محاكمة العراق
محاكمة النظام والشعب
محاكمة الحاكم والمحكوم
محاكمة الزعيم والتابع
محاكمة انفسننا
محاكمة العالم باسره
من منا لا يعرف الا ان يقول نعم؟
من منا يعرف بان الجلاد ضحية وان الظالم مظلوم؟
نحن الابطال في التبرير والتضليل والتنظير وخداع النفس.
اننا وإذ نعلم رغم خداعنا لأنفسننا ان تغييرا جذريا شاملا وحاسما في النظام بكل سلطاته والقيادات السياسية بل وحتى الشعب ما لم يحدث فانه لا مناص من السقوط في الهاوية.
اننا نعلم انه رغم كم هائل من الخوف والاضطهاد والذل والظلم الذي لم ندركه أي حد قد وصل بنا الا ان تولد بارقة امل وسط الخوف من كل الموجودين من الاخرين من كل ما يحيط بنا في العراق من لرعب من الجميع قلنا فيه ان الوضع الاستثنائي من التوازن القلق من الرعب فان لنا ان نغض النظر مؤقتا عن عجزنا وجهلنا بل وعن ان نظلم غيرنا وان نتوجس منهم خيفة وان لا نثق بالغير بل حتى بأنفسنا لا نثق حقا ولنؤمن فقط بالقوة والسلطة والنفوذ ولنبرر لأنفسننا بان لنا نوايا طيبة تبرر لنا بل وتمكنا من المزيد من النفوذ والقوة وان نسير خلف زعامات ورثت تركة ماض نراه مشرفا لنا لتستمد قوتها من ماض مات قتلناه بأنفسنا والقينا التهمة على غيرنا. وأزمتنا التي ننكرها ببساطة اننا نجهل ما نريد!!! ونجهل ما يمكن لنا ان نفعل!!! النخب منا رات بان الضرورة تبرر لنا ان نسير على غير هدى وفق التجربة والخطأ دون أي استراتيجية واضحة ودون برنامج عمل وليس ثمة شيء سوى الاماني والشعارات ونوايا سحقتها الاطماع المتزايدة وزعمنا انها فترة عابرة ،لكن العابر استدام، وقبل ان نتهم احد في الواقع كلنا متهم ومتورط من النخب الى الزعماء الى دول الجوار الى العالم باسره لصمته او لدعمه العلني والسري لقوى الظلام، ولان ما وقع منا من ظلم وفساد ومافيا جريمة منظمة وجدنا ان لها نسخا استوردنا بل وصنعت في دول متقدمة وان كانت بصيغ أخرى او بصور مخففة، ورغم ان البعض من بل الكثير لم يكن يتصور حجم ما تسببنا فيه من ظلم لم ندرك يوما الحد الذي سيصل اليه الا ان سرقة رغيف فقير وقرار موت بريء كان هو بداية لسرقة شعب بأكمله وموت وطن ودمار حضارة الالاف من السنين
وقد ضللنا انفسننا بحسن نوايانا حينما قدمنا تنازلات تحت ذريعة الضرورة والاضطرار والوضع الطارئ والواقعية ومقتضيات المنطق السياسي ولأننا خضعنا لكل هذا فأننا نساهم في قتل العدالة فينا فضلا عن اننا نمنع من تحققها في الخارج. ان محاكمة حضارة العراق لشعب العراق ومحاكمة العراق لأبنائه هي محاكمة للجهل والخنوع والخضوع فيه حيث الزعيم اهم من المبدأ والسلطة اهم من الوطن!! اننا اذ نبرر صمتنا عن الكرامة التي هدرت لشعبنا من قبل شعبنا نفسه بذريعة انه شعب عاجز جاهل لا حيلة له وانه يرضى بالقليل وهو شعب مقيد بايدلوجية مقدسة اثنية تمنعه من التفكير والنقد والقرار والاستقلال في الراي، لكنه كان جلادا يجلد نفسه عندما يرفض الا ان يندفع عاطفيا وراء حكم الموتى للأحياء ليقبل مورفين الإصلاح الترقيعي في سرطان الفساد ورغم اكذوبة حرية القرار الا انه قد استعبد من مركز القرار وابعد عن المشاركة الفاعلة ومنع من الاطلاع على خفايا التآمر السياسي . ان شعبنا قد اختار استعباد نفسه لأنه يرى نفسه عاجزا عن اختيار القادة من وسط رحم معاناته فاصبح بذلك هو الجلاد الضحية والظالم المظلوم. في حين كان الصراع استحقاق او بالأصح وهم استحقاق أي استحقاق للسرقة باسم استنقاذ حق وجزاء وثمن نضال وكفاح وجهاد بل استحقاق لقمع الاخر بذريعة التهميش الزائف ووهم الاضطهاد واكذوبة التوحيد المحض في تكفير الغير أي ان الاستحقاق هو في أولوية الاخذ دون العطاء، لان السياسة قوة وسلطة ونفوذ. ان صمت أي زعيم عن أي سرقة قد وقعت وجريمة قد حدثت او استغلال سلطة او نفوذ باي ذريعة من جهل او سوء تقدير للعواقب او عجز صمت غير مقبول، بل هو شريك في كل ما حدث مهما برر وان أي تكفير للذنب وتراجع للخطأ بعد فوات الأوان لا يكون الا بنزع الشرعية والغطاء عن كل حيتان الفساد واسماك القرش الكبيرة منها والصغيرة على حد سواء وليست بمحاسبة صغار اللصوص او استبدال لص باخر او فاشل باخر. ان الحل الوحيد لنا كشعب هو ان نفر الى الله جميعا حيث لا ضمانة من ان القادة راغبون او قادرون على ان يتاسوا بأمير المؤمنين عليه السلام الذي لم يسلب قط ولم يرضى ان تسلب نملة حبة حنطة في عهده. فاتقوا الله حق تقاته ولا تموتن الا وانتم مسلمون والعاقبة للمتقين.