27 ديسمبر، 2024 5:11 ص

المخاطر الصحية للدهون والزيوت المصنّعة (المعالجة)

المخاطر الصحية للدهون والزيوت المصنّعة (المعالجة)

ذكرت في مقال سابق إن أسوأ أربعة خيارات للغذاء الذي يتناوله الإنسان هي التي تشمل الجزء الأكبر من النظام الغذائي للمواطن، والكارثي لصحة الإنسان بشكل عام، والتي سميتها بالأربعة الكبار، وهي:

1. الطحين الأبيض
2. الزيوت المصنّعة
3. السكر
4. منتجات الألبان

كتبت لكم عن الطحين الأبيض ومضاره على صحتكم، واليوم سأحدثكم عن الزيوت المصنعة

هناك مفهوم خاطئ واسع الانتشار في العالم اليوم هو أنه لكي نكون أصحاء، يجب أن نأكل طعاماً منخفض الكوليسترول، أو قليل الدسم أو غير دسم. لكن بدلا من ذلك، نحن بحاجة إلى الدهون والزيوت، ولكن يجب أن تكون الأنواع الصحيحة من الدهون والزيوت، وليس الدهون والزيوت المصنعة/المعالجة السائدة في وجباتنا الغذائية اليوم. على الرغم من هاجس مجتمعنا والمخاوف بشأن الدهون والزيوت، فإن هذه العناصر الغذائية تشكل جزءاً مهماً للغاية من النظام الغذائي الصحي.

إن كلاً من تريليونات الخلايا في جسم كل منا محاطة بغشاء خلوي. الدهون والزيوت هي مواد البناء الأساسية المستخدمة لإنشاء أغشية الخلايا. تعتبر أغشية الخلايا ذات أهمية حاسمة لأن جميع العناصر الغذائية التي تحتاج إليها الخلايا وجميع منتجات النفايات السامة التي يجب أن تزيلها تلك الخلايا تحتاج إلى المرور عبرها. إذا كنت تأكل الأنواع الصحيحة من الدهون والزيوت، فإن أغشية الخلايا تنظم بشكل صحيح مرور المواد، وأن تناول الأنواع الخاطئة يؤدي بأغشية الخلايا عندك للعمل ضدك. عندما لا تعمل أغشية الخلايا عندك بشكل صحيح، فإن خلاياك ستتعطل، والتي يمكن أن تتجلى في أي مرض يمكن تخيله.

الأحماض الدهنية الأساسية هو المصطلح المستخدم لوصف “النوع الصحيح” من الدهون والزيوت. فهي ضرورية لأن الجسم يحتاجها ولكن لا يمكنه صنعها، لذلك يجب علينا الحصول عليها من الطعام. هذه الجزيئات الأساسية من الأحماض الدهنية لها شكل محدد حاسم للطريقة التي تعمل بها في تكوين أغشية الخلية، مثل الحجارة التي تتلاءم تماماً مع بعضها البعض لبناء جدران الخلايا. (يستخدم الكيميائيون مصطلح cis-fatty acids (الأحماض الدهنية الأساسية ) لوصف الشكل الطبيعي والصحي لجزيئات الأحماض الدهنية الأساسية).

عندما يتم تسخين الزيوت فوق 200 درجة مئوية/392 درجة فهرنهايت (كما هو الحال في معظم زيوت السوبرماركت)، تتغير أشكال جزيئات الأحماض الدهنية الأساسية cis-fatty acids، وتتحول إلى فئة سامة مختلفة من الدهون تسمى الدهون المتحولة، وهذه الدهون المتحولة لا تعمل بشكل صحيح لبناء أغشية الخلايا. هذه “الحجارة” المصممة بشكل غير صحيح تبني جداراً خلوياً به ثقوب. تصبح أغشية الخلايا التي تم إنشاؤها من دهون متحولة مسربة (تسمح للمواد داخل الخلايا بالتسرب، والعكس بالعكس) وهشة (مثل قشرة البيضة، بدلاً من مرنة كمرونة  البالون). إذا كانت الخلايا في جميع أنحاء الجسم تسرب وهشة، فهنا يصبح لديك مشكلة خطيرة.

وبسبب الطريقة التي تتم بها معالجة الزيوت، فإن الدهون المتحولة (وغيرها من السموم) توجد في جميع الزيوت المباعة في محلات السوبرماركت ومخازن الأغذية الصحية، بما في ذلك زيت الذرة وزهرة عباد الشمس وزيت بذور القطن وفول الصويا، إلى جانب المنتجات الغذائية التي تحتوي على الزيوت المهدرجة، مثل المارجرين ومقصرات الخضراوات. فكر في الأعداد الهائلة من المنتجات المصنوعة من هذه الزيوت السامة، مثل صلصة السلطة، وحبوب الإفطار، والبسكويت، والشوكولاتة، والحلوى، ورقائق البطاطا والأطعمة المقلية مثل البطاطس المقلية. الحل هو تناول الدهون الأساسية (الجيدة) وتجنب الدهون المهدرجة والأخرى (السيئة) غير المشبعة.

المزيد من المواد الكيميائية التي تعتبر حيوية لصحتك: أهم الأحماض الدهنية الأساسية هما حامض اللينوليك (أحماض أوميغا 6 الدهنية) وحامض اللينولينيك (أحماض أوميغا 3 الدهنية). للحصول على صحة جيدة، يجب استهلاك هذه الأحماض الدهنية بكميات كافية وفي توازن صحيح مع بعضها البعض. ومع ذلك، فقد قدر أن 60 في المائة من السكان يحصلون على الكثير من أوميغا -6، وأن 95 في المائة منهم يحصلون على كمية ضئيلة من أوميغا -3. هذا الخلل يسبب المرض. تجنب استخدام زيوت السوبرماركت والمنتجات الغذائية التي تحتوي عليها، الأمر الذي يديم عدم التوازن (الخلل) هذا، وأكمل غذائك بالزيوت التي تجمع بين توازن صحي لهما معاً.

يعكف رواد الأبحاث الطبية على علاج عدد من المشاكل المزمنة (مثل الاكتئاب وأمراض القلب والسرطان) عن طريق إعطاء مرضاهم الأنواع الصحيحة من الدهون والزيوت. لكن معظم الناس ليس لديهم فكرة عن أن الدهون والزيوت السيئة تضر بأغشية الخلايا وبالتالي تسبب المرض، وهو ما يفسر لماذا لا يطالب المجتمع ككل ببدائل.

وكما هو الحال مع العديد من الأطعمة الحديثة، ابتكرت تقنيات مصممة فقط لإنتاج أكبر كمية من الزيوت باستخدام أصغر كمية من المواد الخام (بذور، حبوب، فاصوليا) في أقصر فترة زمنية مع أقصى فترة صلاحية. الوقت والمال هما القوى الدافعة، وليس الصحة والتغذية. يتم اليوم استخلاص الزيوت باستخدام مكابس ضخمة قوية تولد الكثير من الحرارة، والتي، في وجود الأوكسجين، تعمل على أكسدة الزيوت مما يجعلها زنخة وسامة. ومع ذلك، توصف هذه الزيوت السامة الآن بأنها “مضغوطة بالبرودة” لعدم إضافة أي حرارة خلال عملية الضغط؛ الحرارة هي نتيجة غير مقصودة لعملية الاستخراج بالضغط العالي. ولهذا السبب فإن الضغط بالتبريد هو مصطلح لا معنى له، وليس مفيدا بالنسبة لكم في تحديد ما يجب تناوله وما يجب تجنبه. تستخدم المذيبات القوية لاستخراج الزيوت، التي تبقى في الزيوت كمخلفات. هذه المذيبات أيضا تدمر المغذيات في الزيوت. بالإضافة إلى ذلك، فإن الزيوت المعالجة/المصنعة عادة ما يتم تبييضها وإزالة الروائح الكريهة منها، مما يؤدي إلى تدمير المزيد من العناصر الغذائية وإنشاء السموم.

لوضع الزيوت الصحية في نظامك الغذائي، تناول زيت الزيتون عالي الجودة وزيت بذر الكتان.وأيضا، يمكن العثور على الأحماض الدهنية المفيدة في الأغذية العضوية الطازجة وغير المصنعة في حالتها الطبيعية، مثل البذور النيئة، والمكسرات الخام والأفوكادو. البيض عالي الجودة واللحوم والأسماك هي أيضا مصادر جيدة للأحماض الدهنية. ضع في اعتبارك أن الأحماض الدهنية الأساسية تتأثر وتتضرر بالحرارة. استخدم الحد الأدنى من الحرارة اللازمة لطهي هذه الأطعمة. أكمل غذائك بالمكملات من الأحماض الدهنية الأساسية عالية الجودة. لتجنب الأمراض المزمنة وإبطاء عملية الشيخوخة، فإن المكملات الغذائية من الأحماض الدهنية الأساسية (من زيت بذور الكتان، على سبيل المثال) أمر ضروري، حيث من الصعب الحصول على ما يكفي من الدهون والزيوت الصحيحة من الأطعمة المتوفرة اليوم.

تحقق من رفوف المطبخ والثلاجة في منزلك، وتخلص من الزيوت المعالجة، وخاصة الزيوت المهدرجة والمهدرجة جزئياً (المارجرين، مقلصات الخضروات، إلخ)، والمنتجات المصنوعة من تلك الزيوت، بما في ذلك العديد من المخبوزات، والمكسرات، والرقائق، وزبدة الفول السوداني، وغيره من الكريمات. وبدلاً من ذلك، استخدم زيت الزيتون عالي الجودة في المقام الأول أو الزبد العضوي أو السمن ومكملات الأحماض الدهنية الأساسية.

وأسأل الله لكم الصحة والعافية.

* أستاذ علم وظائف الأعضاء (الفسلجة الطبية)