23 ديسمبر، 2024 5:46 ص

المحكمات والمتشابهات في القرآن 5/5

المحكمات والمتشابهات في القرآن 5/5

نشرت باسمي المستعار (تنزيه العقيلي)
إذن المتشابهات تمثل نقطة ضعف، ومبرر شك، وشهادة ليست لصالح لقرآن. والذي أتصوره وأرجحه إن المؤلف، وحيث إنه ألفه تتابعا، وعلى مدى أكثر من عقدين، رأى نفسه فجأة أنه قد وقع في التناقض في نصوصه، أو رأى أن هناك الكثير من النصوص الباطنية لن يفهمها أحد غيره، وبالتالي وضع هذه الآية بقول: «هُوَ الَّذي أَنزَلَ عَلَيكَ الكِتابَ، مِنهُ آياتٌ مُّحكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتابِ، وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ». وحتى هذه الآية، جعلها، لا من حيث النص، بل من حيث القراءة، فيما هي أحكام الوقف والوصل، من المتشابهات، فجعلها – أو جعلها جامعو ومدونو القرآن من بعده – تُقرَأ، وبالتالي تُفهَم على نحوَين، إما «ما يَعلَمُ تَأويلَهُ إِلاَّ اللهُ»، وإما «ما يَعلَمُ تَأويلَهُ إِلاَّ اللهُ والرّاسِخونَ في العِلمِ»، ثم أراد أن يخوّف من يجرؤ على الخوض في محاولة تأويل متشابهاته، بقول: «فَأَمّا الَّذينَ في قُلوبِهِم زَيغٌ فَيَتَّبِعونَ ما تَشابَهَ مِنهُ ابتِغاءَ الفِتنَةِ وابتِغاءَ تَأويلِهِ»، وحيث أنه من الطبيعي ألّا يحب مؤمن بالله وبرسوله وكتابه أن يكون من «الَّذينَ في قُلوبِهِم زَيغٌ»، ولا ممن «يَتَّبِعونَ ما تَشابَهَ مِنهُ ابتِغاءَ الفِتنَةِ»، إذن فليعطلوا عقولهم ويعوّلوا على علم الله وحده
المعصومين وحدهم، وهم [مع فرض عصمتهم، ومع فرض وجود كل واحد منهم، لاسيما الأخير] قد رحلوا، وتركوا نصوصا مروية عنهم، مختلَفا في روايتها عنهم، بين صحيح وموثوق وضعيف، أو كانوا هم (العلماء) المعممون الذين صنعوا من أنفسهم طبقة خاصة ذات امتيازات، وما يُسمّى ب(شأنية) متعالية على بقية الناس المسمَّين ب(العامّة)، أو الجاهلين في علوم الدين، التي هي عندهم أشرف العلوم وأعلاها وأسماها، لأنها علوم تبني حسب زعمهم للإنسان آخرته، بينما تبني سائر العلوم الأخرى له دنياه، وهو عمل، وإن كان مرضيا من الله، باعتباره تطبيقا لمفهوم عمارة الأرض وإصلاحها الموكلة مسؤوليتهما للإنسان، بوصفه (خليفة الله في الأرض)، وبوصفه مؤتمَنا على أمانة عُرضت «عَلَى السَّماواتِ والأَرضِ وَالجِبالِ فَأَبَينَ أَن يَحمِلنَها وَأَشفَقنَ مِنها وَحَمَلَها الإِنسانُ»، ولكنه على الأغلب «كانَ ظَلومًا جَهولًا»، فيبقى هذا العمل دون العبادة، إذن تبقى تلك العلوم المعنية به دون علوم الدين شرفا ومنزلة عندهم، أو عند معظمهم، باستثناء القليلين من عقلائهم وعقلانييهم وعقلييهم وإنسانييهم. [ثم إن المؤلف أراد بعبارة «ما يَعلَمُ تَأويلَهُ إِلاَّ اللهُ» أنه وضع من الأسرار ما لا يعلمه إلا هو، أي المؤلف، لأنه عندما ألف القرآن، ورأى أن هذا القرآن ليس إلا من تأليف الله، فأصبح (الله) ليس إلا تعبيرا مجازيا عن المؤلف.