نشرت باسمي المستعار (تنزيه العقيلي).
ولذا فالمقبول أكثر [من الآية التي مر ذكرها في الحلقة السابقة] هي القراءة الثانية التي تفترض أن هناك من الناس [المنعوتين بالراسخين في العلم] من يعلمون تأويله أيضا [إلى جانب علم الله]، ولو دون العلم الإلهي، لكون علمه مطلقا، بينما علمهم نسبي، ولو إن بعض الشيعة [المبالغين في فهم العصمة] يقولون بعلمهم المطلق في هذا المجال، مع فارق أنه ليس كعلم الله ذاتيا ومستقلا، بل هو مكتسب منه وبالتبعية له؛ أولئك ممن وُصِفوا بالراسخين في العلم، ممن يُحسنون تأويل ظاهر النص إلى المعنى الحقيقي المراد، وإلا يكون الكلام غير المفهوم والمحظور على المخاطب محاولة فهمه من قبيل اللغو الذي لا يأتي من حكيم. ولكن حيث معظم من قال بعلم الراسخين في العلم بتأويل المتشابِهات هم من الشيعة الإمامية، فهؤلاء أو أكثرهم حصروا علم التأويل بأئمتهم المؤمنين بعصمتهم، ولكن بعض عقلائهم أو عقلييهم ذهبوا إلى توسيع معنى الراسخين في العلم، بحيث لا يكون منطبِقا حصرا على الأئمة المعصومين، إلا ما كان فيه نص متواتر صحيح موثوق من معصوم، سواء كان المعصوم هو النبي نفسه، أو أحد الأئمة الذين يؤمنون بعصمتهم والمنصوص عليهم – حسب عقيدتهم – من الله عبر نبيه، بل يتسع العلم إلى غير المعصوم من المختصين من مفسرين وفقهاء، وإن كان علم غير المعصوم دون علم المعصوم، فيكون التفاوت في الدرجة. [بكل تأكيد للمعتزلة فهم بين فهمين، فلا هم القائلون بتعطيل العقل، كما الأشاعرة، ولا هم القائلون بحصر الرسوخ في العلم بالمعصومين من أئمة الشيعة الاثناعشرية.]
لكن سأبين إن مجرد وجود (المتشابهات) في القرآن يمتنع أن يصدر من حكيم، لأن فيه تظليلا وسببا إضافيا للاختلاف.