7 أبريل، 2024 5:58 ص
Search
Close this search box.

المخالفات الدستورية الواردة في قانون التعديل الثالث لقانون إنتخابات مجلس النواب

Facebook
Twitter
LinkedIn

صوّت مجلس النواب يوم أمس على قانون التعديل الثالث لقانون انتخابات مجلس النواب رغم عدم انتهاء مدد الطعون في نتائج الانتخابات وقبل المصادقة عليها من قبل المحكمة الاتحادية وفقاً لما نص عليه الدستور العراقي.
إننا جميعاً مع تصحيح مسار العملية الانتخابية وتحقيق نزاهتها والحصول على نتائج دقيقة من خلال الوصول الى الحقائق ، ولكن ينبغي أن يكون ذلك ضمن الطرق والقنوات القانونية التي رسمها الدستور والقوانين والانظمة والاجراءات الانتخابية.
لقد شاب التعديل من وجهة نظرنا العديد من المخالفات الدستورية والقابلة للطعن فيها امام المحكمة الاتحادية ، أشير اليها فيما يلي :
– نصت المادة /1 على تعديل المادة (38) من قانون انتخابات مجلس النوب المعدل رقم (45) لسنة 2013 التي ألزمت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات باعادة العد والفرز اليدوي لكل المراكز الانتخابية في عموم العراق وبحضور وكلاء الكيانات السياسية ويلغى العمل بجهاز تسريع النتائج الالكترونية وتعتمد النتائج على اساس العد والفرز اليدوي ويشمل هذا العد والفرز كافة المحطات حتى المحطات الملغاة منها.
وبهذا الخصوص ، نرى أن هذا النص يعد مخالفة دستورية لكونه يخالف قانون الانتخابات الذي شرعه مجلس النواب نفسه ، والذي أجرى التعديل على آلية العد والفرز الالكتروني المنصوص عليها في التعديل الثاني لقانون الانتخابات وهو ما ذكرته المحكمة الاتحادية في بيانها الصحفي يوم أول أمس.ولعل هذا النص يعد تدخلاً فنياً في عمل المفوضية المستقلة عن السلطات الثلاث، وبذلك يكون النص قد خالف المادة (61) من الدستور التي حددت صلاحيات ومهام مجلس النواب بشكل حصري وما ورد في هذا النص لم يرد ضمن هذه المهام. كما خالف المادة (102) من الدستور الذي أعطى لمجلس النواب حق رقابة مفوضية الانتخابات فقط ، والرقابة لا تعني التدخل بعملها لأن ذلك يعد خرقاً لاستقلاليتها.
– نصت المادة /3 على: “باستثناء اصوات الاقليات المشمولة بنظام الكوتة تلغى نتائج الخارج لجميع المحافظات وانتخابات التصويت المشروط في مخيمات النازحين والحركة السكانية لمحافظات الانبار، صلاح الدين، نينوى، ديالى واصوات للنزلاء في السجون وانتخابات التصويت الخاص في اقليم كوردستان. في حال وجود مخالفات تتطلب الغاء لبعض نتائج بعض المراكز الانتخابية فللهيئة القضائية المشرفة والمنصوص عليها في المادة 8 البند 3 قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم 11 لسنة 2007 المعدل صلاحية الغاء هذه النتائج” . وحيث لا يجوز الغاء نتائج محطات باكملها سواء للخارج او للنازحين او الحركة السكانية أو التصويت المشروط النزلاء في السجون وانتخابات التصويت الخاص إلا بطعون موجهة بشكل قانوني لكل محطة على حدة ، لأن ذلك يعتبر إعتداءا على اصوات ناخبين ومرشحين وكيانات وهو يخالف منطوق المادة (20) من الدستور التي نصت على : ” للمواطنين، رجالاً ونساءً حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح”. والمادة (38/أولاً) التي نصت على :” تكفل الدولة بما لايخل بالنظام العام والآداب :أولاً- حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل”.
وهو ما عملت به المحكمة الاتحادية لدى اصدارها قراراً في الدعوى المرقمة 12 / اتحادية/ 2010 في 14/6/2010، ألغت بموجبه العمل بصيغة توزيع المقاعد. لدى الرجوع الى هذا القرار يتضح ان المحكمة الاتحادية العليا تتبع احكام النص الدستوري الوارد في المادة (20) من الدستور، الذي سبقت الاشارة اليه في أعلاه، والمادة (38/أولاً) من الدستور.وهذا يعني ان اي تشريع يأتي بصيغة قانون تؤدي الى تهميش أية مشاركة في الشأن العام أو يحد منها او يمنعها، يعد فعلاً مخالفا للدستور يلزم التصدي له وايقافه ، فضلا عن اي نص يعطل احكام حرية التعبير وممارستها.

