المخدرات والخطر الذي ألحقته بالمجتمع العراقي

المخدرات والخطر الذي ألحقته بالمجتمع العراقي

في البداية، لا بد لنا أن نتحدث عن صناعة المخدرات ومناشئها التي ترتبط بصناعة الدواء تقريبًا. تُصنع المخدرات من مصادر متعددة،  منها نباتية، وتكون ذات تأثير فعال جدًا،
وهناك مخدرات نصف صناعية تُحور كيميائيًا في المختبرات، وربما يصبح تأثيرها أكبر مثل الهيروين والمورفين والكوكايين المعدل، إضافة إلى وجود مخدرات صناعية بالكامل مثل الكريستال، الذي يُعتبر مادة منشطة شديدة الإدمان. والقائمة طويلة لأنواع عديدة من هذه الآفة الخطيرة.
ان من يعيش الواقع العراقي ويعرفه جيدًا قبل عقدين من الزمن، يدرك أن هذه المخدرات كانت من الممنوعات، وكانت تُعتبر من الأشياء المحرمة ضمن عادات وتقاليد المجتمع العراقي. وكان القانون يشدد العقوبة على كل من يتاجر أو يتعاطى بها، وقد تصل العقوبة إلى الإعدام في بعض الأحيان، لأن القوانين كانت تعتبر أن هذه الآفات تهدد الأمن والاستقرار في المجتمع، وأن خطرها لا يقتصر على الصحة الجسدية والنفسية للإنسان، بل يشمل جوانب كثيرة في الحياة منها الاجتماعية والاقتصادية والأمنية. ومع الأسف الشديد، فقد أصبح العراق في العقود الأخيرة الساحة الخصبة لمرتع هؤلاء المجرمين الذين أصبحوا يعيثون في الأرض فسادًا، خاصة بعد الانفلات الأمني الذي حدث بعد عام 2003، وضعف سيطرة الدولة على الحدود، وكذلك بسبب البطالة والفقر وضعف الوعي المجتمعي، إضافة إلى وجود شبكات تهريب لا تخاف من القانون الضعيف.
اليوم، مع الأسف الشديد، انتشرت هذه الظاهرة في عموم المحافظات العراقية تقريباً وظهرت آثارها السلبية، خاصة الصحية منها، فتجد انتشار مرض السرطان والتهاب الكبد وفشل أعضاء حيوية في جسم الإنسان، والتي تؤدي إلى حالات الوفاة، إضافة إلى حالات الإدمان التي تتزايد في صفوف الشباب نتيجة اللاوعي الموجود في المجتمع، إضافة إلى تفكك الأسر وانتشار الطلاق والتشرد والانحراف الأخلاقي الذي نراه ونسمع عنه من رجال القانون. وقد بانت آثارها أيضًا على الجانب الاقتصادي، حيث استنزاف ميزانية الدولة في علاج المدمنين، وكذلك ملاحقة الأجهزة الأمنية للمتاجرين وما نفقده من طاقات بشرية، كل هذا بسبب انتشار المخدرات في مجتمعنا العراقي الذي كانت تُعتبر هذه الظاهرة فيه معدومة نهائيًا.
ان الجميع مطالب اليوم بنشر ثقافة المجتمع ومساعدة جهود الدولة في مكافحة المخدرات، ويجب أن تكون هناك تشريعات صادرة من مجلس النواب العراقي وقوانين تُغلظ فيها العقوبات بحق المتاجرين والمروجين لهذه السلعة الفاسدة. وعلى رجال الدين ورجال الإعلام أن يقوموا بتوعية الشباب وتحذيرهم من هذه المخاطر، وأيضًا يُطالبون الحكومة بإصدار أقصى العقوبات بحق كل من تسول له نفسه المتاجرة والعمل في البيع والشراء فيها. كذلك، على الحكومة أن توقع اتفاقات دولية مع دول الجوار وأن يكون هناك تعاون مشترك في ضبط الحدود وعدم التهاون مع هؤلاء المجرمين.
إن بناء مجتمع صحيح خالٍ من الشوائب يتطلب من الجميع التعاون وأن يكون هناك وعي ثقافي، وأن نضع في الحسبان أن آفة المخدرات تعتبر بمستوى خطورة العمليات الإرهابية نفسها، فجميعها تؤدي إلى قتل الإنسان وإلحاق الدمار في المجتمع.
دعواتنا إلى الجميع للتعاون والحيطة والحذر ومراقبة العوائل لأبنائهم حتى لا تكون هناك خسائر جسيمة لا تُحمد عقباها، خاصة أننا جميعًا نعرف أن هناك إحدى مديريات الأجهزة الأمنية معنية بمكافحة المخدرات، ويمكن للجميع الاتصال بهم عند شعورهم بالخطر أو مشاهدتهم لعمليات مشبوهة تخص هذه الآفة الخطيرة.