيرا ما اكرر ان المستهدف الاول في كل هذا التوتر في المنطقة هو السعودية لا غيرها. لان السعودية هي اخر اكبر دولة عربية محيطة باسرائيل غنية بالموارد وتملك عدد نفوس كبير، ولهذا السبب ينبغي تصفيتها وافلاسها وتحويلها الى دولة فاشلة. اسرائيل وامريكا مهتمة جدا بتصفية الشرق الاوسط لصالح اسرائيل وجعل اسرائيل الدولة العظمى الوحيدة في المنطقة وسط صحراء زاخرة بالموارد الطبيعية تسكنها قبائل متنازعة وهذا هو المشروع الصهيوني باختصار شديد.
ربما يتمنى البعض انهيار السعودية ولكن هذا بنظري هو الامنية الحرام وخطيئة كبرى لان علينا ان نفرق بين النظام والدولة. النظام السعودي بلا شك نظام رجعي قمعي ولكن ازالة هذا النظام وتغييره ينبغي ان لا تكون سببا لهدم الدولة وتحويلها الى خراب. لان اخراج المستأجر السئ لا يبرر حرق البيت ابداً.
ما حصل في العراق وليبيا وسوريا من اوضح الامثلة واجلاها. مع ان الانظمة في كل هذه البلدان الثلاث السابقة الذكر كانت انظمة دكتاتورية قمعية الى حد كبير الا ان ما جرى من احداث لم يكن ابدا بهدف ازالة هذه الانظمة الفاشية انظمة صدام والقذافي والاسد، بل كان الهدف هو تحويل هذه الدول الى ساحات حروب لا تنتهي ودول فاشلة لا تشكل خطرا الا على نفسها وهذا ما يراد فعله للسعودية ايضا. اكثر ما يشعر بالقلق والاسف ان مخطط تدمير الدولة السعودية يسير بقوة ويزيد من سرعته دور الضحية نفسها.
وسوف اشرح باختصار وبتبسيط اسس مخطط تدميرالدولة السعودية الذي يعمل به منذ فترة ليست بالقريبة.

كما هو معلوم ان الدولة السعودية انما اصبحت دولة كبيرة فاعلة وقوية في منطقة الشرق الاوسط على اسس ثلاث
الاساس الاول: العائلة السعودية المتضامنة فيما بينها ضد اعدائها ومنافسيها ومهما كانت تشتد الخلافات بين اعضاء الدولة فانها لم تسجل اي سابقة من تحالف المتنافسين الداخليين مع منافس من خارج العائلة. وكانت السلطة حريصة جدا على منح امتيازات مادية او سياسية لكل افراد العائلة بشكل عام وحريصة جدا على اضفاء شعورعام بينهم من الرضا وان تخلله بعض المعترضين هنا او هناك. الا ان هذه الاعتراضات لم تكن تعكر صفو تماسك العائلة وكانت لا تعدو ان تكون زوبعة في فنجان.

الاساس الثاني: العامل الديني بالتحالف والتعاون الاستراتيجي مع المؤسسة الدينية الوهابية واستخدام الرمزية الدينية كعامل عاطفي في شد النفوس الى المملكة لما تحتويه من رموز تاريخية وبقاع مقدسة بنظر المسلمين. وكان لهذه المؤسسة دور فاعل كبير ومستقل عن السلطة الحاكمة ولا يجرؤ حتى الملك ان يتعارض مع هذه المؤسسة ولا ان يتخذ اي اجراءات تعارض التوجه الديني المحافظ جدا. وحافظت الدولة السعودية على طابعها الديني منذ تأسيسها بل قامت عليه. ربما سوف يشكك بعض القراء بسلامة هذا التوجه، الا اني لست هنا في مورد تقييم التوجه الديني في السعودية بل لبيان اسس قيام الدولة السعودية. ومن المعلوم جدا ان هذا الاساس الديني والفكر الوهابي اثبت فعالية كبيرة في التأثير السعودي المحلي والعربي والعالمي فلا يمكن لاحد ان يغفل قوة السعودية في تنفيذ مخططاتها الخارجية باستخدام هذا السلاح السري واوضح امثلته افغانستان وباكستان.

