لأن رجال الدين لهم أهمية في المجتمعات الإسلامية وخصوصاً العربية ، فقد دأبت بريطانيا على أن يكون التعامل معهم ذو أهمية قصوى ، ذلك لأن تجنيدهم وترويضهم ضمن التخطيط والأجندة البريطانية والسيطرة عليهم سيوفر الكثير للبريطانيين في السيطرة على المجتمعات ليجنبوا اللوبي الصهيوني المشاكل التي تعرقل مشاريع الاحتلال سواء الآنية أو المستقبلية ، وإذ سعت بريطانيا سابقاً من خلال وزارة المستعمرات البريطانية من تأسيس مجلس بديل في بريطانيا يتكون من أشخاص بريطانيين مدَرَبين يمثلون نسخة ثانية من بعض الرموز الدينية والسياسية ومنهم على شاكلة المرجع في النجف ، ويتم تزويد الشخص البديل بالمعلومات من خلال الأجندة الصهيونية التي تشرف عليها بريطانيا بواسطة الجواسيس الذين يحيطون بالمرجع المتواجد في النجف ، وأن هذا المرجع البديل يساعد الحكومة البريطانية في لندن لتُملي من خلال مخابراتها على المرجع في النجف ما تريد لتصل إلى حد معين من تطابق وجهات النظر يصل إلى نسبة سبعين في المائة كما يقول مستر همفر في مذكراته .
ومع التطور في العلوم والخطط والوسائل والتقنية نرى أن الحكومات البريطانية استغنت عن هذا الجهاز البديل في لندن وتقدمت خطوات لتجعل المرجع البديل يسيطر على منصب وعنوان المجتهد المرجع الجامع للشرائط ويكون مقره في النجف مع تقديم الدعم المادي والإعلامي له وتوفير الحماية الأمنية بغض النظر عن من يكون الحاكم للعراق سنياً أو شيعياً ، وهي بهذا تمكنت من قيادة المجتمع الشيعي بصورة كبيرة وفقاً لمخططاتها ، وإذا ما ظهرت مرجعيات تخالف النهج الحوزوي البريطاني فسوف يكون العزل عن المجتمع شأنهم إضافة إلى التسقيط ويصل الأمر إلى القتل وهذا ما حدث مع الكثير من المرجعيات المستقلة التي رفضت سطوة التاج البريطاني ومرجعيته المتمثلة بالسيستاني ، ويشهد لذلك ما أكده المرجع العراقي العربي السيد الصرخي في محاضرته الرابعة بعنوان ( السيستاني ما قبل المهد إلى ما بعد اللحد ) بقوله ( ناصبني السيستاني وأصحابي وأتباعي وأضمر لي العداوة ، وناصب السيستاني ومؤسسة السيستاني الصدر الأول وأضمروا وأظهروا له العداوة ، وناصب السيستاني ومؤسسة السيستاني الصدر الثاني وأضمروا وأظهروا له العداوة ، وناصب السيستاني الشيخ الغروي فأضمروا وأظهروا له العداوة حتى أدوا به إلى الموت ، وناصب السيستاني ومؤسسة السيستاني الشيخ البروجردي وأضمروا وأظهروا له العداوة حتى قتلوه ، وهكذا في باقي العلماء الذين تآمروا عليهم ولا زالوا يتآمرون على الآخرين ) .وهكذا استطاعت بريطانيا ضرب الإسلام بصورة عامة والمذهب الجعفري بصورة خاصة لأسباب كثيرة منها ترسيخ مشروع الطائفية المقيت من خلال سيطرتها على العناوين التي تدعي إنها رموز إسلامية لتتحكم بها كيفما تقتضي المصلحة اللندنية ، وفعلاً استطاعت بريطانيا من ذلك وخلقت نسخ جديدة من شخوص منحرفة مهدت لها سُبل القيادة الإسلامية لتخدم مشاريعها ومصالحها المبنية على قهر الشعوب العربية والإسلامية ومصادرة مقدراتها وثرواتها .