23 ديسمبر، 2024 4:25 ص

المحافظات … بين المركزية واللامركزية الإدارية ؟!

المحافظات … بين المركزية واللامركزية الإدارية ؟!

القسم السادس عشر

الفرع الثاني- إختصاصات المجالس المحلية .

أولا- إختصاصات مجلس القضاء .

المادة -8- سادسا- الموافقة على تسمية الشوارع وتخطيط الطرق .

*- في القسم الثالث عشر من مقالتنا الخاص بالمادة (7) المتعلقة بإختصاصات مجلس المحافظة ، بحثنا نص البند (11) منها- المعدل بالقانون رقم (19) لسنة 2013 ، حيث ( المصادقة بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس ، على إجراء التغييرات الإدارية على الأقضية والنواحي والقرى ، بالدمج والإستحداث أو تغيير أسمائها ومركزها وما يترتب عليها من تشكيلات إدارية ضمن حدود المحافظة ، بناءا على إقتراح المحافظ أو ثلث أعضاء المجلس ، مع وجوب موافقة الاغلبية المطلقة للمجالس المعنية بالتغيير .) ، وذكرنا أن ليس من عدالة القرار الإداري والتنظيمي ، أن يكون إقتراح المحافظ مقابلا مساويا لعدد ثلث أعضاء المجلس الذي إنتخبه ، كما رأينا أن تكون المصادقة بأغلبية ثلثي عدد أعضاء مجلس المحافظة على إجراءات التغييرات الإدارية المشمولة بوصف البند المذكور ، بناءا على إقتراح المحافظ مع ثلث أعضاء المجلس ، لضمان التوازن في تحقيق المصلحة العامة للمحافظة بين عدد المقترحين وبين عدد الموافقين بالمصادقة على إجراء التغييرات الإدارية ، مع وجوب موافقة الاغلبية المطلقة للمجالس المعنية بالتغيير ، وهي مجالس الأقضية وأقسام النواحي بعد حل مجالسها ، بإعتبار أن أهل مكة أدرى بشعابها ، وللحد من مظاهر تمادي البعض في إطلاق التسميات التي نرى إلغائها والإستعاظة عنها بالترقيم العددي للشوارع الرئيسة الذي لا يختلف عليه إثنان في يوم من الأيام ، بموجب نظام صادر إلى جانب ما هو معمول به من ترقيم لمحلات وأزقة السكن في العاصمة بغداد حاليا .

وعليه كان لا بد من الإشارة إلى ما يتصل بإستحداث بعض المحافظات والأقضية والنواحي والقرى والأحياء والمحلات والشوارع ، بالدمج والإستحداث وتغيير الأسماء ، وما يترتب عليها من إشكالات موضوعية وإدارية خدمية خاصة أو عامة ضمن حدود المحافظة ، التي تستمد تسميتها ومدنها وشوارعها من تأريخ نشأتها وما جرى فيها من مواقف وأحداث خاصة ، ذات أبعاد وطنية ثابتة ومشتركة بين أبنائها في أصغر وأكبر مساحات السكن الدائم أو المؤقت . إلا إن ما وجدناه من ربط البعض بين إستحداث بعض المحافظات والأقضية والنواحي وتفرعاتها ، أو كما هي كذلك ، بغير أسس التقسيم الإداري للدولة من أجل تقديم الخدمات للمواطنين ، وبما يضمن الإنفتاح الإداري وتنظيم أحوالهم وإنجاز معاملاتهم المختلفة ، أو التشكيك في تغيير مسمياتها لأسباب تأريخية أو إقتصادية أو ثقافية حضارية ، وربطها بمواضيع لا علاقة لها بتلك الإجراءات ، ومنها إستحداث محافظتي دهوك والسماوة سنة 1969 ، وإستحداث محافظتي صلاح الدين والنجف وتسمية محافظة التأميم بدلا من محافظة كركوك في سنة 1976 ، أسوة بتغيير أسماء محافظات أخرى مثل نينوى بالموصل وميسان بالعمارة والأنبار بالرمادي وواسط بالكوت وبابل بالحلة وذي قار بالناصرية والمثنى بالسماوة والقادسية بالديوانية سنة 1970 ، لكن أشدها بؤسا ما يتصل بتكهنات التغيير الديموغرافي في عقول وقلوب المرضى من السياسيين ورجال الدين ، الضالعين في إستمرار زعزعة الأمن والنظام ، ومحاولات عرقلة جهود تنظيم التخطيط الحضري والإقليمي للمحافظات ، مثلما يطالب به بعض أعضاء مجالس المحافظات بعد الإحتلال ، بإعادة التسمية السابقة للمحافظات لأسباب طائفية ومذهبية مقيتة ، دون معرفتهم بأن ( قيام بعض مجالس المحافظات بتبديل إسم المحافظة لا سند له من القانون وأن تغيير أسماء المحافظات يحتاج إلى تدخل تشريعي ) ، حسب قرار مجلس شورى الدولة رقم (46) لسنة 2007 .

