بعد التغيير عام 2003، أصبحت الانتخابات؛ هي الفيصل في تحديد حجم الكتل السياسية، الممثلة لأطياف الشعب العراقي، وبناء على نتائج تلك الانتخابات تتشكل الحكومة، ليتولى كل مكون مواقع حكومية؛ حسب ثقله في مجلس النواب، هذه الطريقة تتعرض لانتقادات عديدة، دون طرح بدائل مناسبة، لكن هي محاولة لغمز طرف أو مكون يشكل الأغلبية، وجزء من محاولات توهين العراق الجديد.
نجد أن معظم منتقدي هذه الطريقة، من أصحاب الأجندة المعادية للتغيير، لأسباب طائفية أو بقايا النظام البائد.
العودة لأسباب اتخاذ هذه الطريقة وبداياتها، فان المكون الأكبر وممثليه، طرحوا موضوع الرضوخ لصناديق الاقتراع، ومن يحقق الأغلبية يقوم بتشكيل الحكومة، الآمر الذي رفضه الشركاء الآخرين، كون الشيعة هم الأكثرية السكانية في العراق، مما يعني أنهم من سيفوز بأي انتخابات، وقد حاول ممثلي الأغلبية؛ أيام المعارضة إقناع الشركاء؛ بأن تحقيق الأغلبية لا يعني استثناء الآخرين، أو حرمانهم من المشاركة بالحكم؛ دون جدوى، وقد اثبتوا ذلك بعد التغيير عندما قاطع المكون السني الانتخابات الأولى، تم تعيين ممثلين عنه، في لجنة كتابة الدستور، وتم توليتهم عدد من الوزارات، وحسب حجمهم السكاني.
على هذا كانت هذه الطريقة هي المتبعة في إدارة الدولة العراقية، وهي طريقة ليس فيها ما يعاب؛ على أن تكون الأولوية للكفاءة والنزاهة، وليس للانتماء الحزبي، ويتم اختيار هؤلاء من بين أبناء المكون، ولا يخلوا أي مكون من مكونات الشعب، من شخصيات تملك الكفاءة والنزاهة، قادرة على إشغال حصة المكون ضمن الحكومة، فأن اكبر مكون لا يمكن أن تكون عدد مواقعه؛ ضمن الحكومة المركزية أكثر من 200 موقع، فأي مكون ليس بين أبنائه هذا العدد من الكفوئين؟!
لكن بعض الأحزاب المشاركة في العملية السياسية، استخدمت المحاصصة داخل المكون نفسه، لا بل بعضها استخدم المحاصصة داخل الحزب نفسه مناطقيا، أو اختصار المواقع على فئة معينة من ملاكات الحزب، وعدم منح الكفوئين فرصة لتولي أي موقع حكومي، هذا خلق طبقة سياسية تتبادل الأدوار داخل الدولة، فمن لا يكون عضو مجلس نواب يتولى منصب تنفيذي، وهكذا..
أذن الخلل ليس بالمحاصصة كنظام، إنما الخلل في تضييقها إلى المستوى “المعاصصة” الذي وصلت إليه، هذا الأمر الذي لم تتمكن حكومة التغيير تجاوزه، فعندما تأخرت الكتل السياسية في التوافق على توزيع الهيئات المستقلة بينها، ولحاجة الحكومة لعمل بعض المواقع الشاغرة، لجأت إلى التعيين بالوكالة، فكان الاختيار يخضع للمحاصصة بمفهومها الضيق.
حيث تم اختيار ثلاث شخصيات لثلاث مواقع، اثنان منها نواب سابقين لم يحصلوا على ثقة أبناء محافظاتهم، مما اشر على سياسة تبادل الأدوار التي اشرنا إليها، والثلاث ينتمون لطائفة وكتلة سياسية واحدة، حين كان بإمكان الحكومة معالجة الآمر، باختيار الشخصيات من طوائف أو كتل مختلفة، لذا تعالت الأصوات الرافضة لهذا التعيين، وبدأت المخاوف من تكرار الطريقة السابقة، التي دمرت مؤسسات الدولة طيلة الفترة المنصرمة….