23 ديسمبر، 2024 3:49 ص

المخدرات والمجتمع والشعورالمتزايد بالضياع

المخدرات والمجتمع والشعورالمتزايد بالضياع

لازالت مشكلة المخدرات تثير القلق في العالم وتخيّم على الأفق. فوفقا لتقرير المخدرات العالمي لعام 2017، يعاني حوالي 30 مليون نسمة على اقل تقدير من اضطرابات ناجمة عن تعاطي المخدرات في العالم و تشكل وسيلة ربحية لبعض ضعفاء النفوس من التجار،إن التحديات المتعلقة بالمخدرات هي من أكبر المشاكل التي تواجهها المنظمة الدولية للامم المتحدة لما لها من آثار واسعة النطاق على الصحة والأسر والمجتمعات وكذلك الأمن والتنمية المستدامة.ومع الاكتشافات الطبية التي أثبتت ضرر المخدرات على جسم الإنسان، وتهديد المخدرات لحياته وعلاقاته، بدأت دول العالم تسن التشريعات التي تجرّم المخدرات تعاطيا وتجارة ويتطلب تعاونا دوليا واستجابات فعالة في مجال تطبيق القانون والعمل به بجد لوقف شبكات الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر وتجار المخدرات مع الاحترام الكامل لحقوق الإنسان ووفقا للمعايير والقواعد الدولية. وللحقيقة والتاريخ فإن بداية التجريم كانت لحماية الطبقة الوسطى، وبالتالي فإن التركيز على حظر هذه المواد لم يشمل طبقات أخرى . في العراق كان في السابق ممرا اما اليوم فهو اصبح بؤرة وانتشرت في مدنه كلنار في الهشيم والمكتشفات تبلغ الاطنان سنوياً حسب الشفافية الدولية و تروج بها قوى شريرة ومافيات فاسدة تحاول افساد المجتمع تقودها عناصر ومجموعات تعشعشت في السلطة تلعب بهذه الورقة وبدأت قوافل الشهداء من رجالات الامن تزف بيد تجارها حيث تسقط مضمخة بدم الوفاء للقيم والاخلاق ، في حين هناك نفوس ضعيفة تدعم المتاجرين بالمخدرات لاسباب مختلفة منها سياسية واخرى ربحية ،علما أن من اكثر المناطق التي تروج بها المخدرات هي المقاهي التي يرتادها الشباب عن طريق الاركيلة التي تنوعت اساليبها وانواعها واصدقاء السوء ، بالإضافة إلى ذلك لابد ان نؤكد على فكرة غياب التوعية من قبل الجهات المختصة وتتّسم أسواق المخدرات بسرعة تطور المواد المخدرة . ووفق ما قالته المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية في حزيران الماضي فان عدد السجناء يقدر ب 8 آلاف معتقل في العراق على خلفية قضايا تعاطي ومتاجرة في المخدرات واضعاف هذا العدد يتعاملون معها خارج نطاق السجون وفي مناطق مختلفة موبوءة ،

ويعتقد علماء النفس انه يصبح مرض بمرور الايام ويستفحل في نفسية من يستفاد منها و يعاني الكثير منهم شعوراً متزايداً بالضياع والخوف من المستقبل فعلى هذا الاساس لابد أن تتوفر مناخات صحية لمعالجة منسجمة مع مثل هذا المرض ويخرجون من هذه الظاهرة للحياة الطبيعية ، خاصة وأن اهم اسباب هذا المرض هو الفشل التعليمي الذي لو استطعنا احتواء هذا المنظومة الحيوية المضمونة من خلال تطوير العملية التعليمية دون مهابات، نستطيع من خلال ذلك أن نقفز على الحاجز العمري وردم فجوة الادمان في سن المراهقة.

