23 ديسمبر، 2024 12:06 م

المحاكمة الكبرى – ٢

المحاكمة الكبرى – ٢

دائما كان يخرج علينا رئيس الحكومة السابقة من خلال قناة العراقية الحكومية ويقول، أنا أعرف من يفجر في العراق وأمتلك الوثائق، انا أعرف من يسرق في العراق وأمتلك الوثائق، أنا أعرف من قتل العراقيين على الهوية وأمتلك الوثائق، أنا أعرف المفسدين وعندي أسماؤهم وأمتلك وثائق.
كل هذا وغيره كثير يعلمه رئيس الحكومة السابقة وساكت، لا نعرف وهو أيضا لا يعرف متى يمكنه نشر هذه الوثائق؛ حتى بعد خروجه صاغرا من رئاسة الوزراء، لم يقم بنشر تلك الوثائق.
قانون العقوبات العراقي يعاقب كل من تستر على مجرم بنفس عقوبة المجرم، لأنه يعتبره مشاركا في الجريمة، من ثم فإن على رئيس الحكومة الحالي تقديم رئيس الحكومة السابق للمحاكمة، بتهمة التستر على مجرمين؛ قاموا بإرتكاب جرائم متعددة ومختلفة في ذات الوقت.
يُعرف التستر بأنه ( الإخفاء والتغطية، من السِتر) وفي المصطلح يعني بأنه ( منع الجاني من أن يؤخذ منه الحق الذي وجب عليه)، أما في القانون الوضعي فإن التستر هو (( نشاط جرمي يقوم به صاحبه، بعد أن تكون الجريمة قد إرتكبت، ودون أن يكون هناك إتفاق مع الفاعلين؛ أو المتدخلين قبل إرتكاب الجريمة))، أما في الشريعة الإسلامية السمحاء، فقد ورد تحريج التستر سواء كان ذلك في السر أو العلن، خاصة إذا تعلق الضرر بزعزعة الأمن والإقتصاد، وكذلك فيما يتعلق بأرواح المسلمين، وفي ذلك يقول الرسول الأكرم (عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم) ( المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرج حرام، أو إقتطاع مال دون وجه حق).
ولو نظرنا الى ما قاله رئيس الحكومة السابقة، نجد بأنه إرتكب جريمة التستر على مجرمين، وبذلك تنطبق عليه المادة 49/ أولا من قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969، حيث يعترف ضمنيا بعلمه بمن قام بإرتكاب هذه الجرائم التي تتراوح بين القتل وسرقة المال العام، التي من المفترض به (كونه رئيس للسلطة التنفيذية) أن يحافظ على سلامة أرواح العراقيين، وحفظ أموالهم من عبث الفاسدين، لكنه فضل أن يتستر عليهم ليتقاسم معهم ما سرقوه من أموال طائلة.
من هنا فإن على العراقيين جميعا، مطالبة السلطة التنفيذية، ممثلة برئيس الحكومة السيد حيدر العبادي، بتقديم المتهم نوري كامل المالكي، الى المحاكمة العادلة لينال جزاءه العادل، بالإضافة مطالبته بتقديم كل الأوراق والمستندات التي لديه الى القضاء، للنظر فيما قاله على شاشة التلفزيون بحق من يتهمهم بالقتل والسرقة لتقديمهم أيضا للمحاكمة ليقتص منهم القضاء وينالوا جزاءهم العادل، وإسترداد الأموال التي سرقوها طيلة وجودهم في مناصبهم ليكونوا عبرة للآخرين.