لذا لا يمكن إلغاء اية نتائج حتى من قبل الهيئة القضائية للانتخابات نفسها، وهو ما ذكرته المحكمة الاتحادية في بيانها الصحفي آنف الذكر.ذلك أنّ القانون رسم طرق وآليات تقديم الشكاوى والطعون التي ينبغي إتباعها بصدد الاجراءات الانتخابية والنتائج، حيث توجد هيئة قضائية من محكمة التمييز تنظر بالطعون وفقاً لما نص عليه قانون المفوضية.
– نصت المادة / 4 على أن :” ينتدب مجلس القضاء الاعلى تسعة قضاة لادارة مجلس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتتولى صلاحية مجلس المفوضين بدلا من مجلس المفوضين الحالي …….ألخ).
ومن وجهة نظرنا ، لا يجوز استبدال اعضاء مجلس مفوضية الانتخابات في اثناء العملية الانتخاببة وقبل المصادقة على نتائجها لأن المفوضية تعمل بصلاحيات حددها قانون المفوضية رقم 11 لسنة 2007 المعدل والصادر عن مجلس النواب، ومجلس النواب الذي اختارها رغم العديد من الخروقات والاشكاليات في آلية الاختيار الذي قامت به لجنة الاختيار، واليوم تقوم بحجب الثقة عنه في اكمال ادراة العملية الانتخابية عندما ظهرت النتائج ليس لصالح أغلب أعضائه!!

– لعل ما ورد في المادة / 5 ، بالنص على : ” تسري احكام هذا القانون على انتخابات مجلس النواب العراقي لسنة 2018″، قد خالف منطوق المادة 19/ تاسعاً من الدستور التي نصت على أن : ” ليس للقوانين أثرٌ رجعي ما لم يُنص على خلاف ذلك، ولا يشمل هذا الاستثناء قوانين الضرائب والرسوم”. وحيث أن القانون جاء بأثر رجعي لغرض الغاء مراكز قانونية نتجت عن عملية انتخابية ضمن ممارسة ديمقراطية – رغم عدم المصادقة عليها لغاية الآن- بعد أن أضرت بعددٍ من السادة النواب أو كما ذكر بيان مجلس القضاء الأعلى (….لمجرد ترضية لرغبة معينة). لذا فهو يمثل خرقاً واضحاً للدستور. ومن وجهة نظرنا ، يمكن العمل بهذا النص في الانتخابات القادمة ، وهو ما أتوقع ان تشير اليه المحكمة الاتحادية إذا ما تلقت أي طعن ضد تعديل القانون ، وقد سبق لها وأن أصدرت قراراً في الدعوى المرقمة 12 / اتحادية/ 2010 في 14/6/2010 التي سبق ذكرها ، اشارت فيه أن يعمل به في انتخابات 2010 ، أصدر بعدها مجلس النواب قانون تعديل قانون مجالس المحافظات رقم 36 لسنة 2008 المعدل ونص فيه على إعتماد صيغة سانت ليغو لتوزيع المقاعد
– يعد ما نصت عليه المادة / 7 خرقا للدستور عندما ذكرت : “ينفذ هذا القانون من تاريخ التصويت عليه” ، ذلك أن المادة 70 / ثالثاً من الدستور التي نصت على : ” يصادق ويصدر القوانين التي يسنها مجلس النواب، وتعد مصادقاً عليها بعد مضي خمسة عشر يوماً من تاريخ تسلمها ” ، ويبدو بوضح أن إرادة السادة النواب المصوتين على القانون إتجهت نحو قطع الطريق على عدم مصادقة السيد رئيس الجمهورية على قانون التعديل بالنظر لإبداء رأيه المسبق بهذا الخصوص في الاسبوع الماضي.
وبشكلٍ عام ، خالف قانون التعديل المادة (61) من الدستور التي حددت صلاحيات ومهام مجلس النواب بشكلٍ حصري ، في حين أنّ ما ورد في مواده لم ترد ضمن هذه المهام وكما سبقت الاشارة اليه آنفاً.

من كل ما تقدم ، فان كل من تضرر من التعديل أو الاجراءات الاخرى بامكانه الطعن أمام المحكمة الاتحادية سواء كان هيئةً أو كياناً سياسياً او مرشحاً أو ناخباً أو موظفاً تأثر سلباً بما ورد في نص قانون التعديل .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب