بقدر مايزداد القلق والتوجس في أوساط النظام الايراني من جراء الفشل في إجبار الولايات المتحدة الامريکية على العودة للإتفاق النووي وبالتالي التخلص من العقوبات الامريکية القاسية جدا وکذلك الفشل بسبب من ذلك في تحسين الاوضاع الاقتصادية بالغة السوء، فإن هناك قلق مواز لذلك من جراء التحرکات والانشطة التي تجري في أروقة المنظمات الدولية المعنية بحقوق الانسان بشأن فتح ملف قضية مجزرة صيف عام 1988، والتي جرى خلالها إعدام 30 ألف سجينا سياسيا من أعضاء وأنصار منظمة مجاهدي خلق بموجب فتوى ظالمة وغريبة من نوعها من جانب خميني وکذلك فتح ملف قضية الانتهاکات والجرائم التي قام بها هذا النظام خلال إنتفاضتي عامي 2018 و2019.
الاجتماع الاخير الذي عقده مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، والذي تحدثتا فيه ممثلتا الرابطة الدولية لحقوق المرأة والرابطة الدولية للمساواة وطالبتا مجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق حول مجزرة 1988 والانتهاك الواسع لحقوق الشعب الإيراني في انتفاضتي 2018 و 2019. يمکن إعتباره مصدر قلق حقيقي للنظام الايراني ولاسيما وإنه قد جرى فيه التأکيد مجددا على ماکان قد أعلنه سبعة من المقررين الخاصين للأمم المتحدة في 3 سبتمبر 2020، من إنه:” قتل السجناء السياسيين في عام 1988 قد يكون جريمة ضد الإنسانية. وأخفى مسؤولو النظام الإيراني قسرا آلاف المعارضين السياسيين المسجونين هذا العام وأعدموهم خارج نطاق القضاء. وتتعرض عائلات الضحايا والناجين والمدافعين عن حقوق الإنسان اليوم للتهديد والهجوم باستمرار لمساعيهم في متابعة المعلومات حول مصير وأماكن وجود الأفراد ومطالبتهم بالعدالة”، والذي يزيد ويضاعف من قلق النظام الايراني إن ملف مجزرة صيف 1988، مطروح أيضا في محاکم في هولندا وفي السويد، وإن هکذا تحرك على هذه القضية تحديدا وعلى ملف الانتهاکات والجرائم التي وقعت أثناء الانتفاضتين التي وقعتا عامي 2018 و2019، يعني الکثير للنظام الايراني خصوصا وإن ذلك يتزامن کما أسلفنا مع فشل وإخفاق أکثر من واضح للنظام الايراني في تحقيق أي تقدم على مسار إحياء الاتفاق النووي القديم والذي قال المدير العام للوکالة الدولية للطاقة النووية في آخر تصريح له بأنه يعتقد أن الاتفاق القديم قد مات، کما إنه يتزامن أيضا مع تصريحات متشددة أخرى لمستشار الامن القومي الامريکي جيك سوليفان والتي تحذر النظام الايراني من إنه سيدفع ثمنا باهضا إذا ماسلك خط التهديد.
الاوضاع الحالية من خلال مايجري من عمليات شد وجذب بين النظام الايراني وبين المجتمع الدولي والتي ترتبط کلها وفي خطها العام بالتصرفات والنشاطات المريبة والمقلقة للنظام الايراني، وبروز ملفي مجزرة عام 1988، وملف الانتهاکات والجرائم التي وقعت أثناء إنتفاضتي عام 2018، و2019، قد يکون من شأنها دفع الاوضاع بإتجاه مسار قد يٶدي الى قلب الطاولة على رأس النظام الايراني رأسا على عقب.