سلوك الانسان مرتبط بصورة وثيقة مع البيئة التي نشأ فيها والتي تترك اثرا كبيرا على شخصيته وعلاقاتها وطموحه ..
الواقع يقول ان المحيط له القسط الاكبر في بناء شخصية الانسان فهذا الفرد الذي هو بذرة المجتمع بوجوده المادي والمعنوي يتأثر بمحيطه الاجتماعي معنويا قبل تبلور دوره الفردي .
فالبساطة و الطيبة نتيجة للحياة البسيطة في الريف هي الصفات المؤثرة على حياة افراد القرية و لا يمكن اعتبار هذه السمات خصال جينية تنتقل من جيل الى جيل ، بالمقابل الحياة المعقدة و تحدياتها في المدن سلبت البساطة من الفرد في المدينة .
عندما ينتقل الفرد من الريف الى المدينة ينصدم بهذا الاختلاف الجوهري بين المحيطين فالحداثة تسلب منه الطيبة و كانها ثمنا للرفاهية.
المشكلة تكمن حين يبدأ هذا الوافد ببناء نظرة سلبية عن افراد المحيط الجديد و يتصورهم على انهم السبب وراء عدم رفاهيته سابقا .
لسد هذا الفراغ و النقص الشخصي يستعين ابن القرية باساليب محيطه القبلي السابق . ذلك المحيط الذي يشجع على التبعية و الانصياع للاقوى فتراه من اشد الحريصين للحصول على وظيفة حكومية كون الانصياع إما للمال أو القوة .
التأريخ العراقي المعاصر خير دليل على ذلك اذ ملأت الدوائر الحكومية بالموظفين من اصول ريفية .
فالنتيجة تكون خروج الوظيفة الحكومية من مفهومها الحقيقي الخدمي الى اداة لرفع الشعور بالنقص لشاغرها .