تمرُّ السنون ثقالا كثقل الجبال، تمر السنون عجافا كسنيّ يوسف (ع) و سلام على سنيّ يوسف فايامنا بلا سلام و لا وئام تشرذم و تشتت فيها الايتام و كثُرت الاحلام فإننا امة النيام (ناموا و لا تستيقظوا ما فاز الا النُوَمُ) و كثُر المفسرون للاحلام ففي كل مدينة و قرية و ضاحية مئات المفسرين لهذه الاحلام في بلدً جُله من الارامل و المشردين و المهجرين و المهاجرين و الايتام و على مأدبة اللئام فهذا يبحث عن قطعة خبز و هذا يبحث عن قطرة ماء في سراب خادع يحسبه الظمآن ماءً و في بلد النهرين استوردنا الماء و غدا نستورد الهواء بسبب القصف الانكلو-امريكي و كثُرت الامراض و باتت بلا علاج و حتى طقسنا تغير بفعل هندسة المناخ الامريكية فأجتاحت الفيضانات محافظاتنا في شهر ايار و هي ظاهرة لم يشهدها العراق منذ تاسيسه و غرقت بغداد و تهاوت البيوت على اصحابها و اصبح الموت شيئا بسيطا تلمسه كل حين و تسمع عنه في كل لحظة و…. و……
و في الجانب الاخر كان هناك المئات من الحالمين يبنون و يُصدرون و يستولون و يخططون لانفسهم لا لغيرهم و من ضمن ما يخططون و يسمون هي المخصصات الجهاديةّ!!!!
ان الذي اعرفه و علمني اياه معلمي إن الانسان اذا انتمى لحزب ضحى من اجله فهو يؤمن بمبادئه و نظمه و قواعده و قوانينه و يتفانى في خدمتها لانها تصب في مصلحة الشعب و الوطن و ما اروع هذه التضحية. و حين شق محمد (ص) الصحراء مع آله الاطهار و صحبه الاخيار لم ينتظر جاها او مالا او سلطة بل كان هدف الجميع هو رِفعة الإنسان و تكريمه و بناء حياة حرة كريمة لاجله فلم ينتظر محمد (ص) و لا احد من اهل بيته ولا من صحابته الميامين دُوراً رئاسية و لا قطعا وزارية على شواطئ دجلة او الفرات او بردى او النيل او العاصي بل كانوا يؤمنون بمكرمة الباري عز و جل (و جنةٍ عَرضها السمواتِ و الارضُ اُعِدت للمُتقين) الذين عملوا من اجل وطنهم و شعبهم فاكلوا اليابس و لبسوا الخشن و خاطوا جلابيبهم بايديهم الكريمة الطاهرة التي لم تسرق قوت الشعب فيناموا في القصور و ينام اكثر من سبعة ملايين شخص في العراء و في بيوت الطين و (التنك) و لم تتحرك بوصلة انتمائهم من حزب الى حزب بين ليلةٍ و ضحاها بل باتوا و ماتوا ثابتين و مؤمنين بمبادئهم التي لم تَنل منها السنون و الايام.
اثارت الاحلام و التسميات الجديدة فيَّ الشجون و الالام و بناءً على هذه التسميات فان كل الشعب العراقي يستحق المخصصات الجهادية فالجميع اكل ما يسمى بالخبز و هو عبارة عن قرص اخضر او ازرق صغير لا تستطيع اكله بعد عشر دقائق من خروجه من (الفرن) (التنور) و شربوا المياه الخضراء الاسنة المليئة بالجراثيم و تحملوا القصف الجوي و الصاروخي و اهتزت الارض بهم فتهاوت دورهم و اصبح الكثير منهم اربا اربا و جُنَّ بعضهم من هول الصدمات فهذه امرأة تعدو هنا و هناك لان مكبرات الصوت نادت ان المنطقة ضُربت بالكيمياوي و هذه تُخرج من المشفى لان المشفى ضربت اثناء ولادتها و هذا من تحت الانقاض يصرخ ولا مجيب و هذا يُضربُ باطلاقات امريكية لانه اراد ان يُخرج (عكازته) فيموت فورا و هذا و هذا و هذه و تلك و هؤلاء و كل اسماء الاشارة و الموصولة و لو كتبت الدهر كله لنفد حبري و نفدت اوراقي فهذا اليتيم يصرخ يا من تريدون المخصصات الجهادية تذكروا ابي الذي اختطفته الاجهزة الامنية في الثمانينات وانا ذاهب الى الامتحان يا من تؤمنون بالثقلين و تذكروا يوما اذا التفت الساق بالساق . و تذكروا ان ابو بكر الصديق و علي بن ابي طالب و عثمان بن عفان و عمر بن الخطاب و عمار بن ياسر و نيلسون مانديلا و جيفارا و غاندي و سلفادور الليندي و عبدالكريم قاسم و احمد بن بلا و ابا ذر الغفاري و عبدالرحمن سوار الذهب و مارتن لوثر و طارق بن زياد و موسى بن نُصير و قتيبة بن مسلم الباهلي و رومل و مونتكمري لم يطالبوا بالمخصصات الجهادية لان اجر الجهاد هو سمعة الشخص و تاريخه و هو للشعب و الوطن و كلمة الحق و المخصصات الجهادية عند الله الذي سيثيب عليها و سيكتبها التاريخ بسطور من ذهب و لن تعادلها ميزانيات الدول و دولاراتها.