23 ديسمبر، 2024 10:30 ص

المجلس الأعلى لحماية الفساد

المجلس الأعلى لحماية الفساد

خطوة جيدة، ولكنها مشروطة بجملة إجراءات واقعية على الأرض تتخذ، وتقنع الناس، وإلافهذا المجلس سيكون بالفعل كما هو في المانشيت أعلى المقال، وبدلا من تسميته المجلس الأعلى لمكافحة الفساد، سيكون المجلس الأعلى لحماية الفساد.

خذ مثلا.. في الأمس أصدر المجلس الأعلى لمكافحة الفساد بيانا بعد إجتماع عقده برئاسة عادل عبد المهدي، وكان من عباراته التي وردت وأزعجت الرأي العام تضمنت مطالبة صريحة لمن ينشر من أشخاص وجهات وعبر وسائل الإعلام إتهامات لمسؤولين بالفساد أن يأتوا بالأدلة والبراهين في غضون أسبوعين وإلا فالمجلس يمكن أن يقوم بإتخاذ تدابير قانونية ضدهم!

هذا البيان يمكن أن يصدر من مجلس إسمه مجلس حماية الفساد، وليس مكافحة الفساد، فالفاسدون حين يسمعون بمثل هذه القرارات والبيانات والإجراءات فإنهم يطربون ويهللون لها، ويتغنون بها، ويرون فيها وسيلة للهرب من المسؤولية والمحاسبة، ولأن أي جهة، أو شخص يعلم علم اليقين بوجود فساد فإنه سيخشى أن يقع الفأس برأسه، ويتجنب الخوض في مثل هذه البلوى.

من يبرر للبيان، ولتلك المطالبة ربما سيقول، إن المجلس يريد أن يدفع بالناس الى الجدية أكثر، وأن يقدموا تلك الأدلة الى المجلس لتكون بين يدي المسؤولين، ويتخذ القانون مجراه كما يقال، وتتم المحاسبة الفعلية، وهناك من يجد إن هذا الإجراء يمكن أن يساعد في تطوير آليات العمل والتنسيق بين جهات مختلفة لتحقيق منجزات فعلية وواقعية ينتظرها المواطنون والمتضررون من الفساد والمفسدين.

حتى اللحظة فإن رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي يجيد تقديم الوعود المنمقة، والتلويح بعصا الملاحقة القانونية ضد المفسدين، وهو يعلم أن لاأحد بعيد عن تهمة الفساد حتى هو شخصيا حيث يتناوله الناس بالتجريح، والحديث عن حوادث سابقة أيام كان وزيرا لهذه الوزارة وتلك، وإن هناك فاسدين مقربين منه، وفاسدين من جهات متنفذة تحكم الدولة، وهو يدري في سره إن الكثير من المسؤولين أوغلوا في الفساد، وعاثوا خرابا في الدولة ومؤسساتها لحساب أحزابهم، والدليل أن لاأحد يتوقع منه أن يقوم بملاحقة وتعقب كبار الزعامات التي أثرت خلال مدة وجيزة.

لو يراجع عبد المهدي ضميره لقال معي، أن لامسؤول في الدولة إلا وإستحق المحاسبة والسجن، فهناك مناصب رفيعة يحصل من يتولاها على مرتبات خيالية، ومنافع كبيرة ويثري على حساب المال العام، وإلا فمن أين أتى آلاف الموظفين والمسؤولين بتلك القصور والسيارات والحسابات البنكية، وقد كانوا لايملكون قوت يومهم في السابق، ومن أين أتى هولاء بالمليارات من الدولارات والدنانير وهم كانوا قبل 2003 يعيشون في الخارج على المساعدات التي تقدمها الدوائر البلدية وأجهزة المخابرات في دول بعينها.

الأجهزة التي نؤسس لها للأسف لاتنفع بشيء، وهي عاجزة عن تحقيق شيء لأن المتحكمين بالبلاد وبمؤسساتها ووجودها هم المفسدون أنفسهم، وهم الغالبون حتى يأذن الله بحدث ما يغير المعادلة الراهنة.