تتحرك العدالة في العراق بحقل ألغام القناعات و المصالح ، و تواجه من التحديات مالا يوصف امر صعوبته ، فمنذ شهور و نحن نشتكي ما يحل بمنظومة تشريعات السلطة القضائية تشريعا و تنفيذا ؛ و اي مواجهة يدخلها امر بناء مؤسسات القضاء العراقي في زمن هذه لطائفتك و هذه لطائفتي ، و هذا لحزبك و هذا لحزبي ؛ إلا ان رغم ما يحل في ما يشكل بنية ( المحكمة ) فهي رغم كل شيء كانت و لا زالت تمثل ( رمز القانون ) ليس هذا في العراق ؛ بل في كل البلدان ؛ و ما مقولات احترام رأي المحكمة الانصياع لرأي القضاء و الخ الا عناوين على رمزية القانون و العدالة التي تشكله مؤسسة المحكمة.
يوم أمس حسمت المحكمة الاتحادية العليا الدعوى التي تقدم بها السيد اسامة النجيفي ؛ ضد قرار إلغاء منصب نواب رئيس الجمهورية من قبل رئيس مجلس الوزراء حيدر العبادي ضمن ما عرف يومها ب ( الحزم الإصلاحية ) ؛ و تضمن القرار ان إلغاء منصب نائب رئيس الجمهورية المنصوص عليه في المادتين ٦٩ و ٧٥ يحتاج الى تعديل دستوري ؛ و ذلك لان هذا الموقع سن دستوريا و نظم قانونيا ؛ و ان التغيير لم يتم كما تنص المادة ١٤٢ التي تنص على كيفية التعديل الدستوري ، و بهذا يعد قرار إلغاء منصب نواب رئيس الجمهورية غير دستوري ( هذا ليس كلام محلل سياسي او كاتب إعلامي ؛ هذا قول المحكمة الدستورية ) .
هذا مسار الدعوى على المستوى العام ؛ فهل تواجه رمز العدالة و القانون بالاحتجاج و الدعوى الى التظاهر بوجهها ؛ فقط لان قرارها الدستوري ليس على رغبة احدهم !؟ و اي مواجهة هذه التي تضعون بها الحكم و القرار الدستوري وسط صراعكم و خلافكم السياسي المستمر !؟
القرار ليس من مصلحة رئيس مجلس الوزراء رئيس السلطة التنفيذية ؛ و هذه وحدها علامة عدالته الدستورية و القانونية ؛ و اي مواجهة هذه ؛ المحكمة تقول هذا غير دستوري فيأتيها من يتهمها و يشن هجمة تسقيط عليها ؛ هل الالتزام بالدستور و القانون مدعاة لكل هذا !؟
اليس من حق الجميع ان يسألوا الذين ملؤا فضاء العراقيين يوم أمس بتسقيط و شتم المحكمة الاتحادية ان يسألهم : ( ماذا تريدون !؟ ) إلَّمْ يعتمد الدستور و القانون فماذا يعتمد !؟
وجدير بالاهتمام إن هذه القضية تعد ابرز مثال في التحدي الذي تعيشه السلطة القضائية و ليس المحكمة الاتحادية العليا فحسب و على المستويات كافة ؛ و ذلك لان هذه القضية صريحة في وضوح مخالفتها و قرارها الدستوري ؛ اي ان حكمها اشتمل على اختبار للاطراف ؛ فكأنها قالت لهم : هذا حكم الدستور و فيه من الصراحة مالا يحتمل التأويل و الاقاويل ؛ فأرونا ما أنتم صانعون ؟
و بالفعل رأينا ما حل ؛ و بهذا فليعلم الجميع بأي محنة نحن