الشيء الاخر التوجيه الاجتماعي والارشادي ي لمواجهة زملاء السوء في المدارس المتوسطة والاعدادية بنين وبنات وحتى الجامعات والمعاهد ومنع التدخين في هذه المؤسسات والتي تعتبر وأحدة من اهم اسباب الذهاب نحو الادمان ولابد أن يكون هناك توجيه اسري واجتماعي وثقافي وامني تشارك بها المؤسسات المختلفة بغية مراقبة الشباب وما يحيط بهم و ما يساعد على انحدارهم نحوها .ووجوب الاكثار من الحاضنات الترفيهية والملاعب الرياضية والنوادي الثقافية والاجتماعية التي تملئ وقت الفراغ والتي تنتزعهم من الاماكن الموبوءة بطرق مدروسة يشارك فيها اصحاب الاختصاص ، أضف إلى ذلك فأن النموذج التربوي الذي تعتمده الاسرة هو ايضا عامل مهم في ترويض الشباب وصقل مواهبهم لابعادهم عن هذا الشبح المخيف ، وفي خلاف ذلك يتحول الشباب من حالة الايجاب نحو الطاقة السلبية ، ويرتهن متعاطوه في كثير من الأحيان بدوامة التهميش، مما يجعل تعافيهم واندماجهم من الناحية الاجتماعية أمراً صعباً لان هذه الظاهرة متى ما دخلت اي مجتمع اصبحت ضارة بالتنمية و ثمّة موارد ثمينة تُنهب لتحقيق مكاسب شخصية. ومن اجل ذلك نشهِد انعقاد دورات تثقيفية بين حين واخر لتنفيذ اتفاقيات الأمم المتحدة تشرف عليها لجان مختصة من المنظمات الدولية لمكافحة الفساد، التي تركز على التدابير الوقائية واسترداد الأصول .

ومما يؤسف له أن الكثير من الفعاليات الثقافية والدينية والسياسية في العراق ، لا تمتلك الجرأة القوية في تناول موضوعات في غاية الخطورة ومنها المخدرات لاسباب اجتماعية وثقافية وغيرها او تغض عنها ،كما ان استفادت بعض القوى المسيطرة في البلاد من هذه الحالة، وهناك من جهات تسعى دائما إلى استمرار ضعف المؤسسات النافذة للقانون، من اجل استغلال الوضع العام لتحصيل الكثير من المكاسب، لذلك لا يمكن لها ان تطرح موضوع المخدرات على المستوى العام المحلي والعالمي حسب اعتقادها بسهولة لتبتعد عن مكامن الخطراو التصفية وعلى الاقل التهديد ، وبالعكس من ذلك هناك مؤسسات ومنظمات دولية متابعة لموضوع المخدرات تعمل من اجل الحد منها .

مشكلة المخدرات من أعظم المشكلات التي تهدّد أمن وسلامة اكثرالمجتمعات وخاصة الفقيرة وتعوق تقدمها الاقتصادي والاجتماعي؛ لأنها تستنفذ الكثير من موارد المجتمع وتبدّد الكثير من طاقات وقدرات أفراده، وأضحت المخدرات ظاهرة عالمية يعاني منها الكثير من الشعوب، والمخاطر الناجمة عن هذه الظاهرة تستدعي ضرورة التصدي لها ومحاربتها بمختلف السبل والوسائل، ولهذا يجب على الجميع التعاون من أجل القضاء والحد من انتشار هذه الآفة المدمّرة التي تؤدي إلى ضياع الشباب وإهلاك المجتمعات.ان ظاهرة المخدرات فيها من الخطورة تُكلّف البشرية الكثير من الأرواح بمِقدار يفوق ما تفقدُه في الحُروب العالميّة و التّعاطِي المُستمِر للمُخدّرات يُؤدي إلى الإدْمان، والذي لا تعد مُشكلة محليّة فقط، بل هي ظاهِرة موجودة بالفِعل في كافّة المُجتمعات الدّوليّة والدُول الصُغرى والكُبرى والمُدُن،والمطلوب ان تتكاثف الجهود لأجل حلِها من خلال الهيئات الدّولية والمُنظّمات العالمية وإيجاد حُلول لاستئصَال هذه المُشكلة.
ولا شك ان الوصول إلى وطن بلا مخدرات في الامكان من خلال وضع استراتيجيات وقائية استشرافية للتعامل مع اتجاهات وأنماط تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية.