الاساس الثالث: القوة المالية الكبيرة من جراء ريع المورد الاساسي (النفط) اذ ان الدولة السعودية تتمتع ببحر هائل من النفط مقابل عدد نفوس متوسط مما امن للدولة خزين مالي كبير ساعدها في الوصول الى اهدافها الخارجية والداخلية ومآربها الخاصة واستمالة دول ومنظمات وجمعيات واحزاب وشخصيات من خارج السعودية وكذلك مواطنيها ايضا عبر استخدام هذه القوة كما انها حافظت على تأمين الوضع الاجتماعي الداخلي رغم قسوة النظام السياسية والفكرية. اذ ان اغلب المجتمع في الدولة بل ربما اي دولة اخرى لا ينتفض او يتمرد على السلطة الا اذا مست موارده اليومية بالعيش. وهذا لم يحصل في السعودية ابدا اذ ان اغلب مواطني الدولة السعودية في وضع مادي جيد جدا حتى الفئات والاقليات التي تشكو التهميش السياسي والاجتماعي لم تعاني من الفقر والعوز بل انها تعيش بحبوحة مادية الا حالات قليلة لا تشوه الصورة العامة من الرفاهية في الدولة والمجتمع.

ولتدمير هذه الدولة فينبغي تفجير هذه الاسس بالكامل لتتحول بعدها الى دولة كسيحة. وهذا ما يحصل الان بعمل حثيث. اذ تم استهداف تضامن العائلة بشكل جوهري اساسي وانتهى دور العائلة السعودية تماما. اصبحت الدولة تعبر عن توجه مجموعة صغيرة من العائلة الكبيرة بل انها باتت ملك لفرد واحد وتعرضت العائلة الى اهانة كبيرة لا سبيل لمعالجتها واصبحت اطراف في العائلة فرقا متنازعة. كل واحد منها يسعى للاطاحة بالاخر وما جرى في عملية احتجاز بعضهم في القصور الملكية كان الضربة القاضية للعائلة وكل هذا جرى بتحريض خارجي وبالاخص امريكي-صهيوني وتم تصويره على انه اصلاح داخلي وتنمية اقتصادية وتم التهليل له كثيرا ولم يتعرض احد لخطر هذه الخطوة على تماسك العائلة وتماسك الدولة بالتالي.
المؤسسة الدينية ايضا انتهى دورها بالكامل والتحفظ الديني اصبح في خبر كان واصبحت المحرمات مباحات بل مستحبات وصار من علائم التمدن والتطور والحداثة وفقدت الدولة رمزيتها الدينية. وتحول رجال المؤسسة الدينية من اصحاب قرار وحليف استراتيجي الى خدم وعملاء لسلطة لا رأي لهم فيها ولا قرار، بل كل مهمتهم ان يزينوا اوامر وتوجهات السلطة الجديدة التي تتعارض مع التوجهات الدينية السابقة وتبرير هذا الانحراف بطريقة سخيفة مضحكة. وهذا الاساس جرى نسفه بدعم خارجي صهيوني-امريكي ايضا بحجة التمدن والتطور والانفتاح والقضاء على الفكر المتطرف بينما في الحقيقة هو ضربة استراتيجية لاساس الدولة والا فان هذا الفكر لم يشكل خطرا على امريكا ولا على الصهيونية بل كان متعاونا معها في كثير من النزاعات الاقليمية والدولية ولا ينسى احد كيف ساهم المجاهدون الافغان الوهابيون بهزيمة الغريم السوفيتي في افغانستان.
اما الاساس الثالث فهذا يجري استنزافه بالبعبع الايراني وسحب موارد هائلة الى الاقتصاد الامريكي بحجة مواجهة الخطر الايراني والحماية الامريكية الامنية من هذا الخطر. وكذلك يستنزف ايضا بزج السعودية في صراعات في اكثر من منطقة مجاورة اولها واخطرها الحرب في اليمن ولا تنتهي هذه التدخلات بدعم مجموعات مسلحة في ليبيا وسوريا وصراع نفوذ في مصر والسودان مما شتت القوة المالية الهائلة التي تملكها الدولة السعودية.
وهذا العامل الاخير هو القشة التي سوف تقصم ظهر الدولة والذي تنتظر امريكا والصهيونية وصوله الى نقطة حرجة لتنزل حينها الضربة القاضية بالدولة السعودية وتحيلها الى صحاري قفراء تتنازعها قبائل متناحرة كما يجري الان في العراق وليبيا تماما.
السعودية كانت دولة يحكمها ملوك رغم كل ما قيل ويقال عنهم الا انهم اتسموا بالعقلانية والحكمة في التصرف والابتعاد عن الطيش والتهور وكانوا يحسبون كثيرا لخطواتهم المستقبلية وهذا ما افتقدته الان. وهو اخطر عامل يهدد بقاء هذه الدولة التي بزوالها سوف يعم شر كبير على المنطقة ككل، الا ان تجري الامور بغير ما يخطط له التحالف الامريكي-الصهيوني.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب