23 ديسمبر، 2024 2:26 م

المخاضُ العسير لولادة الحكومة المقبلة ..

المخاضُ العسير لولادة الحكومة المقبلة ..

لا أدري أي نظام ديمقراطي نقبع تحت ظله و لا أعلمُ أي شكل من أشكال الديمقراطية أسست لها الولايات المتحدة الأمريكية في العراق , ففي جميع بلدان العالم التي تُمارس فيها التعددية و الديمقراطية الحقيقية و تجري فيها الانتخابات بصورة دورية كل (أربع أو خمس أو ست ) سنوات , تكون الانتخابات في تلك الدول منتظرة من قبل الجميع (الجماهير والأحزاب) و خط أحمر أمامها و إعلان نتائجها هو الولادة الحقيقية للمرحلة المقبلة و للحكومة الجديدة التي ينتظرها المعارضون ليتغير دورهم أو ليبقى الحال على ما هو عليه فلا فرق عندهم سوى الزيادة في سرعة دوران عجلة البلاد نحو التقدم والبناء والأعمار والأمن ..

لكن في العراق الأمر ليس كذلك كما أدركه وعرفه الجميع من خلال العشر سنوات الماضية والتجارب الانتخابية السابقة التي أعدتها أمريكا وفق شهيتها الخاصة التي تتوافق مع أهدافها البعيدة والمستقبلية . فقبل مجيء موعد أي انتخابات تبدأ الأزمات تلو الأزمات حيث تطالب كتلٌ بتأجيلها وأخرى بأجرائها مستخدمين لغة التراشق والاتهامات و التسقيط بالفساد والإرهاب وغيرها من الملفات المخزية التي يمارسها ويرتكبها الأغلب بحق الشعب . والخاسر الوحيد من تلك الحروب الإعلامية التي تُقام على أساس المصالح الحزبية هو نفسه بائس الحال ( المواطن ) .الذي بات لا يعرف مصالحته أين . لأنه أصبح مُجيرٌ بفعل السياسة والسياسيين لطائفته وقوميته وحزبه و لمن يشتري صوته بثمنٍ بخس ..

فلا موازنة تُقر, ولا قوانين يُتوافق عليها , ولا تعيينات للخريجين , ولا خدمات تُقدم ,ولا حال يتحسن ولا و لا و لا والسبب هو الانتخابات ! لحين إتمامها والمصادقة عليها .وكلٌ يرمي الكرة في ملعب الغير مدعياً الوطنية والحرص على حقوق البلاد والعباد .

ولن ينتهي الأمر عند إجراء الانتخابات والمصادقة عليها , بل تبدأ مرحلة جديدة و معقدة بعد تلك المرحلة التي تمت بشق الأنفس وهي مرحلة السفر العلني والسري إلى دول الجوار الشرقية والغربية والشمالية والجنوبية (كل حزب حسب طائفته يتجه) لأخذ التأييدات و التداول معها بشأن تشكيل الحكومة المقبلة ومدى رضا تلك الدول عن التشكيلة الوزارية القادمة التي تُطبخ وتحضر في مطابخها السياسية بعيدا عن ارض الوطن لتأتي الوزارة للعراق جاهزة كاملة للموافقة عليها لا أكثر .بعد أن تُحقق اغلب الأحزاب مصالحها ومطالبها التي جاهدت من أجلها لا من أجل الوطن والمواطن ..

ولن يحسم الأمر هنا وينتهي بل تبقى معضلة كبيرة وهي معضلة الأحزاب التي لن تُحقق مصالحها وأهدافها لتقف عثرة وسط الطريق ولتعارض كل شيء فلا تتخذ موقف المعارضة الحقيقية ولا تشارك في الحكومة بمصداقية ليبقى دورها محيراً للجميع ..

والسؤال الذي نطرحه:

إذا كانت الانتخابات السابقة وعند طرح السيد المالكي مرشحا لها لدورة ثانية شهدت سجالات وأزمات وخلافات كبيرة وحادة بين الكتل والأحزاب أبطأت تشكيل الحكومة حتى تمت

الموافقة الخارجية على السيد المالكي رئيساً للوزراء بعد تشكيله الكتلة الأكبر داخل مجلس النواب ليُشكل الأخير وزارة غير مكتملة لوزيرين سياديين هما وزير الداخلية و وزير الدفاع بسبب عدم التوافق عليهما لكثرة الخلافات التي لم يسيطر عليها وتنتهي .

فاليوم ومع إصرار دولة القانون على تولي السيد المالكي لحكومة أغلبية سياسية مقبلة أو دورة ثالثة بعد فوزها في الانتخابات و رفض كتل أخرى لذلك الإصرار وتعنتها على رفض الدورة الثالثة للمالكي .. فلو حصل وتمت الموافقة على مشروع دولة القانون وتولى السيد المالكي رئاسة الوزراء القادمة .فكم هي المدة التي ستستغرق لتلك العملية الشائكة أو المخاض العسير وأي تشكيلة وزارية سيقودها المالكي خلال المرحلة المقبلة ؟ وما هي الوزارات التي ستبقى بلا وزراء لعدم التوافق عليهم .وهل ستكون حكومة أغلبية أم شراكة .. وما هي التنازلات والامتيازات التي سيحصل عليها المعارضون حاليا؟ ..

ونفس السؤال نطرحه ..إذا جيءَ برئيس وزراء جديد خلفاً للسيد المالكي ..ما هي المدة التي يستغرقها لتوافق دول الجوار وأمريكا على مشروعه ثم الأحزاب والكتل في داخل العراق بعد تحقيق مصالحها ومشاريعها الخاصة أيضا..

ونبقى ننتظر إقرار الموازنة والخدمات والتعيينات حتى ذلك المخاض العسير لولادة الحكومة المقبلة .. فصبراً يا عراق إنها الانتخابات الديمقراطية التي انتظرناها لأكثر من ثلاثة عقود !!