المجلس الأعلى كان في مقدمة الحركات المجاهدة التي واجهت وعايشت المتغيرات الكبيرة التي ألقت بظلالها على خارطة البلاد، ومرّ المجلس الأعلى بظروف عصيبة وإستثنائية؛ كونه من الرعيل الأول والحركات المجاهدة الأم التي إنبثقت منها حركات وتيارات أخرى.
بُني المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي تأسس عام ،1982 على أهداف ومتبنيات إسلامية وطنية وكان السيد محمد باقر الحكيم رمزاً إسلامياً وطنياً إلى جانب شخصيات وتنظيمات أسلامية عدة، عاصرت السيد الحكيم بمسيرته الجهادية ومازالت تقود مسيرة المجلس الأعلى.
أعلن السيد “محمد باقر الحكيم” بيان التأسيس في طهران، عام 1982 وفي ذات الوقت تم إذاعته في سوريا ولبنان بواسطة القيادي “باقر الزبيدي” الذي مازال البعض يعرفه بإسمه الحركي “بيان جبر صولاغ” وكان السيد الحكيم أحد “الطلاب الأربعة للسيد “محمد باقر الصدر” الذين أطلق عليهم تسمية “القيادة النائبة” وهم (الشيخ محمد مهدي الآصفي، السيد كاظم الحائري، السيد محمود الهاشمي الشاهرودي) .
تأسس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق بعد إندلاع حرب الثمان سنوات؛ التي أشعل فتيلها صدام حسين لتنفيذ مصالح وأهداف عدائية ضد الثورة الإسلامية في إيران، بدوافع خارجية وإنطلق بعدها المؤتمر الموسع “للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق” وشمل شخصيات وقوى إسلامية كان أهمها حزب الدعوة الإسلامية والسيد محمود الهاشمي الشاهرودي والسيد محمد باقر الحكيم، واختير الهاشمي رئيساً والحكيم ناطقاً بإسم المجلس الذي سرعان ما بدأ تشكيل سراياه الحربية التي قارعت النظام البعثي المستبد.
ضم المجلس الأعلى بعد تأسيسه بعض العلماء والقوى السنية مثل “حزب الله” الكردي الذي يتزعمه الشيخ محمد خالد البرزاني شقيق الملا مصطفى، وتشكل المجلس الأعلى حينها من هيئة عامة تضم 80 عضواً يكون على عاتقهم إنتخاب “الشورى المركزية” وهي مركز اتخاذ القرار في المجلس، حيث يكون على عاتق أعضاء الشورى المركزية إختيار “هيئة قيادة” تتكون من رئيس وأعضاء وهي أعلى سلطة تنفيذية وكان “فيلق بدر” ووحدة المعلومات الاستخباراتية والعلاقات الدولية أو السياسية أحد الأذرع الساندة للمجلس.
إختير السيد محمد باقر الحكيم عام 1986 رئيساً للمجلس بدلاً من السيد محمود الهاشمي، حيث بدأ المجلس بفتح قنـوات للحوار مع الولايات المتحدة غداة تحرير الكويت عام 1991، عندما تدخلت واشنطن علناً في العمل المعـارض للنـظـام البعـثـي، وشارك في مؤتمرات المعارضة العراقية، ماعدا مؤتمر فيينا، منخرطـاً مع جميع القـوى الوطنية والإسلامية الأخرى في مواجهة بغداد. وكانت ذروة هذه العلاقات الإعلان الأميركي قبل مؤتمر لندن للمعارضة العراقية عام 2002 الذي اعترف بالمجلس فصيلاً رئيساً في الساحة العراقية، “وعارض المجلس الأعلى غزو العراق على رغم إن معارضته تركزت على أسلوب الأميركيين الانفرادي. ولدى عودة السيد محمد باقر الحكيم إلى العراق في أيار مايو عام 2003 استقبله عشرات الآلاف من أنصاره الذين خطب فيهم رافضاً “حكومة مفروضة على العراقيين، ومطالباً بـنظام أسلامي عصري ينسجم مع أساليب هذا العصر والزمان ومع التطورات الاجتماعية”.
وشهد المجلس انسحابات عدة في صفوفه، كان أهمها إنسحاب حزب الدعوة الذي أعتبر أن المجلس تحول إلى حزب بدوره، فيما المفترض أن يكون أطاراً جامعاً لجميع القوى والأحزاب، ثم إنسحبت منظمة بدر بعد وفاة السيد عبد العزيز الحكيم وتسنم نجله السيد عمار قيادة المجلس؛ وأخيراً إنسحب السيد عمار من المجلس الأعلى إثر خلافات بالرؤى والأهداف مع قيادات المجلس الأعلى وشكّل تياره الجديد “الحكمة”؛ حيث أثرت هذه الانسحابات على تركيبة المجلس الأعلى وأعلن عن برنامجه “تصحيح” الذي يهدف لتصحيح النظام السياسي وإصلاح العملية السياسية، كذلك إصلاح الأوضاع الحزبية الخاصة سواء بالأهداف أو السياسات أو الخطاب.
إنضم المجلس الأعلى الإسلامي العراقي رسمياً لتحالف الفتح لخوض غمار الإنتخابات النيابية التي ستقام قبيل منتصف أيار المقبل