تكرر سيناريو سقوط المحافظات العراقية للمرة الثانية خلال ربع قرن من تاريخ العراق الحديث في ضل وجود نظام سياسي يحكم البلد .
المرة الأولى كانت في عام 1991عندما قامت جماعات مسلحة إسلامية معارضة للنظام السابق بالسيطرة على المحافظات الجنوبية للبلد تحت اسم الثورة الشعبانية في حين أسمها النظام الحاكم في وقتها بالحركة الغوغائية .أحتضن أهل الجنوب هذه الجماعات أو سكت عليها عندما قامت هذه الجماعات المسلحة بأحراق المقرات و دوائر الدولة وقتلت أعضاء حزب البعث والقوات العسكرية وبعض المؤيدين للنظام وعلقت جثثهم على أعمدة الكهرباء، والحمد لله أن الذكرة مازالت طرية وتتذكر الصور التي كانت تبثها القناة الرسمية في ذلك الوقت .اتهم النظام حينها ايران بدعم هذه الجماعات المسلحة للقيام بثورة اسلامية مشابهة لتلك التي حدثت في ايران عام 1979 خصوصا وانها اتخذت نهج أسلامي وأستخدم النظام السابق مختلف أنواع الأساليب لقمع هذه الجماعات .
والمرة الثانية هو مايحدث الان في عام 2014 عندما قامت جماعات مسلحة إسلامية معارضة للنظام الحالي بالسيطرة على المدن والمحافظات الغربية والشمالية للبلد أطلق عليهم النظام الحاكم الان أسم تنظيم داعش وتم أحتضانها ايظا من قبل سكان محافظات الغرب والشمال وايظا قامت هذه الجماعات بأحراق المقرات و دوائر الدولة وقتلت ومثلت بجثث القوات العسكرية والمؤيدين للنظام الحاكم الان وهذه الصور تبث يومياً على القناة الرسمية الآن.أتهم النظام الحالي دول الخليج بدعم هذه الجماعات المسلحة لأقامة دولة اسلامية في العراق وسوريا خصوصاً وهي تحمل ايظا نهج أسلامي وأستخدم النظام الحالي مختلف أنواع الأساليب لقمع هذه الجماعات .
العامل المشترك بين ماحدث في عام 1991 وما يحدث الان في عام 2014 هو انه قام على نهج اسلامي طائفي لأنه كما هو معروف في العراق أن المحرك الأول للشارع هم رجال الدين.فعندما شعر سكان المحافظات الجنوبية ذات الأغلبية الشيعية بالتهميش والأقصاء من قبل نظام يحكمه رجل سني أحتضنوا هذه الجماعات المسلحة الاسلامية المدعومة من بعض رجال الدين الشيعة في عام 1991 للخلاص منه ، وعندما شعر سكان المحافظات الغربية والشمالية ذات اﻷغلبية السنية بالتهميش والأقصاء من قبل نظام يحكمه رجل شيعي الآن أحتضنوا هذه الجماعات المسلحة الاسلامية المدعومة من بعض رجال الدين السنة .
أن أعتماد النظام السابق المحسوب على السنة على العنف بالكامل في حل مشاكله الداخلية مع الشيعة والأكراد المعارضين له ولد كره من هذه الطوائف لأي قيادة سنية لذلك هم الآن مجردين من اي صلاحيات حتى وأن مسكوا مناصب رفيعة في الدولة .وأن أعتماد النظام الحالي المحسوب على الشيعة على العنف وسياسة الكيل بمكالين مع السنة والاكراد ولد كره وعدم ثقة في أي قيادة شيعية تحكم البلد لذلك حتى بعد تغير رئيس الوزراء السابق نوري المالكي مازالت الكتل السياسية التي تمثل الطوائف متخاوفة من رأس السلطة الشيعي الجديد رئيس الوزراء حيدر العبادي خصوصاً وأن من صنع وأوصل نوري المالكي الى حكم نفسه صنع وأوصل حيدر العبادي .
السبب بين سقوط المحافظات في 1991 وسقوطها الآن واحد وهو نتيجة لسياسة النظام الحاكم ولكن ما يعطيه بعد طائفي أكثر الآن أن السنة لم تنتخب النظام السابق ولم يكن يمثل طائفة معينة ولكن النظام الحالي اي من بعد 2003 أنتخب من قبل الشيعة فقط وهو يمثل الشيعة وليس كل الطوائف في العراق للذلك كان عليه أن يسعى لأرضاء السنة والاكراد قبل الشيعة ولكنه لم يفعل وأعتمد بالكامل على التوافق الامريكي الايراني على بقائه وتجاهل التوافق السني الكردي الشيعي على بقائه .أن سياسة النظامين ولدت النزعة اﻷنفصالية التي باتت تبحث عنها الطوائف في مختلف أرجاء العراق عبر الحكم الذاتي في الأقاليم فالأكراد أستقلوا بأقليمهم وهو خارج سيطرة الدولة وقراراتها لاتبطق فيه والسنة باتوا يبحثون عن أقليمهم لكي يشعروا بالأمان والقليل من الحرية و الأيزيدين والتركمان كذلك وحتى بعض المعارضين في الجنوب باتوا يتكلمون عن أقليم جديدة يسعون فيه للخلاص من سلطة العمائم التي باتت تسيطر قرارات الدولة.
الجميع يدرك أن بلد مثل العراق متنوع الأطياف والقوميات والأديان لايمكن أن يحكم بسم الطائفة أو من رجل يظهر أنتمائه الطائفي وأكبر دليل على كلامي أن الناس والأعلام من مختلف الطوائف في العراق مازالت تترحم على الزعيم عبد الكريم قاسم الرجل الشيوعي الذي لم يظهر أنتمائه الطائفي أثناء فترة حكمه وهذا مايحتاجه العراق الآن أو أن يذهب الى التقسيم القومي والديني والمذهبي أذا بقى الشعب العراقي متمسك بخياره الطائفي .