لا جدالَ ولا شكّ أنَ الكميات التي اكتشفتها الأجهزة الأمنيّة من المخدرات في البصرة ومطار بغداد قد لا تعادل ما جرى تهريبه طيلة السنوات الماضية اكثر من واحد بالمئة , ولربما الرقم اّقل من ذلك بكثير , ولا يعني مطلقاً أنّ تهريب المخدرات سوف يتوقف , إذ يبدو أنّ لها او عليها طلبٌ واستجابة كبيرة , بجانب أنها تدرّ ارباحاً عالية . كما من المؤكد ومما لا يختلف عليه اثنان أنّ المخدرات أشد خطورةً من المشروبات الكحولية , فهي تسبب الإدمان اولاً , وانها تدمّر الجهاز العصبي للأنسان وهي تقوم بتعطيل وعزل جيل كامل من مستخدميها عن الحياة .
وبهذا الصدد وتبعاته وابعاده , فالجميع يستذكرون تصريحاً سابقاً ومن وقتٍ ليس ببعيد للسيد عمّار الحكيم قال فيه < هنالك 70 ملهى ليلي غير مجاز ويعملون بحريةٍ تامّة > , ولا بدّ هنا أنّ الملاهي الليلية المجازة هي اكثر عدداً من تلك السبعين , كما هنالك تصريحٌ آخر للنائب السيد فائق الشيخ علي بأنّ بعض احزاب السلطة تضع قيوداً على مراكز الترفيه التي تقدم المشروبات الكحولية , او حتى تغلقها في مناطقٍ ومحافظات , بهدف أن تضطرّ بعض الناس للجوء الى حبوب المخدرات للهروب من الواقع الأجتماعي والأقتصادي البائس , واضاف النائب ايضا : < أنّ علب البيرة تباع في البصرة بضعف سعرها في بغداد > بغية ترويج وتسهيل بيع اصنافٍ من المخدرات .
ربما تشعر الدولة بأحزابها الدينية بحرجٍ ما في الإعلان عن السماح في اعادة افتتاح المراكز الترفيهية والأمكنة التي تقدم الكحوليات , إنما ما معنى هذه الأزدواجية في ترخيصٍ نوادٍ ما ومنع غيرها .! ولا نتحدث هنا عن الكباريهات والملاهي المبتذلة , لكنما ارتياد الناس للنوادي الليلية الخاصة وحتى النهارية التي تقدم المشروبات الكحولية هو من الحريات الشخصية والعامة , ولا يحقّ للدولة منعها , وكلّ من يستخدمها فعلى مسؤوليته الشخصية والدينية , ونذكر ونذكّر أنّ طوال عمر الدولة العراقية وبمختلف الحكومات التي تعاقبت عليها , فلم يجرِ غلق ايٍّ من تلك النوادي الترفيهية , بل وكانت كافة مطاعم الدرجة الأولى تقدم الكحوليات ايضاً , كما كانت جميع نوادي النقابات العائلية تحفل بمثل ذلك , ولذلك كان العراق أبعد بلدٍ عن انتشار ووجود المخدرات .
لا نقصد هنا بالطبع ترويجاً دعائياً لفتح البارات وارتشاف المشروبات الكحولية , بل الهدف وضع حدٍّ ما لوقف انتشار وتعاطي المخدرات في البلاد , وبعكسه فأنه تدميرٌ ممنهج ومبرمج للمجتمع , بل أنّ النائب فائق الشيخ علي اضاف في حديثه آنذاك بأنّ صالاتِ قمارٍ مجازة رسمياً وتدرّ ارباحاً بمليون دولار يومياً , وتعمل تحت حماية احزاب وفصائل مسلحة . فأيهما اخطر .! , فأستمرار تفشّي المخدرات هو اخطر ما قدمته العملية السياسية للمجتمع , وينبغي عدم تأويل الكلمات هنا .!