18 ديسمبر، 2024 6:07 م

المحكمة الإتحادية تنتصر أخيراً للتعليم

المحكمة الإتحادية تنتصر أخيراً للتعليم

وأخيراً أقرّت المحكمة الإتحادية في العراق وبناءً على دعوى تم رفعها من قبل بعض المختصين والخبراء ضد مقررات مجلس النواب العراقي المنحل لتصويته على جملة قرارات أضرت بمكانة العراق بين الدول فيما يخص منح و معادلة الشهادات العليا، وبعد جهود حثيثة وندوات ومؤتمرات تثقيفية عقدتها العديد من الإتحادات و الهيئآت والتجمعات والجمعيات الثقافية أخص بالذكر منهم إتحاد النخب و الأكاديميين العراقيين بعقد مؤتمرهم الذي ضم العديد من الخبراء واستاذة الجامعات من داخل العراق وخارجه تناول فيه البروفيسور رياض الدباغ الرئيس الأسبق للجامعة المستنصرية العريقة بإسهاب و بمحاضرة قيمة تداعيات تلكم القرارات المزاجية و وقعها الكبير في الأوساط العلمية، حيث تم دحضه وتعريته أمام الرأي العام العالمي والعربي والعراقي.
وأخيرا فقد آتت كل تلك الفعاليات والوقفة الوطنية والطعون ثمارها مما حدى بالمحكمة الدستورية مؤخرا بإعادة دراسة الملف والتعامل معه بجدية، وتبين لها عدم دستورية الكثير من القرارت التي أقرها مجلس النواب العراقي المنحل والمتعلقة بمنح ومعادلة الشهادات العليا خارج السياقات المعمول بها والمقرة عالميا تحت رقابة وإشراف منظمة اليونسكو والمرتبطة في لجان علمية رصينة مخولة ومستقلة ضمن صلاحية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي في كل بلد حصرا..
حيث سعى وعن عمد ذلك البرلمان في فصله التشريعي الأخير بإلغاء دور الوزارة وربط منح الشهادات العليا والمعادلة عبر تشكيل لجنة برلمانية لا تفقه من أبجديات العلم شيئا و ربما بعض أعضاءه لا يكاد يفكُّ القلم.
وما يثير الإنتباه حقا أن هذا القرار فصلوه تفصيلا ليشملهم والدرجات الخاصة فقط في سابقة خطيرة لم تقدم عليها أي دولة في العالم والغاية منه واضحة في إستباق الزمن بمنح ذوي الدرجات الخاصة و قادة الأحزاب والمليشيات شهادات عليا تؤمن لهم مستقبلا مرموقا إن تم لفظهم خارج قبة البرلمان أو عند حل الأحزاب والمليشيات ليتبوئوا مقاعد جامعية أو وظيفية مرموقة!
وقد أعطت حكومة السيد الكاظمي وذلك البرلمان وحتى رئاسة الجمهورية في حينها الآذان الصماء لكل من كتب وتكلم واستهجن بحق تلك القرارات التعسفية والتي هزت المكانة العلمية للجامعات والشهادات العراقية التي كانت يوما تضاهي نتائج أفضل الجامعات..
لقد تأخرت المحكمة الاتحادية كثيرا في اتخاذها قرار بطلان وعدم دستورية ما ذهب اليه مجلس النواب العراقي المنحل، ورغم أن التعليم ونيل الشهادات حق قد كفله الدستور لكل مواطن عراقي لكن ضمن السياقات والضوابط العلمية لا كما يحلو لذلك المجلس بعدم الحاجة لتفرغ الطالب له ولا التدرج العلمي ويعني من الممكن أن يقفز حامل الشهادة الإعدادية لنيل شهادة الدكتوراه دون المرور بالتدرج العلمي تصوروا هذه إحدى فقراته!!!
كذاك لا حاجة لمناقشة الرسائل والاطروحات!
فأي إستهانة وفوضى في منح ومعادلة الشهادات وهي لا تحتلف عن فوضى حكمهم؟
ورغم أن ما قامت به المحكمة الاتحادية مؤخرا في رد تلك القرارات لعدم دستوريتها هي خطوة محمودة ونأمل أن تساهم بإستعادة مكانة وهيبة المؤسسات التعليمية العراقية التي طالها التجهيل وهي على شفا الإنهيار حالها حال جميع مؤسسات الدولة العراقية مما أصابها من تردي وتراجع بعد الاحتلالين الأمريكي و الإيراني.
كذلك فهي تمثل خطوة بالإتجاه الصحيح تحسب للمحكمة الاتحادية.. لكن الشارع والمواطن العراقي ما زال يتطلع إلى مراجعة الدستور برمته وكذلك جميع القرارت التي سنها سيئ الصيت بريمر ومجالس الحكم و المجالس النيابية وصادقت عليها باقي السلطات منذ الإحتلال لغاية الساعة، وقد أضرت كثيرا بمصالح الشعب العراقي ومزقت نسيجه الاجتماعي، ولا يسعنا حصرها هنا، فمنها على سبيل المثال لا الحصر (إقرار الميزات والرواتب الفلكية للرئاسات الثلاثة و نوابهم وموظفيهم واعضاء مجالس النواب ومجالس المحافظات، ورواتب رفحا و السجناء السياسيين الذين تضاعفت تعدادهم بشكل لوغارتمي رهيب ، كذلك تسويفهم للقرارات التي فيها مصالح الشعب كتعديل قانون رواتب المتقاعدين والسلم الوظيفي وتعويض النازحين والمشردين وحرية الرأي و الصحافة والإصلاح والمحاكم الأسرية وحرمان مئآت الآلاف من العوائل العراقية من العيش الكريم تحت مسميات المسائلة والعدالة وغيرها والتي تفتقر للعدالة فضلا عن مراجعة العشرات من القرارات الجائرة والأخرى المعطلة..
لكن يبقى السؤال الأهم الذي يتداوله الشارع العراقي وطبقة المثقفين منهم :
لماذا سكتت المحكمة الاتحادية عن دحض قرارات ذلك المجلس المؤسفة فيما يخص التعليم كل ذلك الوقت حتى ساءت سمعة التعليم وتردى مستوى التقييم عالميا؟؟
لماذا انتظرت المحكمة الإتحادية وأعضاءها المبجلون ولم يعترض أحدهم ولم يؤخد الموضوع على محمل الجد وهو من أخطر القرارات التي مست سمعة العراق وضربته بالصميم لحين حل ذلك البرلمان؟
هل اليوم المحكمة الاتحادية حريصة على التعليم أم كان حرصها بالأمس أشد على رئيس البرلمان واعضاءه ولا تريد أن تخالفهم وتبطل قراراتهم بعدم دستوريتها لان وراءهم أحزابا و مليشيات مدججة بالسلاح وأن القرار يجب أن يمرر دون أي إعتراض من أي جهة لأنه يصب في مصلحة قادتها ؟؟؟
نحن لا نشكك في نزاهة القضاء العراقي وغيره من دوائر القضاء في العراق وفي اي دولة، لكن من حقنا أن نفهم ماذا يجري حولنا؟
وهذا أيضا حق قد كفله الدستور لنا…