تجربة العملية السياسية على صعيد المحافظات العراقية متخمة بالحوادث والمتغيرات وهي تجربة غنية بالعبر وتستحق الدرس والتآمل لعدة اسباب لعل من بينها انها تجربة تمثل آمتداد للتجربة السياسية على صعيد البلاد من جهة مع الاخذ بنظر الاعتبار خصوصية المحافظات حيث تختلف القضايا محل التنافس بطبيعتها كما ان دوافع صراع المصالح والنفوذ يتخذ شكلآ مختلفآ على صعيد المحافظات وان كان يحتفض بالخصائص المميزة للصراع بشكل عام على الصعيد الوطني .. ..
مايلاحظ على آن هنالك محاولات مستمرة وحثيثة من قبل بعض القوى لصبغ هذة المدينة او تلك بلون واحد وثقافة واحدة وتوجة واحد وفرض رؤية معينة للحياة منطلقة من رؤية فكرية او دينية آو قبائلية حيث اصبحت العديد من مراكز المدن عبارة عن قرى بمعنى الكلمة من الناحية الثقافية والاجتماعية حيث تم العمل على تريف تلكم المدن وفرض رؤية معينة عليها حتى غدا الناس بين مجهل وقانع بفعل سيطرة بعض القوى وبين قابل بالواقع بسبب الخوف من الاخر المختلف حيث تعمل بعض القوى لدفع المواطنين للتصويت لها عبر التخويف من الاخر المختلف مذهبيآ عبر تصوير نفسها كحامي حمى الطائفة واهلها بعض القوى تستند الى كسب الدعم العشائري في الارياف عبر طريقين الاول تقديم منافع ومكاسب مادية للمتنفذين في هذة العشيرة او تلك او عبر تسويق نفسة كممثلة للشرع الاسلامي عبر توظيف الدين والطائفة والقومية في الصراع السياسي وطبعآ فأن الارضية تكون مهيأة لقبول هكذا خطاب في الريف وتتفاعل مع خطاب التوظيف المقترن بالمصالح المادية والمناطقية والقبلية ….
هنالك ايضآ معطى اخر يتمثل بالفرض والقوة واستخدام وسائل الاكراة والعنف مع كل حالة معارضة او تنهج نهج يحمل بعض الاختلاف او يحاول ان يحتفظ بخصوصيتة الثقافية او الفكرية الشواهد على ذالك كثيرة والوقائع كثيرة ايضآ حتى ان صعلوك متشرد يعيش على الصدقات ويرتدي الاسمال البالية ويدعي الشعر لم يسلم عندما تصور ان مساحة الحرية كافية لة لكي يبيع صحيفة يسارية متطرفة جدآ في مدينة الكوت لعل هذا ماذكرة صديقي الكاتب الدكتور علي عبد الامير صالح الحكيم في مجموعتة القصصية ((يمامة الرسام )) وهو يناقش حالة شخص معروف في مدينة الكوت خطف وقتل في ضروف غامضة بسبب آراءة الغير مقبولة وانا اعتقد وان كانت الصحيفة متطرفة وان كان هذا الشخص الذي ذكرة الدكتور علي في يمامة الرسام لة فكر يخالفني لاكن لايجوز ان يحل الخلاف بالخطف والقتل .
هكذا تدار الامور وهكذا يفسر الدين على مايبدوا لدى البعض متناسين قولة عز وجل ((فذكر انما انت مذكر لست عليهم بمسيطر )) ومتناسين ان اسماء الرحمن والرحيم والغفور هي من اسماء الله الحسنى لايمكن ان نصل الى اقناع الناس بأي فكر عن طريق الفرض والاكراة والاضطهاد والقمع يذكرني ذالك بحادثة وقعت للمدعو احمد الحبزبز ((حبزبوز)) كان هذا شقي من اشقياء بغداد استنكر والدة تصرفاتة فقرر ان يهدية الى الصلاة وتحت الاضطرار ذهب الى الجامع وفي اثناء الصلاة قال نويت ان اصلي ركعتين جفيان شر ملا عليوي .لايمكن ان يرضى الله الغفور الرحيم بغير اقتناع الانسان النابع من وجدانة القلبي ومن ذاتة ومن دوافعة الذاتية ..
لايمكن ايضآ ان نستغل جهل الناس لقمع الافكار المعارضة وتسقيط رموزها لايمكن ان يعود الوعي لدينا الى الوراء الى ايام بدايات القرن المنصرم يذكر ان الشاعر الزهاوي كان قد كتب في يوم من الايام مقال عن نظرية داروين فقامت مظاهرات في بغداد واتجهت الى دار الزهاوي حيث كان على رأس المظاهرة شخص ((سيد )) واخر ((وجية)) فقال لهم الزهاوي رحمة الله والديك مولانة انت سيد جدك رسول الله اني اقصد جدي كان قرد ابن قرد… بغض النظر عن موقف الزهاوي فأن رسول الله (ص) هو رسول الرحمة والانسانية وارسل ليرفع عن الناس اغلالهم وليتمم مكارم الاخلاق فلايجوز قمع الاخر باسم الدين …
اما دوائر ومؤسسات الدولة فهي تخضع للمحاصصة الحزبية والمناطقية والقبلية وربما القومية احيانآ وهذة المحاصصة وصلت الى الكاتب البسيط والفراش وغيرها واصبحت بعض القوى تتغاضى عن مفسديها ومنحريفيها اخلاقيآ وتزين فعلهم حتى لو كان احدهم اوكانت من( ملائكة الخطيئة )كما وصفها الصديق الدكتور علي عبد الامير صالح في مجموعتة القصصية …
ان عملية قتل الحياة المدنية والفساد والتناكف السياسي بين( الاخوة الاعداء) كما قال دستوفسكي ….كل تلك العوامل مع الارهاب قضت على العديد من مظاهر التحضر في المدن .