وعليه يتوجب على المختصين وذو الشأن في ذلك ، أن يكونوا دقيقين وحذرين عند إطلاق التسميات المعرضة للتغيير والتبديل لأي سبب كان ، تحت شعار ( كلما دخلت أمة لعنت أختها ) ، لما يتميز به تأريخ العراق العظيم في هذا الجانب وغيره ، من عدم الثبات والإستقرار في الرؤى والمعتقدات السياسية والدينية الطائفية والمذهبية ، فخلال (50) سنة تم إستبدال إسم مدينة في العاصمة العراقية بغداد أربع مرات إلى ( مدينة الثورة ومدينة صدام والمدينة المنورة ومدينة الصدر) ؟!، وكلها تسميات بدوافع سياسية طائفية ومذهبية مقيتة ، والحديث في هذا المجال يطول ، إذا ما تطرقنا إلى إضافة كلمة (المقدسة) إلى أسماء بعض المدن والمحافظات ، التي غرقت بإرتكاب بعض أبنائها لجميع المعاصي والذنوب والموبقات ، دون أن نرى في سلوك وتصرفات بعضهم ما يوحي إلى تأثير قدسيتها عليهم ؟!. كما أطلقت تسميات بعض الأشخاص على الشوارع الرئيسة والفرعية لعدة أسباب ومنها نيله صفة الشهيد ، ثم سرعان ما لبثت أن تم إستبدال تسميتها بغيره لتغير توجهات التقييم بمقادير غير طبيعية ، بل مختلفة ومغايرة للوصف وبشكل معكوس تماما ، وقد زيد على وصف أسماء بعض الأشخاص إضافة ولصق عبارة ( قدس سره ) ، لغرض إقامة الأضرحة والمزارات وتسمية الشوارع ومناطق السكن بأسمائهم بدوافع إظهار العقائد المختلفة وتمييزها عن غيرها ؟!، ولما كانت القدسية تعبيرا عن الشيء المبارك الذي يبعث في النفس إحتراما وهيبة لخصوصية مكان أو أرض أو كتاب منزل ، نعرف حقيقته بقدر من الفهم والوعي والإدراك السليم ، الذي يتقاطع مع معنى السر المبهم والخفي ، فإنه لا يجوز ولا يعقل ولا يمكن أن نقدس سرا لا نعلمه ، خاصة وأن من يطلق عليهم ( قدس سره ) بشر مختلفون في العقائد ، وقد يكونون من أصحاب البدع والضلالات الدينية ، كما إن التقديس لا يقصد به الأشخاص لذواتهم أيا كانوا ، ولم يرد في القرآن الكريم ولا في السنة النبوية تقديسا لنبي أو رسول ، فكيف بنا نطلق القدسية على من دونهم بكثير . ولعل آخر ما تم إستحداثه هو محافظة حلبجة سنة 2014 ، لأسباب سياسية من أهدافها التمهيد لإستقلال إقليم كوردستان ؟!.