10 أبريل، 2024 12:44 ص
Search
Close this search box.

المخابرات ودورها عبر التاريخ مهمات تتجدد

Facebook
Twitter
LinkedIn

يمكننا القول أن اول من قام بالتجسس ونقل المعلومة(طير الهدهد) جاء ذكره في القرآن الكريم . قام بنقل معلومات غاية في الأهمية عن الملكة ( بلقيس ) الى النبي ( سليمان )عليه السلام . وكذلك ما جاء مدوّن على الرقم الطينية البابلية والسومرية تحدثت عن هذا الموضوع أيظاً . كانت لهم عيون على أعدائهم يبثونهم من خلال أنشاء قرى وتجمعات سكنية كانت تسمى ( ديالو ) معناها العيون , ولربما أسم محافظة ديالى واسم نهرها مشتق من هذه الكلمة ( ديالو ) والتي نشروها على مشارف وتخوم دولهم في هذه المنطقة .أيظاً كانت القوافل التجارية تقوم بنفس النشاطات . وكذلك البعثات التبشيرية والمستشرقين و البعثات الدبلماسية . وكل العالم كان ولا يزال وسيظل يعتمد ويمارس الجاسوسية . وبأساليب مختلفة يعرفها الجميع تقريباً . عبر التراكم الزمني للبشرية تطورت هذه الممارسات لتصبح عِلماً ذا شأن يدرس في أكاديميات ومعاهد مهمة ومرموقة ويحظى بمكانة مهمة ويكون هو الأقرب لمراكز القرار من بقية الدوائر المهمة الأخرى السياسية والعسكرية وغيرها ممن له علاقة بأمن البلدان وسلامة شعوبها . كان جهدها في الغالب هونقل الأخبار عن قوة ونوايا العدو وتطوره وأوضاعه التجارية . وأحياناً بشكل أقل نشر الدعاية والأشاعات , مثل ما كان يمارسه هولاكو أثناء حروبه وأيظاً الناصر صلاح الدين ’ وقادة الحروب الصليبية . في الزمن الحديث تطورت مهام الأجهزة المخابراتية كثيراً من ناحية تعدد المهام المناطة بها والاساليب التي تعتمدها هذه الاجهزة في نشاطاتها المختلفة الموكلة اليها وبلغت ذروتها في الحرب العالمية الثانية وما بعدها , الفترة التي سميت بالحرب الباردة. بين الاتحاد السوفيتي و والولايات المتحدة الأميركية وحلفائها من جهة ثانية . و التطور مستمر وبشكل متسارع الى الآن , تُرصد لها موارد مالية كبيرة وتأخذ الكثير من دخل دول العالم المختلفة , تُسيّر لها وفي خدمتها كافة الامكانات التي تسهل عمل هذه المراكز من جميع الجوانب الحياتية للسكان مثل السياسة والتجارة والصناعة والزراعة والثقافة والفنون والامور المدنية كافة . تدخل المخابرات في هذا كله لتؤثر فيه أو من خلاله على الآخرين . واضعة الجوانب الانسانية جانباً متخذة من التأثير المطلوب أساساً وهدفاً مركزياً لنشاطها واعمالها المناطة بها .من الامور التي اخذت حيزاً كبيراً من عمل وجهد هذه الاجهزة في زمننا الراهن هي الثقافة والاعلام بوسائلها المختلفة المكتوبة والمسموعة والمرئية لتأثيرها الكبير على الناس وأستخدامها احياناً في الحرب النفسية التي هي اخطر من الحرب العسكرية . لأن من المعروف عن الانشطة المخابراتية عملها متصل ودائم في زمن الحرب والسلم لا بل يمكننا القول أن نشاطها في زمن السلم أهم بكثير من نشاطها في زمن الحرب لذلك باتت تعمل في هذا المجال ( الثقافة والأعلام ) بغية التأثير سلباً أو ايجاباً والعمل على برمجة عقول الناس وفق اهدافها . في ضوء