كان لابد لي قبل ان اكتب هذه المقالة ان اكتبها بطريقة تختلف عن الطرح السائد الرافض وهو المعتمد على موضوع المذهبية أو القومية، فبالنسبة لي ما يهمني هو الاجابة على تساؤل هل ان قائمة مرشحي الجعفري لمنصب السفراء قانونية أم لا؟؟؟
لذا كان لابد من ان التقي بعدة قانونيين سواء داخل او خارج السلك الدبلوماسي وموحتى لا يحرج من هم في الخدمة خوفاً من عواقب تفسيرهم القانوني لاجراءات وزير الخارجية السيد ابراهيم الجعفري غير القانونية، ارتايت ان استعين ببعض الخبرات من المتقاعدين، وبتأني وتمحص وجدت ما يلي:
1. ان القائمة التي قدمت الى مجلس الوزراء كانت على اساس تعيين سفراء بالتسمية، اي الدبلوماسي بدرجة وزير مفوض يقدم كسفير للدولة الاجنبية ولكن درجته الوظيفية تبقى على حالها في العراق،، وهذا ما يفهم من خلال نص تصريح مجلس الوزراء بان المجلس وافق على مرشحي الوزارة للسفارات، لان فيما يتعلق بتارشيح السفراء يتم الترشيح من الوزير ثم اعتماد الترشيح من قبل مجلس الوزراء ثم مجلس النواب، ولا تحدد السفارات لهم في نفس الامر، وانما هذا يتم باجراءات لاحقة.
2. وعلى هذا الاساس فلقد خالف وزير الخارجية نص المادة 27 من قانون الخدمة الخارجية لسنة 2008 إذ ان التسمية تقتصر على درجة وزير مفوض حصراً فيما القائمة تضمنت مستشارين ومدراء عامين، وعليه يكون مجلس الوزراء قد خالف القانون باعتماده هذه القائمة.
3. وهنا مخالفة قانونية واحتيالية باعتبار هذه الموافقة هي لمنصب سفير بدلا من سفراء بالتمسية من خلال ارسال القائمة لمجلس النواب للمصادقة عليها، في حين ان القائمة هي لسفراء بالتسمية لا تحتاج الى موافقة مجلس النواب، وهنا يبدو الامر احتيال على مجلس النواب والقصد منه ايهامهم بانها قائمة سفراء والحصول على موافقة لهم بمناصب سفراء وليس اعتمادهم بالتسمية.
ولكن قد يقول قائل ان القائمة كانت لترشيح سفراء وليس للتسمية، ورغم شكي في هذا الاحتمال الا انني ساتعامل معه:
اذا ما كانت هذه القائمة هي لمرشحي السفراء أو حتى لمرحشين سفراء بالتسمية فلقد خرق وزير الخارجية قانون الخدمة الخارجية لسنة 2008 عدد من فقرات المادة (9/ثانيا)، والتي نصت على ما يلي (يشترط فيمن يعين سفيراً ان يكون:
ج- من ذوي الخبرة والاختصاص ومن المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة.
هـ – ان لاتقل درجته الوظيفية عن درجة مستشار .
و- ان يتقن احدى اللغات الحية او ان يكون له المام كاف بها في الاقل.)
الا اننا نجد في القائمة المذكورة مدراء عامين، بذريعة انه سبق وان استحصلت موافقة مجلس الوزراء على اعتبار الوزير المفوض مدير عام، والواقع ان هذه الصفة تنسحب لاغراض الامتيازات فقط، ولا تنسحب الى الدرجة الدبلوماسية ويعني هذا ان الوزير المفوض هو مدير عام، ولكن المدير العام هو ليس وزير مفوض بل هي درجة ادارية وعليه لا يجوز قانوناً لوزير الخارجية ترشيحه لمنصب سفير.
والفقرة الخاصة من ذوي الخبرة والاختصاص ومن المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة، وهنا نرى ان عدد من المرشحين هناك اجماع كامل (عدا الوزير لانه من اتباعه) لا يملكون اي كفاءة سوى قربهم وصلاتهم المباشرة بالوزير، والاسماء معروفة للقاصي والداني.
والفقرة (و) اشترطت ان يتقن المرشح اللغة الحية، وابتداءا على سبيل المثال جماعة الوزير الجعفري (احسان العوادي وقيس العامري وغيرهم) بل اكثر من نصف القائمة لا يتقنون أي لغة حية وليس لديهم اي المام بأية لغة اجنبية، وبالتالي ترشيحهم يعد باطلاً لانهم لا يملكوهذا الشرط.
وفي خرق آخر فان شروط تعيين الدبلوماسي اقتضت بموجب المادة 4 من قانون الخدمة الخارجية ان يكون حائزَ على الشهادة الجامعية الاولية على الاقل معترف بها او مايعادلها في فروع لها علاقة بالخدمة الخارجية، ومن باب اولى هذا لاالشرط ينسحب على السفراء ايضاً، ونلاحظ ان القائمة تضمنت مرشحين لديهم شهادات (طب بيطري، وتربية رياضية).
