19 ديسمبر، 2024 4:51 ص

المخابرات العربية ..افقدتنا القدس وما بعدها

المخابرات العربية ..افقدتنا القدس وما بعدها

القوة لم تكن أبدًا لمن يملك السلاح خصوصًا في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، فالقوة باتت فقط لمن يملك المعلومات باعتبارها الاستراتيجية الأقوى في إدراك الهدف وتدميره، بهذه العبارة المتبوعة بالإطار التاريخي الذي استلهمت منه الدول الكبرى أهمية وجود أجهزة الاستخبارات كان الصراع الأكبر ما بين كافة أجهزة المخابرات للحصول على المعلومات للوقوف على نقاط ضعف أعدائها: والمنطقة العربية ليست استثناء من العالم، فهي خاضت حروبًا عديدة مفتوحة وخاصة مع إسرائيل ووسط هذه الحروب اتخذت المخابرات موضعًا حاسمًا لها، مكنها من حسم بعض الصراعات، لكن اليوم صارت تلك الأجهزة مختطفة ومخترقة، همّها الوحيد هي إطالة عمر الأنظمة الدكتاتورية.

لطالما كنا نتابع بشغف القصص المسماة بالواقعية والأخرى بشبه الخيالية التي تتحدث عن تجارب ناجحة لأجهزة المخابرات العربية التي اخترقت الكيان الصهيوني واستطاعت التسلل إليه واخترقت شبكاته بل وحصلت على المعلومات التي تفيد أمننا الوطني العربي قبالة عدوّ صهيوني يدّعي أنه يمتلك أقوى جهاز مخابرات في الشرق الأوسط خاصة وفي العالم عامّة.

كم سمعنا وأُسمعنا بقصد أو بغيره لقصصٍ تناولت موضوع السياسة والمخابرات وقضية المواجهة بين العرب و«إسرائيل» والحرب المخابراتية الطويلة بين الجهتين وقصص بطولات أجهزة المخابرات العربية في اختراقاتها التاريخية لأجهزة المخابرات والسياسة الصهيونية.

بلى وحقًا أنّ المخابرات الحربية وأجهزتها تعتبر السلاح المعلوماتي الضروري لمواجهة الأعداء وخاصة قبالة الكيان الصهيوني الذي يعتمد أساسًا على أجهزته الاستخباراتية الثلاثة والتي تشكل بالنسبة له عصب حياته ووجوده.

أجهزة المخابرات العربية الرسمية أيضًا وبالمقارنة مع نظيرتها الصهيونية، فهي لا بد أن تكون لها محاولات عديدة في اختراق الشبكات الصهيونية مخابراتية وسياسية وسواها لما تقتضيه ظروف المواجهة التي لم تفتأ منذ 1948 وإلى اليوم رغم ما حصل من اتفاقيات تسوية وسلام، ولكن تلك لم تلغ القاعدة بضرورة استمرار العمل الأمني المخابراتي الضروري.

لطالما كان سؤال التالي يؤرقني ويؤرق الكثير من بني جلدتي العربية، فكان السؤال كم حجم الاختراق الأمني العربي الرسمي للكيان الصهيوني بما يعود بالفائدة علينا معلوماتيًا واستخباراتيًا على الوطني العربي عامة على تنوّع دولنا العربية وامتلاكها جميعًا كلًا على حدة أجهزة مخابرات نستطيع القول عنها إنّها ذات كفاءة إلى حدٍ ما.

الاتفاقيات الأمنية العربية واجتماعات مسئولي المخابرات العرب الدائمة إن دلت على شيء إنما تدلّ على تعاون أمني عربي وثيق، فبالتالي من هنا فلا بد أن تكون المخابرات العربية بحجم السمعة التي تتمتع بها على الأقل لدى شعوبنا العربية من المحيط إلى الخليج، ولا بدّ أن تكون لها بالتأكيد اختراقاتها الهامة والكبيرة والسرية للعدو الصهيوني داخل «إسرائيل » وداخل شبكاته أينما كانت.. هذا هو المفروض لحماية دولنا العربية وأمننا القومي على أقل تقدير.

في الحقيقة لا يوجد أيّ اختراق عربي أمني واحد ناجح، والسبب أنّ الكيان الصهيوني وأجهزته الأمنية تخترق أمننا العربي وأجهزتنا الأمنية، فبذلك هم على اطلاع على كل شاردة وواردة وعندهم المعلومات عن أي محاولات أمنية عربية لاختراق شبكاتهم أو شبكات غيرهم من حلفائهم.

ما نسمعه من قصص خرافية وبطولية عن عمليات اختراق عربية للمخابرات الصهيونية، هي في الحقيقة فقط مجرّد تسلية ليس إلاّ، مثل أفلام كرتون للصغار ـولكي يظلّ عندنا تجديد لشعور وطني متقد وأنّ العدوّ الصهيوني المتربص بنا شرًّا فها نحن قد استطعنا واستطاعت مخابراتنا العربية اختراقه وهو العصيّ على الاختراق كما يدّعي.

أحدث المقالات

أحدث المقالات