التطور الهائل لوسائل الاتصال والمواصلات الذي فاق مثيلاتها في المجالات الأخرى . لذلك عمدت الدول على استثمار هذا الجانب بقوة فأخذت تنشر صحفها ومواقعها الالكترونية من على الانتر نت والمواقع الاجتماعية فيه والقنوات الفظائية بعد أن كانت تعتمد الصحف الورقية التي بدأت بالانحسار , أحياناً تقوم المخابرات بواجب الاتصال بهذه المواقع وتوجيهها أو على الأقل تحيدها , بالمال بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال نشر الاعلانات المختلفة أو البحوث والدراسات التي تنشر على هذه المواقع والصحف مقابل ثمن مدفوع أو لأستمالة بعض الكتاب المرموقين . أو العمل على محاربة الكتّاب الذين لا يتماشون وهوا بعض الجهات ومحاولة تكسير أقلامهم . وهذا ما حدث معي من قِبَل الموقع الذي كنت انشر مقالاتي من خلاله . المواقع العراقية والعربية ونتيجة الجهد الاستعماري الطامع والفاعل في المنطقة أصبحت في الغالب معظم هذه المواقع والصحف تقع ظمن تأثير دوائر الاجهزة المخابراتية المختلفة من اميركية الى اسرائيلية وأيرانية وسعودية وكويتية فرنسية وبريطانية وغيرها ممن له مصلحة في العراق بغية السيطرة على المسارات الشعبية والحكومية والحزبية وتوجيهها حسب هواها وفقاً لمصالحها الغير مشروعة . بحيث بات القارئ مشوش الذهن يستعصي عليه فهم الأمور بشكلها الواضح السليم والصحيح . ونذكر أمثلة بسيطة على ذلك . مثل صحيفة ( الشرفة الالكترونية ) والتي تعلن بشكل صريح بأنها مرتبطة بالادارة الاميركية , كذلك فريق التواصل الالكتروني الاميركي الذي يدّعي أرتباطه بوزارة الخارجية الاميركية بينما هو يعمل بتوجيه من قبل المخابرات الاميركية . كان ذلك على موقع البي بي سي اللندنية . وهاجمني هذا الفريق الالكتروني قائلا لي بأني لستُ عراقياً . وكذلك اسرائيل لها صحفها التي تدعي بأنها مرتبطة بالخارجية الاسرائلية وايظاً روسيا . وعلى الصعيد العراقي واللبناني بشكل خاص والعربي بشكل عام فحدّث ولا حرج . كلها تندرج تحت هذا المسمى إلا ما ندر ولا نريد ان نسمي الاشياء بأسمائها ,لا خوفاً من شيء لكننا لا نريد ان نحرج الكرام الذين نتواصل معهم . وأهم هذه المواقع وأشدها خطورة التي تتبنى الاتجاهات الطائفية والمذهبية والدينية مثل المواقع المسيحية فهذه تستطيع التأثير وتوجيه كتل ومجاميع بشرية لا يستهان بها نحو اهداف سلبية بحسب ارادة المشرفين عليها وغالباً ما يكونون هدف لجهات استخباراتية متعددة لتنفيذ اغراض مختلفة كما اسلفنا . القارئ الذكي يستطيع ان يعرف ويميز هذه المواقع من فحوى المواضيع المنشورة والتي غالباً ما تتكرر ولكن بصيغ مختلفة تُعرف اتجاهاتها وما تدلو به . وبالتأكيد هذه المواقع لها اغطيتها التي تتظاهر بها وتموه على القارئ , أحياناً فولكلورية أوفنية أو ثقافية أو اجتماعية وسياحية ودينية وغيرها من الامور , عموماً أدعو القارئ النبيه ان يميز كل هذا بأستخدام عقله لاعواطفه . بالتاكيد هناك مواقع وطنية مرموقة من الممكن الوثوق بها وأتخاذها كمصدر للمعلومات النزيهه والصحيحة . وهناك مواقع تدعي الحياد فتنشر آراء