لاشك ان دعوة المؤسسات الأسرية والمجتمعية إلى إعداد استراتيجيات وسياسات لمواجهة أنماط التغييرات المتوقعة في الأسر والمجتمعات المحلية من الامور المهمة ، والتي قد تعمل على تقليل عوامل تعاطي المخدرات والمؤثرات العقلية، فضلاً عن دعوة مؤسسات المجتمع المدني الرسمية وغير الرسمية إلى الاستفادة من نتائج أبحاث استشراف المستقبل، وإدماجها في سياساتها وبرامجها لمواجهة تنامي ظاهرة تعاطي المخدرات لاسيما بين النشء والشباب. وفي العراق بين عامي 2017 و2018 شهدا ارتفاعاً ملحوظاً في نسبة تعاطي المخدرات وترويجها وبيعها، بسبب الانفلات الأمني الذي يشهده البلاد وعدم وجود برنامج امني حكومي ، وعدم السيطرة على السلاح وانتشار البطالة، بالإضافة إلى عدم وجود عقوبات رادعة وضعف القوانيين ، بعد ان كان قبل عام 2003 يُعدّ من البلدان النظيفة من التعاطي أو الترويج للمواد المخدّرة، لكن إبان الغزو الأمريكي للبلاد، ومع تراجع الوضع الأمني وانتشار الجماعات المسلّحة وعدم السيطرة على السلاح، بدأت تجارة المخدرات تلقى رواجاً كبيراً” وخصوصاً بين فئة الشباب لكلا الجنسين والسبب في ذلك لها اسبابها الاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي كانت لها تأثيرات مباشرة في ارتفاع تلك النسب، مما جعلتها تؤثر على مدخولات الأسر العراقية،و استنزافها اقتصادياً، خاصةً بعد التنوّع الكبير في أنواع المواد المخدّرة، التي كانت مقتصرة على انواع محدودة وبأسعار متفاوتة. من أجل ديمومة وجود المخدرات في أيدي المتعاطين بدؤوا يقومون بأعمال إجرامية تنافي السلوك المجتمعي؛ ومنها الاعتداء على ذويهم، وكذلك قيامهم بسرقة الأموال بغية الشراء.على كل حال تمثل المخدرات اليوم احدى افرازات العولمة الجديدة وتطورها وظهور التكنولوجيا، ناهيك عن صعود الامراض النفسية والروحية والاخلاقية في العالم، وهذا نتيجة تطور التكنولوجيا وخفوت القوة العضلية لدى الانسان، وهذا واقعا ما يتبناه الكثير من علماء الاقتصاد اليوم وهم يعزون الامر لحالة الاستغناء عن الانسان كقوة قادرة على العمل والاستعانة بدلا عنه بالتكنولوجيا . يجب دراسة هذه الظاهرة والعوامل المؤدية لها وهذه العوامل بعضها تكويني وبعضها اقتصادي وبعضها نفسي ومختلف العوامل الاخرى تشترك بها مجموعة من الجهات ولعل أهمها (الحكومية الاتحادية، والمحلية، والأجهزة الأمنية، والقضائية، والدينية، والإعلامية، ومنظمات المجتمع المدني، والعشائر، والمجتمعات المحلية، والمختصين في مجال علم الاجتماع، وعلم النفس، والتربية، والتنمية، وغيرها من التخصصات ) و يجب ان تكون تلك العوامل بسلة واحدة وأن تخرج بتشريع قانون متشدد واحد ومحاكم مختصة واتخاذ سياسة واضحة غير مجتزأة توقف كل تلك السلوكيات اهمها مراقبة المعابر الحدودية القانونية وتزويدها بالوسائل الحديثة والاسلحة المتطورة وبعقد الاتفاقات المحكمة مع الدول المجاورة وغلق الطرق النيسمية الحدودية البعيدة عن اعين السلطة بالتشديد الامني عن طريق الكامرات والوسائل التخصصية والطائرات المسيرة وايجاد فرص عمل تساعد في القضاء على البطالة لكي تنهي هذه الظاهرة من جذورها وتخلص العراق من شرها.