قضية الاختفاء القسري للمواطنين جريمة انسانية لاعقاب لها لدينا بسبب غياب التشريعات والعقوبات ضد مرتكبي هذه الجريمة الذين يعيشون احراراً طلقاء فيما عوائل المختفين يحدوها الأمل بالأجوبة الغائبة عن مصير احبائهم .
أيتام وأرامل وثكليات ينتظرون الاجابة عن تساؤلاتهم المريرة عن مصائر ابنائهم تحت شعار ” نريدهم احياءً أو أمواتاً ” حتى تنتهي رحلة الألم منذ سنوات ، فأي محنة هذه حين لاتعرف أم أو زوجة أو اخت مصير من يحبون متطلعين الى أمل سرابي في ان يروهم ذات يوم عائدين الى منازلهم واحضانهم ..
ربما يتصور البعض ان هذه المحنة هي وليدة حرب تحرير المحافظات منذ دخول داعش على خط الصراعات الدائرة في البلاد منذ 2014 ، والحقيقة غير ذلك فللقضية تأريخ أبعد بكثير .
يقول تقرير للجنة الامم المتحدة المعنية بحالات الاختفاء القسري في العراق “هناك نحو مليون عراقي آخرين غير معروفي المصير، اختفوا في العقود التيتلت وصول صدام حسين إلى السلطة، والعقود التي تلت الإطاحة به..!
فيما تعيش عائلات هؤلاء الضحايا على أمل الحصول على أي إشارات أملللعثور على أبنائها، لكن مشكلة “الإفلات من العقاب” تعيق حل المشكلة“..!
لو طبّقنا معايير الاختفاء القسري على الوضع العراقي لاكتشفنا اننا نتحدث هنا عن ارقام متواضعة لعهدين اتسما بتنوع سلوكهما بإخفاء المواطنين “غير المرغوب فيهم ” أو ضحايا “اتهامات باطلة ” أو الاعتقالات الجماعية دون ” سند قانوني ” !
والكارثة ان الاختفاء القسري يعقبه “رفض الاعتراف بحرمان الشخص منحريته أو إخفاء مصير الشخص المختفي أو مكان وجوده، مما يحرمه من حمايةالقانون“.
وبمناسبة اليوم العالمي لضحايا الاختفاء القسري أشارت لجنة الصليب الاحمر الدولية إلى أن “عائلات المفقودين تعاني من ألم شديد وحالة انعدام اليقين، معصعوبات إضافية في فهم المسارات القانونية اللازمة، مثل استخراج الوثائقالمدنية وتحديد هوية الرفات البشري“!
للأسف الشديد ان هذه القضية الانسانية التي لاتحتاج الى فبركات كلامية ولاانشاءات لغوية يجري استخدامها في الصراعات السياسية الدائرة في البلاد دون النظر الى حجم المعاناة التي يعانيها اهالي المختفين قسراً !!
وفي هذا اليوم المخصص لهم لم نسمع الكثير من الدعوات ولا التحركات من الفعاليات السياسية لفتح واغلاق هذا الملف البالغ الخطورة ، ربما باستثناء تغريدة لزعيم تحالف السيادة خميس الخنجر والتي جدد دعواته المستمرة لـ “معرفة مصير آلاف المخفيين قسراً من أبناء محافظات الأنبار وصلاح الدينونينوى وكركوك وديالى ومناطق شمال بابل وحزام بغداد إبّان الحرب علىالإرهاب.إن مصادقة الحكومة العراقية على مشروع قانون مكافحة الاختفاءالقسري، تضع مجلس النواب أمام مسؤولية تشريع قانون تجريم الإخفاءالقسري وإدراجه كجريمة مستقلة في التشريع الوطني.
كما إن :معرفة مصير ضحايا الاختفاء القسري وتعويض المتضررين جراء تلكالجريمة البشعة، ومحاسبة مرتكبيها، مسؤولية وطنية إنسانية أخلاقية تتطلبوقفة جادة من مؤسسات الدولة كافة“…