واهم نقطة ان شروط ترشيح السفراء من السلك الدبلوماسي التي حددت بان يكون من ذوي الخبرة والاختصاص ومن المشهود لهم بالنزاهة والكفاءة، هي تنطبق على المستشار والوزير المفوض المسلكي، اما ان تأتي مثلا بقيس العامري او احسان العوداي وتعينه بدرجة سكرتير اول ثم في خلال شهور او سنة تمنحه وزير مفوض، فحتى لو كان الاجراء في التعيين والمنح قانوني (هنا توجد ثغرات في هذا الموضوع نتيجة موضوع الفصل السياسي) فان هؤلاء لا تنطبق عليهم هذه الفقرة فالخبرة والكفاءة هي في الخدمة الدبلوماسية المفترضة والتي تبدا من ملحق وصولا الى مستشار ووزير مفوض وتصل الى حوالي عشرين سنة خدمة دبلوماسية فعلية مع تقييم مختلف الرؤوساء على مر السنين،،، اذن ما جرى هو احتيال على القانون، وهذا ما نلاحظه في القائمة إذ وضعت الاسماء التي لديها الدعم القوي من الوزير في الوسط والنهاية لتمريرها مع بقية الاسماء.
وفي النهاية يتضح ان كل ما جرى سواء كسفراء بالتسمية او موافقة عليهم، او محاولة خداع مجلس النواب باعتمادهم كسفراء، كل العملية كانت مخالفة لقانون الخدمة الخارجية والغرض منها حصول جماعة الوزير الجعفري على مناصب سفراء، إذ ان اصرار العبادي على اجراء الانتخابات بعد ستة اشهر جعلهم يتخبطون في دوامة ويسرعون في هذه القائمة وبضغط هائل من الجعفري على العبادي.
وحقيقة لا اود ان اعلق على موضوع ترشيح الاخوان الكرد، ولكن المرشحين هم من اعضاء حزبي البارزاني والطلباني، وهم ممن كانوا قد حزموا حقائبهم بانتظار اعلان الاقليم دولة مستقلة، فهل نقوم الان بترشيح هذا العدد 8 سفراء منهم والان في هذا الوقت العصيب؟؟؟؟
ولن نتكلم عن تجازوات الجعفري بحق الدبلوماسية العراقية وتعيينه لمئات من اتباعه في الوزارة، بل وتسليمه رئاسة ثم معاونية معهد الخدمة الخارجية لفتىً غر من اتباعه هو ياسر عبد الحسين في حين ان المعهد يضم في ملاكاته وزير مفوض ومستشار ولكن السلطة لقريب الوزير الفتى الغر الذي عاث بمعهد الخدمة الدبلوماسية فساداً، في ممارسة لم تعرفها وزارة الخارجية منذ تأسيس المعهد في نهاية السبعينات ومطلع الثمانينات، مع الاسف الشديد. وايضاً بمخالفة للقانون لان المذكور بدرجة سكرتير ثاني في حين ان منصب رئيس قسم يجب ان لا يقل عن سكرتير اول، وبالتالي المعاون مستشار او وزير مفوض وهذا بنظام وزراة الخارجية المصادق عليه من مجلس الوزراء،
وختاماً اقول لللاخوة الشرفاء من البرلمانيين مع الاسف اللوم الاكبر يقع على عاتق لجنة العلاقات الخارجية البرلمانية والتي مع الاسف لا يملك اعضاءها اية معلومات قانونية عن قانون الخدمة الخارجية ونظام وزارة الخارجية، لانهم باركوا عن غفلة (اجزم بهذا)، ولو كانوا يعلمون بالمخالفات القانونية لاعترضوا بشدة واوقفوا الامر في بدايته،، ولكن مع هذا هناك مرحلتين مرحلة الرفض البرلماني ان عرضت على البرلمان، ومرحلة الطعن في المحكمة الدستورية لمخالفة الترشيحات لقانون الخدمة الخارجية، وهذه المرحلة تشمل المرشحين بالتسمية ايضا كما بينا سابقاً.
كان الله في عون العراق، في سنة 2005 وسنة 2010 ابتلينا بثلة من السفراء معظمهم (ولا اقول كلهم) كانوا كارثة مخزية من الفضائح والفساد بمختلف صوره، ويتحمل الوزير السابق هوشيار زيباري ليس فقط تبعية قبول ترشحياتهم وانما التغطية على افعالهم المخزية والمخالفة للقانون،، وفقط للمعلومة العامة عدد كبير من سفراء العراق طردوا طرداً وهذه الحقيقة وباتصالات ومذكرات رسمية، وقام زيباري للأسف الشديد بارجعاهم وغلق الامر ونقلهم الى دول اخرى، وعلى هذه السيرة واسوء يسير الوزير الجعفري في تعامله مع السفراء، ولا اقلها تغطيته على الشهادت المزورة والفساد المالي لهم.
ويبقى السؤال هل بقي حقاً أمل في عراق الغد؟؟؟؟؟