تشرئب الأعناق هذه الأيام الى القضاء وبالخصوص المحكمة الاتحادية لتخرج العراق من أزمته السياسية الخانقة والتي أوصلته الى حالة اللا حل ..ونظرة سريعة للأحداث الماضية تبين بما لايقبل الشك أن الحلول لايمكن أن تتبلور في جو مشحون أساسه نفي الآخر وتنزيه الذات ..وهذا مارأيناه في الحركة الصدرية بكل تفاصيلها وانتهائها باعتزال الصدر عما جرى بعد نكبة الخميس ..وماكشفته النتائج بعد انقلاب المعتصمين من النواب وانتخابهم رئيس مجلس مؤقت..وماأفرزته التطورات بعد عقد الجلسة القسرية خلف أبواب موصدة والتصويت المشحون على وزراء جدد بوصفهم جزءا من تغيير شامل للكابينة الوزارية..ولم تنفع توجيهات المرجعية في النجف ولا حتى صمتها في خلق حركة اصلاحية حقيقية..كما لم تنفع تهديدات الصدريين بالمظاهرات والاعتصامات والاقتحامات ولاحتى العصيان المدني في توجيه عجلة الإصلاح نحو الوجهة التي أرادها الصدر ومريدوه..وبقيت وثائق الشرف التي وقعت والمبادرات الاصلاحية التي قدمتها الأحزاب والشخصيات السياسية حبرا على ورق وكلاما في شبك..ولم ينجح رئيس الوزراء أيضا في خلق رؤى يمكن تطبيقها على أرض الواقع القلقة .. ويوما بعد يوم أصبح الفشل السياسي سيد الموقف في العراق بالرغم من قوة الدعم الدولي والإقليمي والانتصارات على داعش..وهذا الفشل السياسي له أسبابه العديدة والتي هي تراكمات النظام السياسي الجديد بعد 2003 والذي لم يستطع رواده أن ينتجوا دولة لها ستراتيجية سياسية واقتصادية واضحة مما جعل الخط البياني لدولة العراق بعد 2003 خطا تنازليا ..كما أن الثقة بين الدولة والمؤسسات الحكومية تضاءلت يوما بعد يوم حتى اضمحلت أو تكاد ..مما ولد ضعفا للدولة والأحزاب المشاركة في السلطة وقادتهم فأضحوا اليوم بكل وضوح غير قادرين على انتاج الحلول بل بالعكس من ذلك إذ برعوا في انتاج الأزمات بوصفها حلولا.. ولذا رميت كرة النار في المحكمة الاتحادية والقضاء فلعل فيه الرمق الأخير من انتشال العراق من شفا حفرة التشظي والتقسيم والتفتت والاقتتال والفوضى..ولاأريد الخوض في التفصيلات القانونية ولكنني أعتقد أن قرارا منها ببطلان الجلستين ؛وأقصد بهما جلسة انتخاب رئيس مؤقت من قبل المعتصمين، وجلسة التصويت على الوزراء خلف الأبواب الموصدة..فهذا الحل الذي سيرضي الجميع يمكن أن يكون ضوءا خافتا في نفق مظلم فعودة الى الوراء قليلا يمكنها أن تصفي الأجواء لحلول جديدة وحركة جديدة لعلها ترتفع بالبلاد من هذه اللا عقلانية والفوضى والتحديات الأمنية والاقتصادية التي نعيش ونموت فيها ..