22 نوفمبر، 2024 7:30 م
Search
Close this search box.

المحافظات … بين المركزية واللامركزية الإدارية ؟!.

المحافظات … بين المركزية واللامركزية الإدارية ؟!.

القسم الثامن

نصت المادة (2/ثانيا) من قانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم رقم (21) لسنة 2008- المعدل ، على أن ( تتمتع المجالس بالشخصية المعنوية والأستقلال المالي ويمثلها رئيسها أو من يخوله ) . في حين لم ينص الدستور على ذلك بشكل واضح وصريح ، وإنما نصت المادة (122) منه ، على أن :-

ثانيا- تمنح المحافظات التي لم تنتظم في إقليم ، الصلاحيات الإدارية والمالية الواسعة ، بما يمكنها من إدارة شؤونها على وفق مبدأ اللامركزية الإدارية ، وينظم ذلك بقانون .

ثالثا- يعد المحافظ الذي ينتخبه مجلس المحافظة ، الرئيس التنفيذي الأعلى في المحافظة ، لممارسة صلاحياته المخول بها من قبل المجلس .

خامسا- لا يخضع مجلس المحافظة لسيطرة أو إشراف أية وزارة أو أية جهة غير مرتبطة بوزارة ، وله مالية مستقلة .

كما نصت المادة (123) من الدستور على جواز ( تفويض سلطات الحكومة الإتحادية للمحافظات ، أو بالعكس ، بموافقة الطرفين ، وينظم ذلك بقانون ) ، وذلك ما يتعلق بتخويل الصلاحيات كما أسلفنا بيانه ، وكل ذلك يدل على كون المحافظة ومجالسها وما يرتبط بها من تشكيلات السلطة التنفيذية ، لا تمنع من تحديد الجهة التي يخضع مجلس المحافظة لإشرافها أو الإرتباط بها ، خلافا لما نصت عليه المادة (122/خامسا) من الدستور ، لوجود جهات في الهيكل الإداري للدولة تعمل على منح وتفويض وتخويل الصلاحيات الإدارية والمالية اللازمة لتنفيذ الأعمال الخاصة بالمحافظات ومجالسها ، لغرض إكتمال دورة التفاعل العملي المستمر بدون إنقطاع أو توقف معرقل ، ولديمومة الفصل بين جهات التنفيذ والرقابة المهنية غير السياسية ، لأن عدم الخضوع للوصف المذكور ، يجعل مجلس المحافظة ضمن حدود وصف الهيئات المستقلة ذات الشأن الأهم ، وعليه نرى إرتباط مجلس المحافظة بالسلطة التنفيذية من جهة نائب رئيس مجلس الوزراء ، مع خضوعه والمحافظة لرقابة مجلس النواب ، وبذلك نضمن جهة الإرتباط الإداري والرقابي دون وجود خلل واضح ، لإتفاق ذلك مع تفسير المحكمة الإتحادية العليا الوارد بقرارها المرقم (228/ت6/2006) في 9/10/2006 ، بشأن معنى الإستقلال الوارد في المادة (102) من الدستور ، وقرارها المرقم (88/إتحادية/2010) في 18/1/2011 ، الذي جاء فيه ( أما بقية السلطات التي لم تحدد النصوص الدستورية إرتباطها بمجلس النواب أو بمجلس الوزراء وتمارس مهام تنفيذية ، وأخضع الدستور قسم منها ( لرقابة مجلس النواب ) أو جعلها ( مسؤولة أمام مجلس النواب ) ، فأن مرجعيتها لمجلس الوزراء ، ويكون لمجلس النواب حق الرقابة على أعمالها ونشاطاتها ، وتكون مسؤولة أمام مجلس النواب شأنها شأن أية وزارة أو جهة تنفيذية غير مرتبطة بوزارة ، سواء ذكر ذلك النص الدستوري أو لم يذكر ، تأسيسا على ما أورده من نصوص تعطي حق الرقابة لمجلس النواب على أعمال السلطة التنفيذية ) . وذلك ما ثبتنا نصه عند بحث موضوع ( الهيئات المستقلة … وإرادة السيطرة وامتداد النفوذ ؟! ) في المقالات المؤرخة في ( 14 ولغاية 16/10/2018 ) ، وما رأيناه في المقال السابق من أن مجلس المحافظة ( تشكيل تنظيمي له حق الرقابة والتوجيه الملزم لدوائر المحافظة ، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية وبما لا يتعارض مع الدستور والقانون ) .

إن المحافظات لم تتمتع بالإدارة اللامركزية ، ولم تنظم أعمالها على أساس الإدارات المحلية ، للتشوه التنظيمي الذي لحق بتفاصيل تكويناتها الإدارية ، من جراء إختلاط المفاهيم والنصوص الدستورية والقانونية السياسية غير المتجانسة ولا الناضجة مهنيا ، وغير المستوعبة لمتطلبات الحاجة المستوفية لشروط تأمين وديمومة نجاحها ، على الرغم من إرتفاع مستوى النظام الفدرالي على نظام الإدارة اللامركزية ، إذ ليس من حاجات التطبيق الفعلي للنص الدستوري إلا التذكير بموجب القانون ، على أن ( ثالثا- تخضع المجالس لرقابة مجلس النواب ) و ( رابعا- تكون الحكومات المحلية مسؤولة عن كل ما تتطلبه إدارة الوحدة الإدارية وفق مبدأ اللامركزية الإدارية ) و ( خامسا- تمارس الحكومات المحلية الصلاحيات المقررة لها في الدستور والقوانين الاتحادية في الشؤون المحلية عدا الإختصاصات الحصرية للسلطات الإتحادية المنصوص عليها في المادة (110) من الدستور ) و ( سادسا- تدار الإختصاصات المشتركة المنصوص عليها في المواد (112 و 113 و 114) من الدستور بالتنسيق والتعاون بين الحكومة الإتحادية والحكومات المحلية وتكون الأولوية فيها لقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم في حالة الخلاف بينهما وفقا لأحكام المادة (115) من الدستور ) . وإن كانت الطامة الكبرى في النص على أن ( تكون الأولوية فيها لقانون المحافظات غير المنتظمة في إقليم في حالة الخلاف بينهما وفقا لأحكام المادة (115) من الدستور ) ، التي جعلت من قرار حكومة الإقليم والمحافظة أقوى من قرار الحكومة الإتحادية ومركزها القانوني الأعلى ، بدلا من ترك ذلك لقرار السلطات المركزية الإتحادية بالبت والتنفيذ أو بالتخويل في حالة وحين الخلاف ؟!.

أحدث المقالات