19 ديسمبر، 2024 12:11 ص

المخدوعون أمثالي في الانتخابات.. ثم اهتديت!

المخدوعون أمثالي في الانتخابات.. ثم اهتديت!

الاعتراف بالذنب فضيلة، وتصحيح المسار تُعد شجاعة، كونك تخوض حربا عالمية داخلية، ووصفها الإسلام، من أعظم أنواع الجهاد، هو جهاد النفس، أحيانا تبنى على قواعد متغيرة الهوى والطمع والغريزة وحب الشهوات، وأحيانا تبنى على قواعد خادعة ووهمية، وصاحبها يكون موهوم، بسبب خداع والمكر الذي يحمله الخادع.
كنت من النوع الثاني، المخدوعين بالخطابات الرنانة، والنبرة الطائفية التي تعتلي المنصات، وأدافع عنهم دفاعا مستميتا، حتى -دخلت في احد الأيام القريبة من انتخابات 2014- نزاعا قويا مع أخي الأكبر، ووصل إلى مستويات مخيفة، داخل العائلة الواحدة، شجار وصوت مرتفع، وجدال، مع إن اغلب كلامه كان مقنع، لكني كنت متعصب لدولة القانون ولشخص الزعيم.
بدأت الحملات الانتخابية، وبدء التثقيف للأحزاب والكيانات السياسية، علما إني لم أكن مرتبط بحزب الدعوة ولا دولة القانون لا من بعيد ولا من قريب، كنت من المعجبين كما هو حال اغلب العراقيين، الايجابية التي كنت أتبجح بها لمناصرة قائمة الزعيم ومختار عصره و وصيفته (أم لسان) هي (خوش يحجي)، لم استوعب اللعبة بعد؛ كون الجو العام كان مشحون طائفيا، بعد خطبة الجمعة التي طالب بها ممثل المرجعية العليا بتغيير الوجوه، والمجرب لا يجرب… كأنها صفعة قد ضربتني، لكني بقيت على موقفي في العلن،وفي داخلي هناك صراع شديد.
حاولت أن أتواصل مع أشخاص قريبين من المرجعية، لكني لم احصل على جواب واضح، وكان اغلب الأجوبة، هي ما يقال في خطبة الجمعة نفسه؟! قربت الانتخابات وما زال الغموض والغشاوة تغطي عقلي وفكري، دخلت في موجة صراع ثانية، عندما تعرفت على احد الأشخاص المطبلين لقائمة القانون، وأذهلت عند دخولي مقر دولة القانون في المحافظة، فوجدت عشرات آلاف “البوسترات” والحقائب والكتب وكل ما يستخدم في الدعاية الانتخابية، لو جمعت أموالها لعينت ألاف الشباب العاطل عن العمل، في هذه اللحظة أصابني الذهول، وأخذت مجموعة من الإعلانات والكتب التي تمجد بقائد الضرورة، علما إن جميعها طبعت خارج العراق.
هنا انتابني شعور سيئ جدا، ذهبت إلى البيت وعناداً؛ مع أخي وزعت صور دولة القانون في كل أرجاء المنزل، وكان من ضمنها رايات وأقلام وشعارات، ثم رقدت على الوسادة وانتابني شعور غريب، هل أنا على صواب أم أخي هو على صواب، أصبحنا يوم الانتخابات، وذهبت إلى المركز الانتخابي، مع أهلي، و انتخبنا دولة القانون بكل نجاح، لم تشفع نفسي اللوامة في تغيير رأي، ولا حديث المرجعية ولا حديث أصدقائي.
يومها جلست أشاهد التلفاز، وذهني شارد في ما فعلت، حتى أرغمت نفسي في صباح اليوم التالي، وذهبت إلى أخي الأكبر، وطلبت منه أن يوضح لي وجهت نظره، لكني لم اقتنع بكلامه، وهو علم بعدم قناعتي، فاقترح علي لقاء شخص يوصل لي الفكرة كاملة، بعد فترة التقيت بالشخص، وأصبحت الأمور تنكشف تدريجيا، من طلب المالكي إعلان حالت الطوارئ، إلى ظهور نتائج الانتخابات، ورفضه التنحي، وعدم تسليم الحكومة، كلها كانت منظفات لما علق في عقلي وعيني.
اليوم والحمد والشكر للباري وكل من علمني وأعطاني الدروس لقراءة الظواهر السياسية، والمسرحيات التي يستخدمها البعض لنيل أصوات انتخابية، وهناك الكثير الذي ينتظرني كي أتعلمه في بحر السياسة العميق، وكنت أتمنى لجميع الشباب أن يعوا حجم المرحلة وقوة العدو الحقيقي الذي يقف وراء هذه الأجندات الخارجية والداخلية، لم تكن معركتي سهلة، وخسرت بها كثيرا، وربحت أخيرا بقربي من مرجعيتي العظيمة، وقراءتي لخطواتها بكل أدراك وتمعن، فهي الأب الروحي لجميع العراقيين، وإنها حقا امة في رجل.