الجميع بدون استثناء بزعم الديمقراطية وحرية الرأي وهذه ايظاً فيها من الخطورة بمكان فتعطي مساحة اكبر لأتجاه معين مقصود لذاته . تطرقتُ الى مثل هذا في حسابي على تويتر . ونشرتُ مقال لدور المخابرات في مجالات مختلفة من على المجلة التي كنت اكتب فيها بعنوان ( جيوش الظلام ) وسأكتب ايظاً في موقعي على الفيس بك مواضيع عن انشطة اجهزة المخابرات والوسائل والادوات التي تستخدمها والاعمال التي تناط بها , لا يفوت القارئ الذكي أحياناً تنشر بعض نشاطات هذه الاجهزة وقباحة افعالها , الظاهر نشر مساوئها لكن الباطن والهدف المطلوب أو الرسالة الموصى بها المراد ايصالها الى جهة ما هي تخويف الدول أو الافراد من سطوة هذه الاجهزة أو استعراض قوتها وتكون هذه بصيغ مختلفة مثل الافلام او على شكل قصة أو مقال وغيرها ومن خلالها أستعراض قوة الدول التي تديرها وتعتمدها , فمثل هذه الاساليب في الاعلان لها وجهين مختلفين يناقض احدهما الآخر , علينا الانتباه وقراءة الأمور بشكلها الصحيح وهذه الامور تستخدمها في الغالب المخابرات الاسرائيلية والاميركية والمخابرات المصرية والمخابرات العراقية ايظاً دخلت على هذا الخط ولكن بشكل مقتضب جاء ذلك في مسلسل ( حسن البابلي ) و الكتاب الذي صدر بعنوان ( محاولات أغتيال الرئيس صدام ) أما بالنسبة للمخابرات المصرية فكان العمل في هذا الموضوع أوسع من خلال الكثير من الاعمال السينمائية كأفلام ( الحفار ) و ( رأفت الهجان ) وغيرها والحقيقة أن ألمانيا وبريطانيا كانتا الرائدتين في هذا المجال مثل ما قامت به المخابرات الالمانية ( الجستابو ) من انقاذ الزعيم الايطالي ( ماسوليني ) وانقاذه من السجن بعد تمكن الثوار الاطالين من الايقاع به وسجنه . والمخابرات البريطانية ونشاطها في الهند والمنطقة العربية وخاصة العراق من خلال فلم ( لورنس ) و مذكرات ( مسز بيل ) وغيرها . وعن المخابرات الاميركية فحدّث ولا حرج على سبيل المثال لا الحصر قصة أغتيال ( جيفارا ) التي قامت بها المخابرات الاميركية . وايظاً المخابرات الروسية أيام الاتحاد السوفيتي كان لها شأن في ذلك من خلال الافلام والادب القصصي ونشر المقالات التي تدين عمليات التجسس الاميركية من ابرزها كيفية اسقاط طائرة التجسس الاميركية فوق اراضيها . وغيرها الكثير من هذه الامثلة . المهم ان المرتكز في الموضوع ( المجال الثقافي والاعلامي ) شيئ مهم وجانب رئيسي في عمل المخابرات في كل العالم . لكنه يبقى متفاوتاً حسب أمكانات وقدرات الدول المادية وسعة نشاطها . فلا يمكن قياس نشاط اميركا أو روسيا أو فرنسا واسرائيل مع غيرها من دول المنطقة والعالم . في الحرب العالمية الثانية كانت اميركا لا تمتلك المعلومات الكافية عن اليابان . ماذا فعلت . . ؟ قامت المخابرات الاميركية بدراسة الادب الياباني والتاريخ الياباني , وخرجت من هذه الدراسة بمنهج عمل فاعل جداً أثّر بشكل كبير على الشعب الياباني ومراكز القرار في اليابان . ختاماً ادعو الله السلامة للجميع ويجنبكم الوقوع في المشاكل .

*[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب