9 أبريل، 2024 2:28 ص
Search
Close this search box.

المحافظات … بين المركزية واللامركزية الإدارية ؟!

Facebook
Twitter
LinkedIn

القسم الثالث
أما عيوب نظام اللامركزية الإدارية فلا تنشأ إلا نتيجة سوء تطبيقه ، ففي حالة ضعف أو إنعدام رقابة السلطة المركزية ، يخشى أن تسيء الهيئات اللامركزية إستخدام صلاحياتها بتفضيل المصالح المحلية أو الخاصة على المصلحة العامة ، وقد يؤدي ضعف الإمكانيات الفنية أو المالية للتشكيلات اللامركزية مع سلبية السلطة المركزية إلى فشل تلك الدوائر ورداءة أعمالها ، لقد كانت نشأت اللامركزية المحلية في أغلب الدول ، كنتاج للتوافق أو المصالحة بين القوى المتقابلة في المجتمع ، ويتوقف قيام ونجاح نظام اللامركزية المحلية في الدولة على عوامل متعددة أهمها الإستقرار السياسي ، ومدى ديمقراطية نظام الحكم في الدولة ذات السيادة الكاملة ، ودرجة وعي الشعب ومستوى معيشته ، ومدى المقدرة الإدارية والفنية لوحداتها الإقليمية ، فضلا عن عدم سيطرة النزاعات الإقليمية وهيمنتها على فكر وممارسات المواطنين في بعض أجزاء إقليم الدولة ، ومع إن عوامل قيام ونجاح نظام اللامركزية المحلية المذكورة آنفا ، غير متوفرة في العراق جملة وتفصيلا في الوقت الحاضر ، إلا إننا نجد التمسك بما لا يمكن تطبيقه بشكل مقبول ، ليس بالأمر الخارج على قواعد التبني بشكل مطلق ، على الرغم من غياب النظرة المهنية في معالجة واقع الحال الحاضر بما هو أفضل ، حيث لا يستوجب العمل بمفاهيم الفدرالية والأقاليم إذا أحسنت الدولة تطبيق مبادئ مركزية التخطيط والتشريع ، وجسدت لا مركزية التنفيذ والتطبيق ، بتخويل دوائرها في المحافظات الصلاحيات الإدارية والمالية الواسعة ، بعد تدريب وتأهيل العاملين في المجال الحكومي على التنفيذ الصحيح والسليم للقوانين والأنظمة والتعليمات النافذة بآليات موحد ، وما يتبعه من تنظيم التشكيلات الإدارية وتبسيط الإجراءات ، والحد من مظاهر البيروقراطية المدانة ، ووقف إنتشار الروتين والتخفيف عن كاهل المواطنين وترشيد إستخدام القوى العاملة ، مثلما كانت البداية في العام 1979 ، وإلى حين تخويل المديريات العامة للتربية في المحافظات كافة ، كامل الصلاحيات الإدارية والمالية اللازمة ، من التعيين إلى الإحالة إلى التقاعد في العام 1982 ، مما عد في حينها قفزة نوعية في تطبيق اللامركزية الإدارية ، كما تم توثيق تعليمات لجنة دراسة العقبات الإدارية لدى المكتبة الوطنية ببغداد بالرقم (384) لسنة 1985، كما وثقت تعليمات تبسيط الإجراءات لدى دار الكتب والوثائق بالرقم (604) لسنة 1990 ، بغية نشر الوعي الإداري في معالجة المعوقات لمن أراد الإفادة منها في الوقت الحاضر .

لقد نصت المادة (112) من الدستور على قيام الحكومة الإتحادية بإدارة النفط والغاز المستخرج من الحقول الحالية مع حكومات الأقاليم والمحافظات المنتجة ، إلا إن قانون المحافظات لم يعالج موضوع إرتباط دوائر ومنتسبي وزارة النفط ، وكذلك الحال بالنسبة لدوائر ومنتسبي وزارة الثقافة والفنون ، حين تعرضت المادة (113) من الدستور إلى موضوع الآثار والمواقع الأثرية والبنى التراثية والمخطوطات والمسكوكات ، أما المادة (114) من الدستور فقد نصت على أن ( تكون الإختصاصات الآتية مشتركة بين السلطات الإتحادية وسلطات الأقاليم ) ، ولعل ما سنتخذه مثالا منها هو البند السادس المتعلق ب ( رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة بالتشاور مع الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم ) ، حيث يلاحظ أن ليس من مقومات نجاح الدولة أن تتوزع إختصاصاتها بالشكل المفرط والمبعثر لواجباتها وتشعب وضياع مسؤولياتها ، وتنازع أحكامها بين القوانين التي تكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة بإقليم ؟!، في حالة الخلاف بينها وبين إختصاصات السلطات الإتحادية ؟!، حسب نص المادة (115) من الدستور ، الممهدة للتمسك بألف باب سبب للخلاف ، من أجل القيام بالأعمال على وفق قانون الإقليم أو المحافظة ، وكأن الإقليم أو المحافظة ليستا من أجزاء العراق ، ناهيك عماما سيؤول إليه حال الإدارة المحلية بعد الإرتماء بأحضان نزعات الرغبة والأهواء المؤدية إلى مخالفة المركز وعصيان أوامره والإبتعاد عن سيطرته ، ومن ثم ترسيخ وتجسيد حالات أقلمة المحافظات وإنفصالها مستقبلا وفقا لأحكام الدستور الضامن لذلك ، كما إن الإختصاصات المشتركة وفقا لنص منطوق المادة موضوعة البحث ، يتحدد في السلطات الإتحادية وسلطات الأقاليم ، بينما تشترك المحافظات غير المنتظمة بإقليم في مضمون بنود بعض المادة الدستورية وهي ليست من الأقاليم ، ولا ندري كيف ستكون المشاركة في رسم السياسة التعليمية والتربوية العامة ، وإعداد المناهج الدراسية يموج بإختلافات الرؤى الفلسفية والفكرية لكل محافظة ، خاصة فيما يتعلق بالمعتقدات الدينية والعرقية والمذهبية ، التي غزت المدارس بتطبيقاتها السلبية ومظاهرها المشينة ، بهدف ترسيخ ممارسات نهج الإختلاف وإشاعة روح العداوة والبغضاء والحقد الأعمى بين التلاميذ ؟!. دون التحسب من تداعيات ذلك الغرس المقيت ، وإمتداد تأثيراته المدمرة بسلوكيات وتصرفات جيل الإحتلال الجديد ؟!.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب