لا يمكن لاي طرف من الاطراف انكار دور العشائر في حربها ضد تنظيم داعش الارهابي، فالبرغم من سيطرة هذا التنظيم المسخ على مدنهم منذ اكثر عام، ومعاناة ابنائهم النزوح والتهجير في عملية افرغت المدن من اهلها الا ما بقي منهم تحت رحمة العوز والارهاب، الا انهم اصروا على ثوابتهم التي لم تتغير بالرغم من المحن التي واجهوها مؤخراً.
وقد يكون المؤشر الاول لدور العشائر هو موقفهم البارز في ايواء النازحين ومساعدتهم٬ لقد استقبلوهم بالرغم من ظروفهم الاستثنائية والتضحيات التي قدموها جراء معارضتهم لنهج تنظيم داعش الذي اراد ان يصادر دورهم من خلال اجبارهم على البيعة له، وهو امر رفضوه بالرغم من كل الضغوط التي مورست عليهم سواءً تلك التي اعتمدها الارهاب من خلال ممارساته البعيدة عن الدين والاخلاق، انتهاءاً بالدور الحكومي الخجول في حل مشكلة النازحين ومشكلة تسليحهم من اجل تحرير مدنهم.
وهنا وجدت العشائر نفسها انها امام مفترق طريق اما بالذهاب الى نهاية معروفة مجهولة النتائج والعواقب او الوقوف مع الاهل بالرغم من كل التحديات.
فكان لهم الدور الابرز في ايواء النازحين من مختلف الانتماءات الدينية والمناطقية والقومية ولم يفرقوا بين اي عراقي وفقاً لتصنيفات وضعتها اطراف تتبع اجندات معروفة ومعلومة النوايا، فضلاً قتالهم الارهاب في معارك اثبتت بانهم اهل لهذه المهمة التي استنكرها البعض نتيجة مخاوف لا اساس لها وكان اشدها وصمهم بالخيانة ومهادنة الارهاب الذي اقتص منهم بجرائم لم تشهد الانسانية مثيلاً لها الا في قصص الابادات الجماعية التي حلت ببعض الاقوام.
ولعل الدور الذي يجب على الجميع ان يعيه بشان العشائر، هو ان يكون لهم مساهمة فاعلة في رسم ستراتيجة مدنهم الامنية والسياسية فضلاً عن الاقتصادية، وهذا امر اولت السلطة التشريعية اهتماً له وجعلته من اولوياتها التي تعمل عليه خلال المرحلة المقبلة، وقد يكون الاعلان عن عقد مؤتمر يهدف حل مشكلة النازحين في المحافظات الستة (بغداد والانبار وصلاح الدين وديالى وكركوك ونينوى) بعد القضاء على تنظيم داعش، دليلاً على نية مجلس النواب ورئيسه في ايجاد الحلول الناجعة للمدن التي تعرضت لابشع عمليات الاستهداف والتشريد.
ولابد الاعتراف ان الامر سيكون صعباً في بادئ الامر، لكن التحدي الحقيقي عندما تتفق الاطراف المعنية على الية لدرأ الخطر عن مدنهم والقدرة على اعادة اعمارها بما يتلائم مع التضحيات الكبيرة، والتفاهم على المشتركات التي تفضي الى عبور المرحلة ومغادرتها نحو مفهوم التعايش وفق شروط قوة واهمية هذه المدن، وهذا امر تدركه كل الجهات بما فيها المؤوسسة التشريعية التي تدعم مطالب ابناء الشعب بدون استثناء.